لليسار در: جمعة الحزن والغضب

144

 

أشعر ـ كغيري من المصريين ـ بحزن عميق وغضب هائل، وأطالب بالحساب، فالشهداء الـ (16) من ضباط وجنود الشرطة والمصابون الـ (13) ، الذين سقطوا في مواجهة مع الإرهابيين يوم الجمعة الماضي ، في عمق المنطقة الجبلية على مسافة ما بين 30 ، 40 كيلو مترا من الكيلو 135 بطريق الواحات بالصحراء الغربية لم يكونوا ضحايا الإرهاب والإرهابيين فحسب، وإنما وللأسف الشديد كانوا أيضا ضحايا سلسلة من الأخطاء وقعت فيها أجهزة الدولة المسئولة عن مواجهة الإرهاب.

فقبل أن تصدر الأوامر لطاقم المأمورية الأمنية المكونة من 23 ضابطا (7 أمن وطني و16 أمن مركزي وعمليات خاصة) إضافة إلى 35 مجندا ، بالتحرك للقبض على الخلايا أو الخلية الإرهابية التي اختبأت في كهوف وجبال هذه المنطقة، كان المفترض أن تكون لدى قيادة وزارة الداخلية والأجهزة التابعة لها والمسئولة عن تنفيذ هذه العملية، خريطة دقيقة للمنطقة بوديانها وجبالها وطرقها، وأن تسبق الحملة الأمنية عمليات استطلاع بأساليبه ووسائله المختلفة، وتحديد لعدد وتسليح المجموعة الإرهابية المستهدفة، وبالتالي تحديد حجم قوة الهجوم وطبيعة الأسلحة المطلوبة للتعامل مع الإرهابيين وأسلحتهم ، وقوة الإسناد التي قد تحتاجها القوة المهاجمة خلال اقتحامها لأوكار الإرهابيين.

وطبقا للمعلومات المتاحة ـ وليس وزارة الداخلية أو أي جهات أمنية مسئولة هي مصدرها ـ فقد جرت العملية دون توفر أي من المعلومات الضرورية، فالمصدر الأساسي للمعلومات المنشورة سواء في الإعلام المصري أو الأجنبي، مصادر مجهلة باستثناء ما قاله أحد أعضاء مجلس النواب ـ وهو أيضا صحفي ـ والذي تحدث عن الجريمة وكأنه أحد أعضاء غرفة العمليات التي كانت تدير المعركة، أو على الأقل وفرت له جهة ما تفاصيل ماجرى .

فهو يؤكد أن جهاز الأمن الوطني حدد مكان معسكر الإرهابيين ” بعد أن القى القبض على أربعة في القليوبية، اعترف اثنان منهم بوجود المعسكر وقدموا تفاصيل كاملة ” ولم يقم الأمن الوطني أو غيره من الأجهزة المسئولة عن مواجهة الإرهاب باستطلاع مسبق قبل الهجوم للتأكد من المعلومات التي حصلوا عليها من الأشخاص الذين تم القبض عليهم في القليوبية .

ولم تكن أجهزة الأمن تعرف على وجه الدقة طبيعة المجموعة الإرهابية التي ستهاجمها في عمق المنطقة الجبلية بالكيلو 135 بطريق الواحات، فهي إما مجموعة “هشام عشماوي” أحد المتهمين الرئيسيين في قضية اغتيال النائب العام “هشام بركات” في يونيو 2015 ، ومحاولة اغتيال وزير الداخلية السابق “محمد إبراهيم ” وقضية عرب شركس، وتخطيط وتنفيذ مذبحة كمين الفرافرة في يوليو 2014 ، وقضية استهداف الكتيبة (101) ..

وإما مجموعة “عمرو سعد ” المسئول الرئيسي والأول عن تفجيرات الكنيسة البطرسية ومار جرجس ومار مرقس بالإسكندرية وطنطا .. واما حركة “حسم” الذراع العسكري للإخوان” .

ويضيف النائب أن ” الحملة فوجئت بوجود معسكر كامل للإرهابيين لايقل من فيه عن 100 شخص”والأخطر ” أن عناصر الإرهاب رصدت دخول قوات الشرطة، وكانت لديها إخبارية مسبقة واستعدت للمواجهة “وقامت بنصب كمين لقوات الشرطة فأستدرجتهم إلى واد منخفض للغاية، بينما قامت العناصر الإرهابية “بركوب أعلى منطقة في الجبل وأطلقوا النار على رجال الشرطة ” مستخدمت الهاون و” الأر بي جي ” والصواريخ ، وكان هذا التسليح الثقيل مفاجأة أخرى لقوة الهجوم !.

وبعد الخسائر التي تكبدتها الشرطة، تم الدفع بطائرات عمودية وسيارات دفع رباعي ومدرعات لتمشيط المنطقة بالكامل والتعامل مع الإرهابيين في مواقعهم وملاحقتهم ومنع هروبهم عبر الحدود إلى ليبيا.

تؤكد هذه الوقائع أن المحاسبة والمساءلة السياسية والأمنية ضرورة ملحة ، لتحديد نواحي القصور والأخطاء المتكررة في مواجهة غول الإرهاب وهزيمته فكريا وسياسيا وأمنيا .. حتى لا تضيع دماء شهداء الشرطة والجيش والشعب في هذه المواجهة للإرهاب وما سبقها من مواجهات هباء.

وكتعبير رمزي عن تضامننا مع الشهداء ، وأسرهم اقترح أن يعلن رئيس الجمهورية الحداد لمدة ثلاثة أيام اعتبارا من بعد غد الجمعة ، وأن نصلي جميعا على شهدائنا يوم الجمعة في المساجد ويوم الأحد في الكنائس .

التعليقات متوقفه