إقبال بركة تكتب:تحذير هام من عالم متخصص

101

شكشكة

تحذير هام من عالم متخصص    1/2      

إقبال بركة 

من أهم و أخطر المقالات التى قرأتها في إحدى الجرائد تحذير خطير للأستاذ الدكتور نادر نور الدين محمد أستاذ الأراضى والمياه بجامعة القاهرة يقول د. نور الدين فى تحذيره المهم إن منظمة الأغذية والزراعة فى تقريرها العام الماضى حضت على الحفاظ على الترب الزراعية من كل أنواع تجريفها أو البناء عليها وإهدارها وتبويرها، “لأن تعويض سنتيمتر واحد من الأرض الزراعية، كما يقول، يتطلب ألف عام حتى يمكن تكوين مثيل له”. 

تحذير مهم من عالم متخصص ينبغى الاهتمام به، وهو يفسر قوله بأن “تكوين الترب الزراعية الخصبة ليس بالأمر السهل، إنها هبة من الخالق ومن الطبيعة كمصنع دائم لإنتاج الغذاء لا يفنى ولا يبلى وليس لها عمر افتراضى، بل تظل منتجة لملايين وآلاف السنين طالما حافظنا عليها وعاملناها بالاهتمام الكافى”.

فهل تنبه المسئولون المصريون لهذا التحذير؟، هل اتخذوا قرارات فورية لتفادى الكارثة التى حذر منها عالم متخصص؟ ولكي يؤكد د نور الدين كلامه ضرب مثلا  بأراضى محافظة الإسماعيلية، التى منذ أن أوصل إليها الوالى محمد على ترعة الإسماعيلية منذ 200 سنة لبدء زراعتها كمنطقة رملية صحراوية لم تتحول إلى أراضٍ زراعية سمراء مماثلة لأراضى الدلتا، فعمل الطبيعة لتكوين الترب الزراعية يستغرق آلاف السنين.

ومن هنا، كما يقول د نور الدين كان الحفاظ على الترب الزراعية وحمايتها من التدهور والتصحر ومن البناء عليها أو تجريفها أمرًا واجبًا على كل مواطن، وهو يناشد ملاك الأراضى الزراعية بأن عليهم” أن يعاملوا مايملكون من أراض كثروة نادرة وثمينة لا مثيل لها ولا يمكن تصنيعها أو تعويضها ، فهي مصنع دائم لإنتاج الغذاء وكل المنتجات الزراعية، وأنها رأسمال ومصدر رزق، وأنها الغذاء نفسه اللازم للحفاظ على حياة البشر وحياة الأجيال القادمة”. وعلى هذا الأساس  فإن بناء المساكن الجديدة يجب أن يتم فى الزمام الصحراوى لمحافظات حواف الدلتا، وليس في أراضيها التى تتكون من ترسيبات من الطمى لا تتخللها صحارى أو جبال. 

مرة أخرى، هل وصل هذا التحذير والنداء إلى المعنيين به؟ هل يدرك ملاك الأراضي الزراعية ان الأراضى الزراعية وخدماتها من ترع توزيع وتوصيل المياه لم تتواجد من أجل البناء عليها أو لإقامة المقاهى والملاهى والفيلات والبيوت أو أكشاك البيع وغيرها، ولكن ينبغى معاملتها كوحدة واحدة للحفاظ على التربة والجسور والمياه وزمام الترع والمصارف والطرق من أجل استدامة إنتاج الغذاء والكساء والأعلاف ومختلف المنتجات الزراعية اللازمة للدولة والمواطن.

لا أعتقد أن التحذير وصل للمعنيين به والدليل على ذلك مئات الفدادين من الأراضى الزراعية الخصبة التى تم اغتصابها واحتلالها بالمبانى، بل وتأجيرها للغافلين المساكين الذين سيضطرون لإخلائها سريعا. بالتأكيد لم يقرأ أي منهم تحذيرات د. نور الدين المتكررة، والتى نبه فيها إلى أنه كان يصل إلى أراضينا 195 مليون طن طمى كل عام، ومنذ بناء السد العالى، ثم من بعده السد الإثيوبي، لم تعد هناك أى كميات من الطمى الخصب تصل إلى الحدود المصرية ولا إلى الأراضى الزراعية.. وبالتالى ليس هناك أى تعويض لما نجرفه أو نفقده من الترب الزراعية، وما أنشأناه من جسور وترع بهدف توزيع المياه لخدمة الأراضى الزراعية.  معلومة خطيرة  فهل ستسامحنا الأجيال القادمة على هذه الجريمة؟ فلنستكمل الأسبوع القادم بإذن الله تعالى.

التعليقات متوقفه