عاجل للأهمية: يـوم طويــل في كردستان

69

 

أكتب هذه السطور قبل إعلان نتائج الاستفتاء الذي أجرى في كردستان العراق للإجابة عن سؤال: ” هل تريد أن يصبح إقليم كردستان والمناطق الكردستانية خارج الإقليم دولة مستقلة ” ؟ كل ما وصل من المعلومات هو أن نسبة المشاركة في الاستفتاء تصل إلى حوالي 80 % من أكثرمن خمسة ملايين ناخب.

ومع وقع الاستفتاء .. كانت مناورات عسكرية عراقية ـ تركية مشتركة تجري على حدود كردستان ، كما أغلقت تركيا كل المنافذ والمعابر والمطارات والموانئ وأنابيب البترول في وجه الأكراد، وأغلقت إيران مجالها الجوي مع كردستان ، وحظرت كل الرحلات الجوية إلى هناك ، وقامت بمناورات عسكرية على الحدود ، وطالب البرلمان العراقي بإرسال الجيش إلى مدينة كركوك والمناطق المتنازع عليها في شمال العراق .

والآن .. كيف يصل أكثر من 600 ألف برميل بترول كل يوم ـ عصب الحياة الاقتصادية في كردستان ـ إلى ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط عبر خط الأنابيب الذي يمتد إلى هناك ؟ .

وكيف ستهبط طائرة على أرض كردستان ؟

أما سوريا ، فقد نددت بالاستفتاء ، واعتبرته باطلاً ونتاجاً للسياسة الأمريكية التي تسعى إلى تقسيم دول المنطقة .

وطالب العراق من كل الدول أن يكون تعاملها مع حكومة بغداد فقط في كل العمليات المرتبطة بالبترول إلى جانب إيقاف التعامل مع الإقليم ، واتخذ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قراراً بالسيطرة على كل المنافذ الحدودية.

وهناك من يتساءل: هل كان في استطاعة مسعود البارزاني ، رئيس إقليم كردستان ، أن يقدم على خطوة الاستفتاء دون” غطاء دولي خفي ” يحظى به ؟ وهل تلعب واشنطن على حبلين عن طريق مساندة مواقف الحكومة العراقية ضد الاستفتاء، بينما تقدم المشورة للقيادة الكردية حول كيفية ترجمة نتائج هذا الاستفتاء ؟ وهل يريد البارزاني إبرام صفقة مع الأمريكيين لضمان بقاء عائلته في الحكم ، ومستقبل نجله “مسرور” قبل أن يترك منصبه مع حلول موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في كردستان في أول نوفمبر القادم ؟

صحيح أن حلم الدولة المستقلة يراود الأكراد منذ قرن كامل ، ولكن الحقيقة أن الأكراد العراقيين يتمتعون في الوقت الحالي ، بحقوق غير قليلة ، فلهم برلمانهم وإداراتهم وقواتهم المسلحة وعملتهم النقدية، كما شغل منصب رئيس الجمهورية العراقية سياسيان كرديان حتى الآن ، ويسيطرون على المناطق الغنية بالبترول … الخ وبالتالي ، فإنه لا معنى لأن يقول البارزاني ، قبل يومين ، أن الشراكة مع بغداد فشلت وأن ثمن الاستفتاء ـ مهما كان ـ أهون من انتظار مصير أسود ” وبدلا من توقع مرحلة “كسر العظم” بين الطرفين الرئيسيين في العراق علينا أن نحلم ـ بعد أن تم الاستفتاء ـ بالسيناريو الوحيد الواقعي والعقلاني في العراق ، وهو :

أن يكون الاستفتاء تعبيراً عن رأي أو مجرد ورقة ضغط لانتزاع تنازلات من بغداد ، ولا يفرض خطوات عملية محددة في طريق الانفصال ، ويكفي أن يعرف العالم أن الأكراد لهم الحق في تقرير المصير ، ولكن المسئولية والطريق الآمن يفرضان عليهم المشاركة في سلطة فيدرالية تحت حكومة مركزية يجب عليها تسديد موازنات الأقليم الكردي ورواتب مقاتلي البيشمركة وتحقيق أعلى درجات الوحدة والتلاحم لاستئصال جذور الإرهاب من وادي الرافدين .

 

التعليقات متوقفه