إقبال بركة :النيل نجاشى

437

شكشكة
النيل نجاشى

إقبال بركة

يعجز خيالى عن تصور مصرنا الحبيبة بلا نيل، نهر النيل، أطول أنهار العالم، شريان الحياة الذى امدها بالروح والقلب والنماء، هل كان وافدا وغريبا؟! ما أعظم أبنائك يامصر إذن..! الذين استغلوا ذلك الضيف العظيم وعرفوا قدره وشيدوا بفضله أعظم حضارة على وجه الأرض. ماذا قدم الآخرون الذين نبع من أرضهم النيل ومر بين تلالهم وروابيهم وهضابهم ولكنهم لم يلحظوه ولم يقدروه وظلوا تائهين في أحراش التخلف والفقر؟!. من يستحقك يانيل؟ الذى زرع بفضلك الخير وشيد الممالك وأسس الحضارات، أم الذى عمى عن أفضالك وتجاهل خياراتك وظل سادرا تائها في ادغال التخلف والفقر؟. ظهرت العنقاء فجأة بعد طول غياب لتوسوس للغافلين المغيبين كى يحرموا أبناء النيل المخلصين من شريان حياتهم.
وقد لا يعرف البعض معنى عبارة «النيل نجاشي» التى طالما سمعناها ومتى قيلت. فالنيل ينبع من إثيوبيا، أى انها بدايته، ولكنه ينطلق منها ليمر ببلدان أخرى تشاركها الحق فى استغلال مياهه، كما يحدث مع كل أنهار العالم. ويرجع تاريخ «الحبشة- إثيوبيا» إلى آلاف السنين. وقد تمتعت الإمبراطورية الإثيوبية بالاستقلال المطلق كدولة مستقلة ذات سيادة وبيننا، كمسلمين وعرب تاريخ طويل مع إثيوبيا، وكان للكنيسة الإثيوبية علاقة قوية بالكنيسة القبطية في مصر، بالإضافة إلى الأقليات التي كانت تعيش بالبلاد من مسلمين ويهود وروحانيين.
وفي السنة الخامسة للدعوة «بين 610 – 629 م» نصح الرسول عليه الصلاة والسلام المسلمين بترك مكة «مؤقتا» والهجرة إلى الحبشة لأن فيها «ملك لا يُظلم عنده أحد، عادل في حكمه، كريم في خلقه»، هكذا وصف الرسول ملك الحبشة، ونصح أتباعه بالهجرة اليها، وكان عددهم في ذلك الوقت ثمانين رجلاً غير الأطفال والنساء، حيث يستطيعون العيش في سلام آمنين على أنفسهم وعلى دينهم، وهو ماحدث بالفعل، واستقبلهم ذلك الملك العظيم وأحسن وفادتهم، ورفض أن يتخلى عنهم ويسلمهم لمن جاءوا يستردوهم من كفار مكة، لذلك لم يكن غريبا أن يصلى الرسول صلاة الغائب على النجاشى بعد وفاته.
اليوم نسمع من وزير الخارجية الإثيوبي إن النيل لم يعد نهرا مشتركا، بل هو بحيرة إثيوبية داخلية! وأن ماتم من اتفاقيات بشأنه هى اتفاقيات تاريخية قديمة لا تعتد بها بلاده!
إذن لا مفر من تدويل النزاع وتحويله الي مجلس الأمن لمناقشته وإصدار حكم يرغم حكام إثيوبيا على تنفيذه.

التعليقات متوقفه