لليسار در : “الصندوق” يحكم مصر !

48

 

 هناك توافق بين الرأي العام والخبراء المستقلين حول مسئولية الحكم عن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها مصر منذ سنوات، وفشله في التوصل لحلول حقيقية لحلها أو تخفيف وقعها على الطبقات الدنيا والوسطى .

فارتفاع الأسعار وبلوغ معدل التضخم السنوي في يوليو الماضي رقماً قياسياً (2ر34%) مقارنة بنفس الشهر من العام السابق (2016) ، تتحمل الحكومة المسئولية عنه بقرارها رفع أسعار الوقود في 29 يونيو الماضي بنسب تراوحت بين 42% و55% ، كما رفعت سعر إسطوانة البوتاجاز للمنازل والمطاعم بنسبة (100%) ، وهي المرة الثانية التي تلجأ فيها الحكومة إلى هذا الرفع منذ قرار تخفيض قيمة الجنيه المصري عن طريق ” التعويم” أو تحرير سعر الصرف ، والثالثة منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الجمهورية .

وتلى ذلك منذ أيام موافقة ” الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات ” على طلب شركات المحمول رفع أسعار كروت الشحن بنسبة 36% بحجة ارتفاع أسعار تكلفة التشغيل بنحو 45% نتيجة زيادة أسعار الوقود والكهرباء وتحرير سعر الصرف ، ولرغبة الحكومة في تحصيل وتوريد ما يزيد على 4 مليارات جنيه إضافية من قطاع المواصلات وتكنولوجيا المعلومات للمساهمة في تخفيض عجز الموازنة العامة للدولة ، وهذه هي المرة الثالثة التي يتم فيها رفع أسعار كروت الشحن خلال عام واحد ، ففي سبتمبر 2016 تم رفع السعر بنسبة (13%) وفي يوليو 2017 بنسبة (1%) علما بأن عدد مستخدمي المحمول في مصر وصل إلى (100مليون و300 ألف) ، 90% منهم عن طريق كروت الشحن .

وتأتي هذه القرارات ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي ينفذ الحكم من خلاله شروط ” أو روشتة ” صندوق النقد الدولي ، والتعهدات التي التزم بها عند توقيع اتفاق الحصول على قرض قيمته الإجمالية 12 مليار دولار خلال 3 سنوات ، تسلمت مصر الشريحة الأولى منه (75ر2 مليار دولار) في نوفمبر الماضي ، وتسلمت الشريحة الثانية بقيمة (25ر1مليار دولار في يوليو الماضي ) بعد مراجعة وفد صندوق النقد الدولي لمدى التزام مصر بتعهداتها وإعلان نائب المدير التنفيذي للصندوق ” ديفيد ليبتون ” .. أن هناك ” بداية جديدة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري ، وأن الحكومة أقدمت على تحرير سعر الصرف ، ورفع احتياطي النقد الأجنبي ، وخفض دعم الطاقة ، وهيكلة الأجور ، فضلا عن إقرار ضريبة القيمة المضافة.

ويعتمد برنامج ” الاصلاح الاقتصادي ” على الاقتراض بشكل أساسي في تمويل جانب كبير من استخدامات الموازنة العامة للدولة ، بدلا من تدبير الاحتياجات من موارد حقيقية ، وهو ما ينعكس بالتبعية على زيادة الأعباء المالية المترتبة على الدين العام ، (الاقصاد والفوائد) .

وقد ارتفع إجمالي الدين العام المحلي في نهاية مارس الماضي ـ طبقا لبيان البنك المركزي إلى (79 .3) تريليون جنيه ، كما ارتفع الدين الخارجي إلى (79) مليار دولار في نهاية السنة المالية 2016 ـ 2017 بنسبة تصل إلى 6ر41% أي بزيادة (2ر23) مليار دولار في سنة واحدة .

واستكمل الحكم سياسة الخضوع لصندوق النقد الدولي بخصخصة جزئية لشركات وبنوك قطاع الاعمال العام الناجحة والرابحة .

فأعلنت رئاسة الجمهورية في بيان لها عن طرح نسب من رؤوس أموال شركات حكومية في البورصة ” يدعم جهود الحكومة لتنشيط البورصة خلال المرحلة المقبلة، خصوصا أنه لم يتم طرح أسهم جديدة فيها منذ خمس سنوات ”

وكانت مصر قد بدأت سياسة بيع القطاع العام تحت اسم ” الخصخصة ” في عهد الرئيس الأسبق ” محمد حسني مبارك ” وحكومة ” عاطف عبيد ” ، وتم خلال هذه الفترة خصخصة 46% من شركات قطاع الأعمال العام وشاب الفساد وإهدار المال العام عملية بيع هذه الشركات .

وطبقا لما أعلنته الحكومة الحالية برئاسة ” شريف اسماعيل ” فسيتم في المرحلة الحالية طرح 12 شركة من أصل 121 شركة مملوكة لقطاع الأعمال العام تتبع ثماني شركات قابضة ، والشركات الـ (12) جميعا شركات رابحة وأولى الشركات التي ستطرح في البورصة هي شركة ” انبي ـ الشركة الهندسية للصناعات البترولية والكيماوية ” التي تأسست عام 1978 كشركة مساهمة مصرية ، وتمتلك الهيئة المصرية العامة للبترول 97% من أسهمها ، ” وتعرف شركة أنبى على أنها شركة هندسية عالمية مع سجل حافل من الإنجازات بالمشاريع داخل وخارج مصر ، حيث أنجزت أكثر من (850) مشروعا استهلكوا أكثر من (27) مليون ساعة عمل خدمات محترفة في مجال البترول والغاز والتكرير والبتروكيماويات ومشاريع أخرى .

ويلى ذلك طرح أحد البنوك التي تملكها الدولة ، وهي ” البنك الأهلي ـ بنك مصر ـ بنك القاهرة ـ المصرف المتحدة ” أو التي تملك أسهما فيها مثل ” البنك العربي الأفريقي ، وتملك الدولة نحو 50% من أسهمه أو بنك الاسكندرية  ” وتملك الدولة 20% من أسهمه بعد أن جرى خصخصته منذ سنوات .

ولن يقف الأمر عند هذا الأمر ، فمن ضمن التعهدات الحكومية للصندوق رفع سعر البنزين ، والذي وافق الصندوق على تأجيل الرفع إلى العام القادم بعد أن عبرت الحكومة عن خوفها من رد فعل جماهيري ، إذا ما زادت الأسعار مرة أخرى ، كنتيجة حتمية لرفع سعر البنزين ، ولا يفصلنا عن العام القادم ـ وبالتالي رفع سعر البنزين ومن ثم كافة السلع ـ إلا أقل من ثلاثة أشهر .

وإذا كان رئيس الجمهورية ومعاونوه وحكومته يتصورون أن الشعب المصري يتقبل هذه السياسات الاقتصادية والاجتماعية الفاشلة والمنحازة لقلة من أصحاب الملايين والمليارات بدليل عدم احتجاجهم أو نزولهم للشارع ، فهم يقعون في خطأ قاتل ، فالشعب المصري يتميز بالصبر وكان لديه أمل في الرئيس السيسي ، ولكن هذا الأمل يتضاءل يوما بعد يوم ويوشك على الانتهاء .

وإذا انفجر غضب هذا الشعب فلا أحد يستطيع أن يعرف أو يتوقع النتائج .

التعليقات متوقفه