لقطات: الموت بالقطارات.. كلاكيت ثالث مرة

80

كتبت عن حوادث القطارات عدة مرات.  و بمناسية حادث قطار الإسكندرية الأخير (42 قتيلا)، استدعى بالذات ما كتبته  فى هذا المكان عن حادث  كفر الدوار عام  1998 (58 قتيلا) تحت عنوان “الموت بالقطارات”.   و أيضًا عن حادث قطار الصعيد  فى العياط عام 2002 (381 قتيلا) تحت عنوان “اغتيال عبد الودود”.  فى عام 1998 كتبت: كنا في الماضي نتحدث عن القطار فنقول قطار الرحمة وقطار المفاجآت ونغني يا وابور الساعة إتناشر . كان القطار رمزًا لتقريب البعيد ولقاء الأحبة. وتبدل الحال، وأصبح القطار وسيلة لحصد أرواح الأبرياء بالجملة. لذلك اقترح أن نضيف الي قاموسنا ما يعبر عن ذلك.  فبدلا من قطار الرحمة نقول قطار الموت ونردد موالا حزينا عن ضحايا قطار كفر الدوار. وفى 2002 كتبت مؤكدًا أن الأمر ليس مجرد إهمال، بل هى جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد وطالبت بمحاكمة الجاني ومحاسبة المجرم.

ويثير تكرار هذه  الحوادث وما قررته الحكومة بشأنها عدة اسئلة الي متي تستمر الفوارق الشاسعة في مجتمعنا بين البريمو والترسو؟  ولماذا هذا التمييز الصارخ بين ارواح درجة اولي وارواح درجة عاشرة؟ أليس من حق المواطن كمواطن ان يركب قطارا  يحترم آدميته ويصون حياته؟ وهل تحاشي كوارث القطارات يكون بإحلال التكنولوجيا المتفدمة محل العنصر البشرى كما قال وزير النفل مؤخرا؟ وهل التهاون بهذا الشكل ازاء الحوادث التي تحصد حياة الغلابة بالجملة يعني ان غول الفساد قد احكم قبضته اللعينة علي مصائر خلق الله؟ يا سادة، نحن ازاء انهيار مستوي الأداء في مرفق حيوي كنا نباهي به الامم في سالف الزمان.  جوهر أزمة السكة الحديد غياب الإدارة و طغيان الفساد.   ولا بد من فتح ملف هذا القطاع بالكامل واجتثاث الخطأ والاهمال والفساد من الجذور. وبدون  ذلك، علينا أن نستعد لتلقى العزاء فى مزيد من حالات الموت بالقطارات.  وأرى أن أضعف الإيمان إقامة نصب تذكارى لضحايا القطارات فى مدخل محطة سكة حديد مصر؛ فلا يكفى وقوف الحكومة دقيقة حدادًا على أرواحهم.

لدينا مشروع قومى للطرق، و لكن ليس لدينا مشروع قومى للنقل. أنفقنا  المليارات على الطرق لخدمة السيارات.  وأهملنا النقل بالسكة الحديد إهمالا مزريا،. زاد  نزيف الأسفلت، و أضفنا إليه نزيف القضبان.  وزير النقل يقول إننا نحتاج إلى 45 مليار لتطوير السكة الحديد و أن الحل هو التكنولوجيا.  وأنا أختلف مع فلسفة السيد الوزير و معه الحكومة  بهذا الخصوص.  وأذكر الوزير والحكومة بأننا استوردنا  جرارات آخر صيحة عدة مرات من قبل، لكنها دخلت الورش لإجراء عمرات بعد أشهر معدودات فى الخدمة.  وهذا سيكون مصير الجرارات و التكنولوجيا المتطورة التى تنوى الحكومة إهدار 45 مليارا من قوت الشعب المطحون لاستيرادها.  يا سادة، إذا بقى حال إدارة السكة الحديد كما هو، فسيستمر تردى الخدمة و إزهاق مزيد من الأرواح و إهدار مزيد من المليارات. فلعل وزير النفل أو الحكومة أو الرئيس يسمع صرختى حبا فى الوطن!

التعليقات متوقفه