بوز آلن هاملتون: الشراكات بين القطاعين العام والخاص هي حل حيوي للتنمية الاقتصادية في مصر

142

 

  • الشراكات بين القطاعين العام والخاص مؤهلة لتطوير مشاريع ضخمة في قطاعات مختلفة من الاقتصاد المصري
  • البيئة الاقتصادية والمالية المثقلة بالتحديات تتطلّب بذل جهود جديدة لجعل الشراكة بين القطاعين العام والخاص واقعا يجذب المستثمرين مجددا

 

أشارت دراسة صدرت مؤخرا عن شركة بوز آلن هاملتون العالمية المتخصصة في مجال توفير خدمات الاستشارات الإدارية والتقنية.

إلى أن الشراكات بين القطاعين العام والخاص تعتبر حلا حيويا لتعزيز تطوير البنية التحتية وزيادة الاستثمارات وتنشيط عملية استحداث فرص العمل في بيئة مصرية مثقلة بالتحديات الاقتصادية والمالية.

وأوضحت أن الشراكات بين القطاعين العام والخاص مهيأة للتطبيق بفعالية عبر مجموعة من القطاعات من النقل إلى الطاقة والمرافق العامة، وتتمتع بإمكانيات تتيح لها استعادة ثقة المستثمرين وتنفيذ مشاريع تطويرية ضخمة ودعم الاقتصاد المصري في تلبية احتياجات متنامية لبنية تحتية عملية واجتماعية.

وقال نبيه مارون، نائب الرئيس التنفيذي في شركة بوز آلن هاملتون لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومسئول وحدة القطاع العام: “لقد خسرت بيئة الاستثمار في مصر الكثير من عواملها الجذابة منذ الثورة التي اندلعت في العام 2011، والمالية العامة الهشة هي من ضمن التحديات الأساسية التي تواجه الاقتصاد حاليا. وبينما يستعيد النمو الاقتصادي عافيته، يوجّه المعدّل العالي للبطالة الحكومة لطرح اجراءات جديدة لتحفيز الاستثمارات الخاصة في مشاريع تطوير البنية التحتية”.

لقد بدأ النمو الاقتصادي في مصر لتوه مرحلة من التعافي بعد أربع سنوات من الركود، وأشارت مصادر البنك الدولي إلى أن معدّل البطالة في البلاد ارتفع إلى 13.2 بالمئة في العام 2014 من 8.7 بالمئة في العام 2008. وبالمقابل، ارتفع عدد سكان مصر إلى حوالى 92 مليون نسمة في العام 2015 من 80 مليون في العام 2009. هذا الواقع يضيف ضغوطا على البنية التحتية العملية والاجتماعية في قطاعات عديدة، من ضمنها النقل والطاقة والمرافق العامة والعقارات والصناعة والكيماويات والبيئة والصحة والأمن والتعليم.

على مدى السنتين الماضيتين، بذلت الحكومة جهودا بارزة لكبح الديون وضمان استقرار العملة. لكن العجز في الميزانية يبقى عبئا كبيرا على الاستثمارات في القطاع العام فارضا حاجة على الحكومة لتحفيز الاستثمار في البنية التحتية العملية والاجتماعية. وقد بدأت مصر تشهد توجّهات إيجابية في الاستثمار الخارجي المباشر الذي ارتفع بشكل ثابت ما بين العامين 2011 و2014، لكنه ما زال أقل من معدّلاته المسجّلة في العام 2010. وكانت مصر قد استقطبت إستثمارات خارجية مباشرة بقيمة 28.6 مليار جنيه مصري (4.1 مليارات دولار أميركي) في الفترة 2013-2014.

وقال مارون: “كانت مصر في الماضي من أوائل البلدان التي وضعت برنامج شراكة بين القطاعين العام والخاص، مما يتيح نماذج تمويل بديلة لتلبية احتياجات التطوير في البنية التحتية. من خلال إيجادها حلولا فعّالة لمعالجة مسألة البيروقراطية والتحديات المرتبطة بالانطباع السلبي للتعامل مع القطاع العام، تتمكّن الحكومة المصرية من إعادة طرح الشراكة بين القطاعين العام والخاص كأداة فعّالة لاستعادة ثقة المعنيين بالاستثمار في البنية التحتية”.

التحديات وحلولها

لجذب أعلى معدّلات الاستثمار الخاص في البنية التحتية ومشاريع التطوير من خلال تطبيق نماذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لا بد للحكومة المصرية من تخطي بعض التحديات ومنها:

  • البيروقراطية المفرطة: ما زالت إجراءات الشراكة بين القطاعين العام والخاص في المؤسسات الحكومية متعبة وتحتاج للتبسيط والتنفيذ بأسلوب ثابت وشفاف. وضع الإجراءات الواضحة للتصاريح والموافقات وتسهيل تواصل المستثمر مع المؤسسات الحكومية من خلال الاتصال والتوجيه المسبقين من شأنهما تسريع عملية الشراكة بين القطاعين العام والخاص وإعادة بناء ثقة المستثمر.
  • إستقرار العملة وإمكانية تصدير الأرباح: التخفيف من مخاوف تذبذب العملة من خلال الاستعانة بأدوات مالية وطرح ضمانات لبعض أنواع المخاطر (مثلا، ضمان الحد الأدنى للدخل ومشاريع البنية التحتية العامة) من شأنهما إعادة الشهية إلى المستثمر والاهتمام إلى البنوك لإقراض مطوّري مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

 

  • العناية الواجبة غير الكافية: غالبا ما قد يؤدي النقص في توفّر الدراسات المفصّلة لمشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص إلى تأخير في تنفيذ المشاريع. الحل لهذه المشكلة يتمثّل بوضع مخططات مفصّلة للمشاريع وإجراءات متناغمة للتطوير مما من شأنه الحفاظ على موارد تمتلك مهارات خاصة بمشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص لضمان تطبيق أفضل الممارسات وتخصيص الوقت الكافي مسبقا لتصميم الهيكليات المالية وضمان متطلّبات الميزانية الحكومية وإصدار وثائق واضحة لكل المراحل الزمنية لمشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

 

  • عدم الفعّالية في الحوكمة العامة أو عدم الاستقرار السياسي؟ الحوكمة العامة الضعيفة تردع المعنيين في القطاع الخاص من الاستثمار في الامتيازات الطويلة الأمد ضمن الشراكة بين القطاعين العام والخاص. من خلال إدراج بنود الإعفاء والتعويض، وضمانات التأمين من المخاطر السياسية المتاحة عبر منظمات متعددة الأطراف أو شركات التأمين في عقود مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، تريح الحكومة المستثمرين من المخاطر النظامية وتعزز اهتمامهم بمشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

 

  • الإنطباع السلبي لدى المستثمر حيال قدرات الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مصر: المستثمرون الدوليون لا يثقون ثقة كاملة بالقدرات المؤسسية للشراكة بين القطاعين العام والخاص في مصر لذا تحصل عمليات تأخير غير مناسبة في العناية الواجبة ومناقشة العقود ومراحل الإنجاز ويطلبون أقساط تأمين مفرطة عند تمويل مشاريع شراكة بين القطاعين العام والخاص وكلّها مكلفة جدا للحكومة. هذا التحدي يمكن تخفيفه بتحسين تعاون المعنيين الأساسيين ورفع المخصصات التي تخفف من قلق المستثمرين وفصل مخاطر المشروع عن مخاطر البلاد بإطارها الواسع. وينبغي على الحكومة تكثيف الجهود في الاتصالات والتواصل للترويج لمشاريع محددة من مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص ولجهوزية مصر للاستثمارات المحلية والأجنبية عبر مختلف القطاعات.

وقال مارون: “مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص يمكن أن تكون أحيانا بمليارات الدولارات، لكن ينبغي الأخذ بعين الاعتبار تنوع نماذج هذه المشاريع وتكييف كل منها وفق المشروع المستهدف من أجل تخفيض العبء المالي على الحكومة. والطريقة التي تتيح التطبيق الأمثل لكافة أنواع نماذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص هي بالعودة إلى الأنواع المختلفة من الشراكات بين القطاعين العام والخاص التي طبّقت بنجاح في مشاريع حول العالم، خصوصا في الدول النامية، واعتماد أفضل الممارسات في كل مشروع”.

نماذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص وفق الايرادات

نماذج الشراكة المختلفة بين القطاعين العام والخاص- مثل مشاريع التصميم والبناء، والتأجير للمرحلتين القصيرة والطويلة الأمد، البناء والامتلاك والتشغيل ونقل الملكية، التصميم والبناء والتمويل والتشغيل والصيانة، المشاريع المشتركة، البناء والامتلاك والتشغيل وبيع الأصول- تتنوع وفق حجم المخاطر المقسّمة بين الحكومة والمستثمرين من القطاع الخاص.

كمثال على ذلك، عقود الخدمة وعقود الإدارة تمثّل نسبيا مخاطر منخفضة للمعنيين من القطاع الخاص لكونهم مسؤولين بشكل رئيسي عن توفير البنية التحتية. في هذه النماذج، تتحمّل الحكومة مسؤولية امتلاك البنية التحتية وحقوق الايرادات والتمويل والمخاطر المرتبطة بذلك.

ومن ناحية أخرى، الشراكات المبنية على التأجير والامتيازات والملكية المشتركة والخصخصة هي من النماذج التي تحمل مخاطر أكبر للمستثمرين من القطاع الخاص كونهم يتحمّلون قسما كبيرا من مسؤوليات الملكية ومخاطر الايرادات ومخاطر التمويل وتسليم البنية التحتية والتشغيل والإدارة.

لقد طرحت مصر سياسة وبرنامج الشراكة بين القطاعين العام والخاص في العام 2006 من خلال إنشاء وحدة مركزية للشراكة بين القطاعين العام والخاص ضمن وزارة المالية. تتابع هذه الوحدة حاليا أكثر من 14 مشروع شراكة بين القطاعين العام والخاص في قطاعات النقل والخدمات العامة والرعاية الصحية والخدمات الإدارية ومن ضمنها مشروع محطة معالجة مياه الصرف الصحي بالقاهرة الجديدة، ومحطة تحلية مياه البحر في الطور، ومشروع “عبّارات النيل” ومحطة معالجة مياه الصرف الصحي بالاسكندرية.

تبرز فرص كبيرة حاليا لإتاحة الاستثمارات في مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص من خلال مشاريع ضخمة مخطط لها، مثل مشروع العاصمة الإدارية الجديدة الذي يتوقّع أن يستحدث أكثر من مليون وظيفة، ومشروع تطوير منطقة قناة السويس الذي يهدف إلى جعلها مركزا عالميا للتجارة والخدمات اللوجستية، ومشروع إستصلاح مليون فدان من الأراضي الزراعية. وبوجود اهتمام ناشىء من قبل المستثمرين من القطاع الخاص، لا بد أن تتركّز الأولوية في مصر في إزالة العقبات وتحفيز إستثمارات الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مشاريع ضخمة.

التعليقات متوقفه