ضد التيار: معركة اليونسكو مستمرة

131

لا أعرف ما هي الأسس التي استقي منها المعلقون في الصحافة المصرية والعربية رأيهم في أن ملف حقوق الإنسان السيئ في مصر كان يسبق السفيرة “مشيرة خطاب” إلي اليونسكو، مما أثر في النتيجة التي انتهت بإخفاقها وفوز المرشحة الفرنسية “اودري اوزلاي” ذات الأصول المغربية بمنصب المدير العام للمنظمة الدولية.  وإذا كان الأمر كذلك فهل كانت حقوق الإنسان في قطر جيدة وفي أحسن حال، لكي يتصدر المرشح القطري حمد الكواري أربع جولات من التصويت علي حساب المرشحتين المصرية والفرنسية، بل ويتفوق في جولات التصويت الأولي علي خمسة آخرين من المرشحين بينهم الصين؟! الإجابة قطعا بالنفي. ولو أننا وضعنا احتمالا آخري تصور أن الجولة النهائية كانت ستجري بين المرشحة المصرية والمرشح القطري، فإن الأغلب أن مصر كانت ستفوز بهذا الموقع.

ولا أدري ما هو المصدر الذي استند إليه القائلون بأن الكويت لم تصوت لصالح المرشحة المصرية، إذ أن الكويت ليست من الدول العربية السبع التي لها حق التصويت في المجلس التنفيذي لليونسكو في هذه الدورة وهي مصر والجزائر والمغرب ولبنان وسلطنة عمان وقطر والسودان. ومما يذكر أن المجلس التنفيذي لليونسكو يتكون أعضاؤه البالغ عددهم 58 عضوًا بالانتخاب من قبل المؤتمر العام للمنظمة الذي يضم عدد الدول البالغ 139 دولة، قبل الانسحاب الثاني للولايات المتحدة الأمريكية من عضويتها متهمة المنظمة بمعاداة إسرائيل، وكان انسحابها الأولي في عام 1984 بعد أن بررت عدم قدرتها علي الهيمنة علي أمورها، بأن إدارتها مسيسة ولا تتسم بالحكمة!.

وإذا كان مجلس التعاون الخليجي قدم أعلم الجامعة العربية تأييده للمرشح القطري منذ شهور قبل أن يتبين لأعضائه اسماء المرشحين الآخرين أو حتي تعلن دولا عربية أخري عن نيتها للتقدم بمرشح، فمن غيرالمعقول أو المتوقع أن يبقي موقف مجلس التعاون كما هو، في ظل الأزمة الراهنة بين الدول الأربع وقطر التي أنطوت علي ملفات تتهم الإمارة بدعم الإرهاب وتمويله وتوفير ملاذات آمنة للإرهابيين، وبث إعلام في الدوحة وخارجها يحرض علي ارتكابه ويتدخل في الشئون الداخلية للدول العربية.

تشابكت العوامل التي أدت أن تخسر مصر هذا الموقع، وفي القلب منها التنافس العربي الذي وصفه مراقبون بالشرس بين أربعة من المرشحين العرب، والعجز الشامل عن التوافق فيما بينهم علي مرشح وحيد، والفشل حتي أثناء جولات التصويت – ليس في هذه الدورة فقط بل في كل الدورات- في الاتفاق علي منح أصواتهم للمرشح الذي تقترب مصالحه مع المصالح العربية.  ولهذا سيبقي صحيحا لفترات طويلة ما أعلنته الفائزة الفرنسية بأن قوانين اليونسكو لا تعرف قاعدة للتناوب الإقليمي علي منصب الأمين العام للمنظمة، وهو تصريح موجه للعرب بشكل واضح. وبرغم الجهد الكبير الذي بذلته وزارة الخارجية لدعم المرشحة المصرية بقيادة الوزير سامح شكري، فقد ظل هذا الجهد رسميًا علي مستوي الأجهزة التنفيذية، ولو أنه انتقل إلي المستوي الشعبي في الأحزاب والأندية الرياضية والمنتديات الثقافية والفنية، للاستفادة من إمكاناتها وشخصياتها اللامعة في كل مجال للمساهمة في هذه الحملة، لربما اختلفت النتيجة.

الدورة للأمين العام لليونسكو تستمر أربعة أعوام، وبهذا تبقي المعركة مستمرة بأمل أن يبدأ العمل من الآن استعدادا لانتخاباتها القادمة، وعلي مصر أن تتقدم باقتراح للجامعة العربية يدرج في قوانينها ولوائحها، ويكون ملزمًا، بأن تجري التصفية بين المرشحين العرب لهذا المنصب بالانتخاب في المرات القادمة داخل الجامعة، لكي نتغلب علي هواية الإدمان العربي للفشل.

التعليقات متوقفه