تجليات «السيد إمام» والعمل الثقافى فى البحيرة.. الانحيــــــــاز لفكـــــــــــــــــــر الحداثــــــــــــــــــــــة

397

لم يأت الاحتفال بالناقد والمترجم الكبير سيد امام من فرع ثقافة البحيرة حدثا عاديا فى الثقافة فى إقليم يمتلئ بقامات فكرية وثقافية ويتزايد به الحراك الثقافى يوما بعد يوم بل جاء مظاهرة حب وتقدير لقيمة نادرة وشخصية استثنائية بكل ما تحمل من تجليات فكرية وسياسية وانسانية.
هو “البروف “ اختصارا للبروفيسير كما يحلو لأصدقائه وتلاميذه ان يطلقون عليه حتى صار اللقب الدائم والاكثر انتشارا فيكفى ان تقول “البروف “ ليعلم الجميع من تقصد.
وهو المناضل ذو الشعر الابيض الذى لا يعرف – اسنان المشط – محرض الجماهير فى كل معارك اليسار الجماهيرية والأكثر حضورا بخطاب شديد العمق والبساطة والانسيابية الذى يصل سريعا الى قلوب الالف دونما اى جهد او عناء.
هو اليسارى المتمرد على اى عمل منظم سوى عمل العقل والذوبان بين البشر والاشتراكى الذى قضى عمره يبشر بالحرية ويدعو لها دونما اى محاذير واى شروط.
سيد امام الذى ولد فى عام 1945فى مدينة دمنهور لم يبرح مدينته قط وظل حاملا مصابيح الاستنارة والفكر بين ازقتها يصنع حالة ثقافية نادرة ويدنو منه اجيال من الشباب لا تزال تجلس امام منصته تاركا له حرية تشكيل وعيها بكل ثقة.
هو الساحر المحرض على الحرية والبحث والتأمل وإعمال العقل والمشعوذ صاحب المعارك الفكرية العديدة ورافع لواء النقد لا النقل.
هو احد مؤسسى حزب التجمع وأحد رواد التجديد وتطوير الادوات النضالية والسياسية
لم ينخرط يوما فى عمل تنظيمى بل انخرط فى صفوف البشر وكان دوما رمزا لليسار فى مدينته دونما ان يتولى موقعا تنظيميا على الاطلاق.
صنع سيد امام الذى تخرج من كلية الاداب قسم اللغة الانجليزية وقدم للمكتبة العربية اكثر من 15ترجمة لعيون الابداعات الفكرية والنقدية من بينها “قاموس السرديات “ لجيرالد برنس “و”تعليم ما بعد الحداثة “برنالد مارشال و”فكرة ما بعد الحداثة “لهانز بيرتنز وجاء اخر اعماله “تحولات الخطاب النقدى لما بعد الحداثة “ لايهاب حسن.
ويبدو من اختيارات امام فى ترجماته انحيازه الواضح وإيمانه الشديد بأهمية قضية الحداثة للعقل العربى وتبدو قضية الحداثة محورية لديه ويعتبرها الاولى بالاهتمام وانها المدخل الاساسى لاى نهضة او تطور يمكن ان نسعى اليه ونستهدفه زمن ثم فان معارك امام الفكرية مع كل اشكال الاصولية والنصية وتغييب العقل لم تتوقف لحظة واحدة طيلة حياته.
“امام “ الذى بدأ حياته كاتبا للقصة القصيرة ثم هجرها ليعكف لاكثر من ربع قرن على مشروعه الفكرى وانشغل لسنوات فى الترجمة له اسهامات نقدية مهمة حول عدد كبير من الادباء بينهم عفيفى مطر، حلمى سالم، فريد أبو سعدة، أحمد الحوتى، رفعت سلام، محسن يونس، يحيى الطاهر عبد الله، صلاح اللقانى وغيرهم.
ليس “ امام” مجرد مبدع او مثقف كبير بل هو احد رواد صناعه التنوير وواحد من رموز الحركة الثقافية فى مصر لم يتوقف دوره يوما عن هذا وكان لسنوات رئيسا لنوادى الادب فى البحيرة وصاغ من خلال موقعه حراكا ثقافيا وادبيا فارقا ومؤسسا وساهم فى تقديم عدد كبير من الاصوات الادبية واصدر نادى الادب خلال رئاسته له عددا من الكتب لاصوات شعرية وقصصية.
كان اختيار سيد امام البقاء فى دمنهور هربا من ضجيج العاصمة وقسوتها صادرا عن حب لمدينته التى احتضنته ايضا بمزيد من الحب وجعلته ايقونتها الفكرية والثقافية.

التعليقات متوقفه