انطلاقا من مؤتمر الإفتاء العالمى: «الأزهر» يعلن إدراج أول مادة مختصة بشئون الفتوى بالكليات الشرعية

232

خرجت الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم بعدد من التوصيات خلال مؤتمرها الأخير الذي انعقد الأسبوع الماضي، بحضور عدد كبير من المفتين فى دول العالم، حيث تضمن فى توصياتها العشرين مجموعة من الأهداف المشتركة التي تجمع لواء الفتوى حول العالم بين يدي الأمانة العامة، وهو الأمر الذي وصفه مجموعة من المتخصصين والعلماء فى الشأن الديني بالخطوة المهمة والجيدة فى سبيل مواجهة فوضى الفتاوى إلى جانب المواجهة فكرية للإرهاب، وتأتي من أبرز تلك التوصيات؛ إدراجِ مادَّةِ أُصولِ الإفتاءِ باعتبارِها مادةً مستقلةً تُدرَّسُ ضمنَ مُقرَّراتِ الكلياتِ الشرعيةِ بالأزهرِ الشريفِ وغيرِه مِنَ المعاهدِ العلميةِ الشرعيةِ، على أنْ تَعْكُفَ لجنةٌ متخصصةٌ على وضعِ المنهجِ العلميِّ بصورةٍ تُناسِبُ متغيراتِ العصرِ، إلى جانب الإسراعِ بإصدارِ تشريعٍ لضبطِ الفتوى وتقنينِها؛ بهدف تثبيتِ دعائمِ الأمنِ الفكريِّ والسلامِ المجتمعيِّ، بالإضافة لعمل لائحة ميثاقِ شرفٍ عالمي للفتوى يضعُ الأُطُرَ القانونيةَ والإجرائيةَ للتصدِّي لفوضَى الفتاوى بالتعاون مع كبار العلماء والمفتين فى العالم، بالإضافة لدعوةُ الجهاتِ والدوائرِ الْمَعْنِيَّةِ بِوَسائلِ الإعلامِ بِمُختَلف صُوَرِهِ وأشكالِه إلى الاقتصارِ على المُتَخَصِّصِينَ المُؤَهَّلِينَ، وعدمِ التَّعَامُلِ معَ غَيْرِ المُؤَهَّلِينَ للإفتاءِ فى الأمور العامة والخاصَّةِ.

وقَدْ أَسْفَرَتْ جَلَسَاتُ المُؤْتَمَرِ واجتماعُ المجلس الأعلَى للأمانةِ عن خَمْسَةِ مَشَارِيعَ،أولها تَدْشِينُ حزْمَةٍ مِنَ البرامجِ التدريبيةِ عَبْرَ الفضاءِ الإلكترونيِّ للتواصلِ وإصقال مهاراتِ الإفتاءِ لِلْمُتَصَدِّرِينَ لِلْفتوى حولَ العالمِ، ثانيا إصدارُ مَجَلَّةٍ إلكترونيةٍ باللغةِ الإنجليزيةِ تَحْتَ عُنوانِ [TheMuslimBond] تعنى الخلفيةِ الفكريةِ والدَّعَوِيَّةِ للإفتاءِ فى قضايا الجالياتِ المسلمةِ حولَ العالمِ.
ثالثا إصدارُ موسوعةِ جمهرةِ المُفْتِينَ حولَ العالمِ، الَّتي تُقَدِّمُ نماذجَ لِلاستنارةِ والاسترشادِ مِنَ المفتينَ حولَ العالمِ، رابعا إطلاقُ مِنَصَّةٍ إلكترونيةٍ للتعليمِ الإسلاميِّ الصحيحِ، خامسا إصدارُ تقريرِ حالةِ الفتوى حولَ العالمِ، يَرصُدُ الفتاوى ويُحَلِّلُ مضمونَها ويُفَسِّرُهُ ويُقوِّمُهُ، ويَخْرُجُ بنتائجَ وتوصياتٍ تُفِيدُ الجميعَ.
لجان متخصصة
وأعلن الدكتور إبراهيم نجم الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء فى العالم ومستشار مفتي الجمهورية، عن تشكيل عدد من اللجان لمتابعة تنفيذ التوصيات الختامية التي اتفق عليها المشاركون بالمؤتمر، ووضع جداول زمنية محددة من شأنها تنفيذ جميع التوصيات، مضيفاً أن مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام، قرر إنشاءُ لجنة لمتابعة آليات تنفيذ حُزْمَةٍ مِنَ البرامجِ التدريبيةِ عَبْرَ الفضاءِ الإلكترونيِّ للتواصلِ وإصقالِ مهاراتِ الإفتاءِ لِلْمُتَصَدِّرِينَ لِلْفتوى حولَ العالمِ، إلى جانب لجنة للانتهاء من وضع تصور تنفيذي لإطلاقُ مِنَصَّةٍ إلكترونيةٍ للتعليمِ الإسلاميِّ الصحيحِ باللغات الحية، بالإضافة للجنة لإصدارُ تقريرِ حالةِ الفتوى حولَ العالمِ الذي يَرصُدُ الفتاوى ويُحَلِّلُ مضمونَها ويُفَسِّرُهُ ويُقوِّمُهُ، كي يَخْرُجُ بنتائجَ وتوصياتٍ تُفِيدُ الجميعَ بهدفِ إعادةِ المرجعيةِ الوسطيةِ فى الفتوى لطالبيها حول العالم.
وأكد البدء بعمل لائحة ميثاقِ شرفٍ عالمي للفتوى يضعُ الأُطُرَ القانونيةَ والإجرائيةَ للتصدِّي لفوضَى الفتاوى بالتعاون مع كبار العلماء والمفتين فى العالم، وتشكيل لجنة من علماء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم فى تنفيذُ المشروع العلمي لموسوعةِ جمهرةِ المُفْتِينَ حولَ العالمِ، الَّتي تُقَدِّمُ نماذجَ لِلاستنارةِ والاسترشادِ مِنَ المفتينَ حولَ العالمِ التي أعلنت عنها الدار فى توصياتها، وشدد على أهمية التنسيقُ الدائمُ بين دُورِ الفتوى ومراكزِ الأبحاثِ لصياغةِ ردودٍ فعالة فى مُخاطبةِ الرأي العامِّ فى مِلفِّ الردِّ على الفتاوى الشاذةِ والتكفيريةِ باللغات المختلفة أولًا بأول.
أقسام الفتوى
جاءت إدراجِ مادَّةِ أُصولِ الإفتاءِ باعتبارِها مادةً مستقلةً تُدرَّسُ ضمنَ مُقرَّراتِ الكلياتِ الشرعيةِ بالأزهرِ الشريفِ وغيرِه مِنَ المعاهدِ العلميةِ الشرعيةِ، على أنْ تَعْكُفَ لجنةٌ متخصصةٌ على وضعِ المنهجِ العلميِّ بصورةٍ تُناسِبُ متغيراتِ العصرِ، بناءً على مقترح الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، بإنشاء أقسام علمية متخصصة فى كليات الشـريعة أو كليات العلوم الإسلامية باسم «قسم الفتوى وعلومها» يبدأ من السنة الأولى، وتصمَّمُ له مناهجُ ذات طبيعة موسوعية لا تقتصر على علوم الفقه فقط، بل تمتد لتشمل تأسيسات علمية دقيقة فى علوم الآلة، والعلوم النقلية والعقلية، مع الاعتناء بعلم المنطق وعلم الجدل مطبقًا على مسائل الفقه، والعناية عناية قصوى بدراسة مقاصد الشـريعة وبخاصة فى أبعادها المعاصرة، والذي لقي ترحيبا من بعض الأزاهرة، حيث وصف هشام الصوفى والواعظ بالأزهر، هذه الدعوة بأنها مركب النجاة من الغرق، مؤكداً أنه لا شك أن للفتوى دورا مهما فى استقرار المجتمع وتماسكه، خاصة أن ساحة الإفتاء الآن تشهد حالة من الاضطرابات غير المسبوقة نظرا لتصدر بعض أدعياء العلم للفتوى، فطرح الإمام الأكبر لهذه الأقسام سيسهم بشكل كبير فى استقرار المجتمع بعد تخريج دفعات أكثر فهما للواقع وإدراكا للمسئولية الوطنية والدينية، فضلا عن تخريج دفعات ذات موسوعية علمية متخصصة فى علوم أصول الإفتاء وقواعد اللغة ودلالات المنطق والجدل، تستطيع الربط بين أصالة التراث وواقعنا المعاصر، قال سعد المصري إمام وخطيب بالأوقاف، إن هذه المادة جديرة بالوضع خاصة وأنها تُدرس من أساتذة متخصصين، لافتا إلى ضرورة تقنين الفتوى وتجريمها على غير المرخص لهم بذلك، خاصة جدلية الفتوى التي لا تحل بمواد تدرس ولكنها تحتاج لحلول عاجلة من شأنها تنظيم الفتوى.
وسائل الإعلام
وجاءت دعوةُ الجهاتِ والدوائرِ الْمَعْنِيَّةِ بِوَسائلِ الإعلامِ بِمُختَلِفِ صُوَرِهِ وأشكالِه إلى الاقتصارِ على المُتَخَصِّصِينَ المُؤَهَّلِينَ، وعدمِ التَّعَامُلِ معَ غَيْرِ المُؤَهَّلِينَ للإفتاءِ فى الأمور العامة والخاصَّةِ من أهم التوصيات التي وردت فى هذا المؤتمر، إلى جانب الإسراعِ بإصدارِ تشريعٍ لضبطِ الفتوى وتقنينِها؛ بهدف تثبيتِ دعائمِ الأمنِ الفكريِّ والسلامِ المجتمعيِّ، خطوة للفهم الصحيح، حيث أكد محمود العربي إمام وخطيب بالأوقاف، أن وسائل الإعلام هي المسئول الأول عن ظهور غير المختصين لتصدرها السبق الصحفى عن غيرها، خاصة وان الفتاوى الشاذة خرجت من لا علم لهم ولا منصب، لافتا ليس كل خريج أزهر مؤهلا للفتوى وعلومها الشرعية، وأكد على أن الإسراع لوضع تشريعات لوسائل الإعلام بحظر استضافة غير المرخص لهم بالإفتاء، هو ما نحتاجه الآن ونسعى إليه، بحث لا يسمح لأي فرد أن يفتي دون علم، خاصة وان قانون الفتوى تأخر كثيراً، وفى السياق ذاته أوضح محمد عمران إمام وخطيب بأوقاف، أنه لا يجوز الفتوى الإ لدار الإفتاء خاصة وأنها المؤسسة المنوط بها لذلك، مؤكداً أن الفتاوى المثيرة للجدل يسأل عنها أصحابها، خاصة أن فهم البعض للنصوص يحتاج إلى أساتذة يفهمون، لكنهم يورثون مناصبهم لأولادهم وان كانوا لا يستحقون ذلك وهو ما يسبب فجوة كبيرة بين العلماء المتخصصين وغير المختصين، وأوضح عمران، أن هجمات الإعلاميين على الأزهر جعلت البعض يظن أن المناهج الأزهرية تدعو إلى العنف وعدم قبول الأخر، خاصة وانه لا يوجد أي خريج للأزهر يدعو للعنف ويأتي بأدلة من القرآن أو السنة على ذلك، خاصة أن الأزهر الشريف يُدرس المنهج الوسطي، مؤكدا أن الإعلام هو من يشكل الرأي خاصة وان مصر تعاني بنسبة كبيرة من الامية التي تقوم بتلقي المعلومات من غير مصادرها فيؤثر ذلك بشكل كبير على مستواهم الفكري.
الفتاوى الشاذة!
وفى السياق ذاته أكدت الدكتور فتحية الحنفى أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن المؤتمر له أهمية قصوى خاصة فى هذا الوقت الذي انتشرت فيه كثير من الفتاوى الشاذة التي لا تحقق مقصود الشرع، موضحة أن عمل لائحة ميثاقِ شرف عالمي للفتوى يضعُ الأُطُرَ القانونيةَ والإجرائيةَ للتصدِّي لفوضَى الفتاوى بالتعاون مع كبار العلماء والمفتين فى العالم، التي جاءت ضمن التوصيات، تعد إجماعا عالميا على تقنين الفتوى ووضع الأطر الصحيحة لها، وليس توحيد الفتوى خاصة أنها تختلف باختلاف الزمان والمكان؛ وكذا حال المفتي والمستفتي، وأشارت إلى أن التوصيات التي جاءت فيما يقرب من 19 جميعها ذات أهمية قصوى شرط أن تأخذ حيز التنفيذ، خاصة الذي يتصدر للفتوى لا يكون إلا بإجابة من الجهة المنوط بها الفتوى، لذا كان الدعوة إلى ضبط الفتوى وتقنينها، خاصة أن الفتوى إذا خرجت عن مقصد الشريعة كانت شاذة.
وتابعت أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن تأهيل المفتين وإعدادهم علميا لتحقيق المصلحة، فضلا عن ترجمة الفتوى باللغات الأجنبية لتصل إلى الأقليات المسلمة عبر الفضاء الإلكتروني خطوة مهمة، خاصة أن للمرصد الدور الريادي فى ذلك، وكذلك إصدار موسوعة للفتوى عالمية للاسترشاد بها، إلى جانب إصدار مجلة للجاليات المسلمة خاصة من شارك فى المؤتمر سواء من الهند أو أمستردام أم غيرها يريدون كثرة البعثات لمعرفة صحيح الدين، مؤكدة أن هذا وغيره كونه عالميا من التوصيات يحقق النفع لجميع المسلمين مع تبادل الثقافات موضحة أن الإسلام دين عالمي.
مواجهة
وعَلى هامشِ المؤتمرِ أكد عدد من مفتين العالم الإسلامي، أن العالم يواجه تحديات غير مسبوقة فى التاريخ، وهو الأمر الذي يجعلهم يخطو بخطوات مشتركة انطلاقا من هذا المؤتمر؛ للخروج من الأزمة والتصدي لكل أنواع العنف باسم الفتاوى وبالتنسيق مع المؤسسات الدينية فى مصر، مؤكدين أن توصيات المؤتمر التي خرجت ستحقق قدرا كبيرا من المواجهة الفكرية، إلى جانب منع غير المختصين من الفتوى، وتصدر من لهم العلم بالشرع وعلومه، فضلا عن جمع كلمة المفتين على مستوى العالم الإسلامي.

تعليق 1
  1. رائع تدوم الأنوار استاذة مني السيد

التعليقات متوقفه