إقبال بركة تكتب:أفراح القبة

116

شكشكة
أفراح القبة

بقلم إقبال بركة
كنت أعتقد أن الاحتجاز القسرى الذى اجبرنا عليه الوباء «كورونا» أمر سيئ إلى أن قرأت رواية نجيب محفوظ «افراح القبة» فتغيرت رؤيتي بل تحولت إلى العكس. لقد ارغمنى الاحتجاز القسرى على قراءة العديد من الأعمال الأدبية، بعضها كنت قرأتها سابقا ثم نسيته. من هذه الأعمال المنسية رواية «افراح القبة». التى اعتبرتها في قراءتى الأولى رواية غامضة ومعقدة بل دهشت كيف يكتب الروائي العالمى نجيب محفوظ مثل هذا النص الغريب!.
تدور أحداث الرواية خلال حقبة السبعينيات، حيث يبدأ ممثلو فرقة مسرحية التدريب على مسرحية جديدة تحمل اسم «افراح القبة»، ثم يكتشف الممثلون أن أحداث تلك المسرحية تدور حول شخصياتهم الحقيقية، وأن مؤلف المسرحية يفضح أسرارهم المشينة التي اقترفوها فى الماضي. يحاول الممثلون إيقاف هذه المسرحية، إلا أن مالك الفرقة يُصر على استكمالها بدعوى التطهر من آثام الماضي، ويجد الممثلون أنفسهم مجبرين على الاستمرار في تمثيل أحداث مروا بها فى حياتهم الحقيقية.
فى قراءتي الأولى رأيت أن القصة معقدة وكثير من الأحداث تتكرر. وتخلط بين الحاضر والماضى وبين الواقع وأحداث الرواية. فالشخصية الرئيسية طارق رمضان «ممثل» يتهم مؤلف المسرحية «عباس» بأنه قتل بطلة المسرحية «تحية» وان المسرحية تحكى قصتهما الحقيقية، ويرى أن الرواية ماهى إلا اعترافات المجرم، ولأن أحدا لا يصدقه ولا يجاريه فهو ينغمس فى الجنس والمخدرات. وتحية فتاة جميلة مقتلها محور الرواية تقرر التوبة والزواج من عباس كرم الذى تكبره بعشرة أعوام ولكنها تخلص له حتى نهاية حياتها، وتلد له ابنا ولكن المرض يقتلها هى وابنها، فتتفجر موهبة عباس فى الكتابة ويكتب مسرحية تنجح نجاحا كبيرا لكنه يفشل فى الكتابة بعد ذلك.
ورغم أن المسرحية تحكى ماحدث من وجهة نظر المؤلف وتنجح نجاحا كبيرا إلا أن المؤلف لا يحضر العرض.
يختفى عباس مؤلف المسرحية تاركا خطابا باعتزامه الانتحار ويشترى لوالديه مقلة لينفقا من عائدها. ولكن المخرج سرحان الهلالى لا يوافق طارق الرأي، ويعطيه بطولة المسرحية، فهو يؤمن بأنه يمتلك موهبة كبيرة فى التمثيل.
وتنتهى القصة دون أن نعرف هل انتحر أم اكتفى بالإختفاء.
الرواية تعتمد على تقنية تعدد الأصوات واختلاف وجهات النظر، فهي مقُسّمة لأربعة فصول يحمل كل فصل اسم الشخصية التي تروي الأحداث من وجهة نظرها، الأمر الذى يعطيها جوا فلسفيا، وسبب حيرة النقاد، وفشل الكثيرين في تفسير المعنى الحقيقي وراء حبكتها. والمسلسل الذي أخذ عن الرواية وحمل نفس الاسم وعرض عام 2016 بطولة منى زكي وإياد نصار، دفع بعض المشاهدين إلى الإعلان عن عدم فهم مغزى العمل، والهدف منه. ورغم ذلك فقد نجح العرض المسرحى نجاحًا كبيرًا ولقى إشادة واسعة من النقاد، عند افتتاحه، كذلك حصل على عدد كبير من جوائز المهرجان القومي للمسرح المصري في دورته الـ13، كما حصل على جائزة أفضل عرض.

التعليقات متوقفه