بعد الانتهاء من تطبيق قانون التصالح:وقف البناء العشوائى والحد من المخالفات .. تحديات تواجه الدولة

الاشتراطات الجديدة غير كافية لضبط منظومة البناء فى مصر

1٬589

أحمد خيري: مطلوب تفعيل آليات الرقابة وتوزيع المسئولية على عدة جهات

ابتهال أحمد: الكثافة البنائية المرتفعة لا يصلح معها الاشتراطات الموحدة

سمير عبدالوهاب: مراعاة خصوصية المناطق والجدية فى متابعة المخالفات

إسماعيل طنطاوى: ضرورة تطبيق الاشتراطات دون تمييز وفتح الجراجات

تسعي الدولة ممثلة فى وزارات الإسكان والتنمية المحلية الى وضع اشتراطات بنائية جديدة لضبط منظومة البناء، وإزالة التشوهات التي حدثت للعمران في مصر خلال السنوات الماضية، من خلال التعاون مع أساتذة التخطيط بالجامعات المصرية لمراجعة الاشتراطات التخطيطية والبنائية بالمدن الكبرى بالمحافظات، والبداية بمدن (القاهرة، والجيزة، والإسكندرية)، بما يحقق ضبط العمران خاصة أن البناء العشوائي أو غير المخطط أصبح يمثل نحو 50% من الكتلة العمرانية لكل المدن والقرى المصرية، الوضع الذى جعل الحكومة تواجه تحديا كبيرا لحل مشكلة البناء العشوائي أو غير المخطط فى الوقت الحالى.

ووفق الاشتراطات المبدئية، فإن الحد الأقصى للارتفاع على سبيل المثال في مناطق فى نطاق الجيزة سيكون 13.5 متر أو 5 أدوار، بما لا يزيد عن مرة ونصف عرض الشارع.

وحددت الاشتراطات الحد الأدنى لمساحة قطعة الأرض في الاستعمال السكني بـ200 متر، على أن يكون الحد الأقصى لتلك المساحة 4200 متر، على ألا تتعدى نسبة البناء عليها عن 50%.

واشتملت الاشتراطات الجديدة، الالتزام بتطبيق كود انتظار السيارات على جميع الاستعمالات المصرح بها، وأن يكون منسوب سقف البدروم لا يزيد على 120 سم من الصفر المعماري، مع احتساب درجة ميل مداخل ومخارج الجراجات من حد الملكية، بالاضافة الى الالتزام بتطبيق دليل للأنشطة، والذي يحدد نوعية الأنشطة التي تصلح في كل منطقة، من حيث متطلبات النشاط، واحتياجات المدينة، والالتزام بخطوط التنظيم.

وقد  أكدت وزارة الإسكان أن مشروعات إعداد الاشتراطات التخطيطية والبنائية بالمخططات الإستراتيجية المعتمدة لضبط العمران سيتم تعميمها على المدن الكبرى بالمحافظات، كما تتولى الجامعات الإقليمية بالمحافظات إعداد الاشتراطات التخطيطية والبنائية بما يتناسب مع طبيعة المدن بالمحافظات مع توحيد الأسس العامة للاشتراطات والضوابط.

ومن المقرر بعد الانتهاء من الصيغة النهائية لمشروعات إعداد الاشتراطات التخطيطية والبنائية، سيتم عرضها على المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية لاعتمادها.

اشتراطات واضحة

وفى سياق متصل قال د.أحمد خيري” أستاذ بكلية الهندسة جامعه الإسكندرية” أن المرحلة المقبلة تتطلب وضع اشتراطات بنائية واضحة يشرف عليها عدة جهات بحيث لانترك الباب لجهة واحدة تتحكم وتفسد ويتسلل إليها ما تسلل للمحليات من فساد ورشاوى لذا لابد من توزيع المسئولية على عدة جهات من أجل الحصول على الموافقات مع امكانية المراجعة والتحرى عن حقيقة مايطبق والصلة بين الرخصة الممنوحة والاشتراطات الخاصة بالمكان وذلك من حيث المبدأ.

وتابع، أنه من ناحية التخطيط ، يلزم فى عملية وضع الاشتراطات والمواصفات والتقنين أن يتم رفع كل الأماكن التى تصلح للبناء من حيث المساحة وأن توضع ضمن خرائط معلنة ويتم إسناد ذلك ليس على سبيل البناء الفردى فى المرحلة الحالية انما تمنح تصنيفات وأكواد ويتم مناقصات على هذه المسطحات وتبنى من خلال جمعيات إسكان أو مؤسسات لديها امكانيات متميزة.

ولفت إلى أن هناك مايزيد على 4 ملايين مخالفة معمارية على مستوى الدولة لأسباب تتعلق بالفساد فى إصدار التراخيص فضلا عن غياب المتابعة والتنفيذ، بالإضافة إلى التحايل على عقوبات المخالفات.

مؤكدا أن النجاة الحقيقية من تكرار ما حدث من كوارث معمارية وانشائية فى مصر على مدار السنوات الماضية، أن يتم اسنادها إلى هيئات أو جمعيات مدللا بذلك أن معظم المواطنين فى دول أوربا مثل بريطانيا يستثمرون أموالهم فى جمعيات الإسكان التى تملك ما تستطيع أن يكون العائد مربحا للغاية.

مشيرا إلى أهمية تقليل مدهة إصدار التراخيص بحيث لاتزيد على سنة بدلا من 3 سنوات لما يترتب على ذلك من مشاكل تتعلق بالزمن مثل تضاعف تكلفة البناء الوضع الذى يدفع المواطنين إلى المخالفة والبناء بدون تراخيص.

الكثافة البنائية

وقالت د.ابتهال أحمد” استاذ بكلية التخطيط الاقليمي بجامعه القاهرة” أن المشكلة تكمن فى أن اشتراطات البناء التى كانت موجودة كانت موحدة فى كل المناطق ولكن فى الوقت الحالى هناك أبعاد أخرى تتعلق بكثافة الأنشطة التجارية حيث أصبحت متزايدة، وبالتالى فنحن بحاجة إلى اشتراطات بنائية جديدة تتناسب مع الكثافة البنائية المرتفعة.

وأضافت أن اشتراطات البناء معروفة والتى تتعلق بعلاقة عرض الشارع بارتفاعات المبانى، موضحة أن شكل المبانى والحفاظ على التراث والمناطق ذات أبعاد تاريخية جميعها أمور تدخل فى إطار التنسيق الحضارى الذى ينظم العمران لوقف حالة التدهور ، مطالبة أن تكون اشتراطات البناء غير موحدة بحيث يدخل بها اعتبارات أخرى.

لافتة إلى أهمية تفعيل آليات الرقابة والمتابعة لتنفيذ الاشتراطات البنائية فضلا عن رفع قدرات العاملين بالمحليات بالإضافة إلى فرض غرامات قاسية وتطبيقها فى حالة أى مخالفات جديدة وذلك بعد أن قننت الدولة أوضاع المخالفات القديمة بالتصالح .

خطوة غير مسبوقة

وقال م.إسماعيل طنطاوى ” مطور عقارى” أن سعى الدولة لوضع اشتراطات بنائية جديدة يعد خطوة غير مسبوقة حيث تعالج خللا عانى منه المجتمع على مدار السنوات الماضية .

وأضاف أن هذه الاشتراطات يجب أن يتم وضعها بشكل يسمح بتطبيقها على أرض الواقع دون تمييز، خاصة أن كلنا نعلم الخلل الذى حدث نتيجة السماح لبعض رجال الأعمال بارتفاعات خاصة فى بعض المدن مع العلم أن هذا كان مخالفا للاشتراطات، مؤكدا أن هذا الخلل يدفع المواطنين للمخالفة.

ولفت إلى أن من ضمن الاشتراطات الهامة التى يجب وضعها فى الاعتبار، الا يجوز إعطاء رخصة بناء لشارع عرضه أقل من 8 متر بحيث يسمح بمرور عربه مطافى أو إسعاف فى حالة الطوارىء مثل حدوث حرائق، وأن يكون ارتفاع المبنى مرتين عرض الشارع وليس مرة ونصف كما هو متداول لتحقيق الجدوى الاقتصادية، فكلما زاد ارتفاع المبنى زادت تكلفة رسوم رخصة البناء التى تخصصها الدولة فى انشاء بنية أساسية ومرافق وطرق وكبارى وخلافه، مطالبا بتجريم من ليس لديه رخص بناء جنائيا.

ولفت إلى أهمية فتح الجراجات وأن تستخدم فى تخصصها، خاصة أن فى بعض المناطق يتم استخدامها كمحلات تجارية الوضع الذى يزيد من كثافة العربات فى الشوارع، مطالبا بوضع قانون يجرم استخدام الجراجات لأغراض اخرى، كما يلزم كل مبنى يتم انشاؤه ان يكون له جراج.

مشيرا إلى أن اتجاه الدولة لمنع البناء فى مناطق معينة لابد أن يكون بشكل مؤقت لحين ايجاد حلول لمشكلة المرافق والضغط على الشبكات، مقترحا أن يتم التصالح مع أصحاب الأراضي فى هذه المناطق أما أن يتم البناء عليها كمبنى سكنى أو أن يتم استخدامها كجراجات متعددة الطوابق.

خصوصية المناطق

وقال د.سمير عبدالوهاب ” استاذ الإدارة المحلية بجامعة القاهرة” أن كل منطقة لها خصوصية معينة يجب مراعاتها من خلال وضع دليل يوضح نظام المبانى وعدد الأدوار التى لايجب تجاوزها، بالإضافة إلى توضيح طبيعة المبانى فى كل منطقة فهناك منطقة فيلات أو عمارات وغيره ، وبالتالى يجب وضع اشتراطات بنائية واضحة تناسب طبيعة المناطق.

وأضاف أنه لابد من التأكيد على الجدية من جانب الإدارات المحلية بضرورة متابعة المخالفات لتجنب حدوثها من البداية بحيث لاتقع وفى هذه الحالة لايوجد سبيل أمام الدولة سوى التصالح، كما يجب متابعة مدى التزام أصحاب المبانى بالاشتراطات الموضوعة فى التراخيص وضمان عدم الخروج عنها.

ولفت إلى أهمية تفعيل أدوات الرقابة على مستوى الإدارات المحلية ورؤساء المدن والأحياء فضلا عن رفع كفاءة العاملين والموظفين فى هذه الإدارات، خاصة أن الكثير منهم حاملو شهادات متوسطة لاتتناسب مع وظيفة مهندس فى الحى مسئول عن متابعة المخالفات وتجنب حدوثها.

التعليقات متوقفه