وزارة التعليم تساعد على انتشار الشائعات.. 5 سيناريوهات لإغلاق المدارس اليابانية فى مصر.. و«المنحة» تكشف أكذوبة مجانية التعليم

367

تواصل وزارة التربية والتعليم ممارسة الغموض وعدم توضيح الكثير من الامور التى تتعلق بسير العملية التعليمية للراي العام على الرغم من انه لا يخلو بيت مصري إلا وبه ابناء فى مراحل التعليم المختلفة، الامر الذي يساعد بذاته على إنتعاش المحللين والمتوقعين وانتشار الشائعات والسيناريوهات المختلفة حول اسباب تأجيل بدء الدراسة بالمدارس اليابانية والتى كان من المقرر لها ان تبدأ هذا العام الدراسي.

تداول عبر العديد من مواقع التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا، إجتهادات بعض الافراد الشخصية حول تأجيل المدارس اليابانية، فيري البعض ان الاسباب تكمن فى رفض الجانب الياباني زيادة المصروفات عن المقررة والتى تم الاتفاق عليها مع وزارة التعليم، بإعتبار ان ذلك يفرغ “المنحة اليابانية “ من مضمونها والتى تشترط ان يكون التعليم فى مدارسها بالمجان ومتاحا للجميع، فى حين يري البعض الاخر ان الاسباب ترجع الى عدم وجود معايير واضحة لاختيار الطلاب والمعلمين للالتحاق بتلك المدراس والعمل بها حتى نضمن نجاح التجربة، فيما ارجع اخرون السبب الى عدم تجهيز المدارس بالمعدات والادوات اللازمة التى يتطلبها بذاته هذا النوع من التعليم فضلا عن عدم تدريب المعلمين، بينما يري اخرون ان تأجيل الدراسة يرجع الى تأخير العمليات الانشائية للمدارس التى تقوم بها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة والتى يسند اليها بناء هذه المدارس والتى يبلغ عددها 28 مدرسة كمرحلة اولي على مستوى 20 مديرية تعليمية بمحافظات القاهرة والاسماعيلية والسويس ومرسي مطروح والدقهلية وغيرها، فيما راي اخرون ان اغلاق المدارس اليابانية يرجع الى ضغوط خارجية على مصر تريد عدم تطبيق وتعميم تجربة التعليم الياباني فى دول العالم الثالث.
البداية
وتعود قصة تطبيق تجربة التعليم الياباني فى مصر، الى رغبة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية الى نقل تجربة اليابان فى التعليم متأثراً بنظام التعليم فى اليابان القائم على بناء الشخصية واحترام الاخر، وقد اوصي بنقل التجربة، وذلك اثناء زيارته لليابان فى فبراير 2016.
وفى يناير 2017 أعلنت وزارة التربية والتعليم، إنشاء وحدة لإدارة مشروع المدارس اليابانية بديوان عام الوزارة، تقوم بمتابعة المشروع الذي يتضمن بناء 45 مدرسة موزعة على معظم المحافظات، وذلك بعد توقيع بروتوكول تعاون بين الوزارة والوكالة اليابانية للتعاون الدولى يتضمن الاستعانة بالخبرة اليابانية فى التعليم فى تطبيق الأساليب التعليمية، وبناء قدرات المعلمين، وتحسين الإدارة المدرسية.
وتعتمد المدارس اليابانية فى نظامها التعليمي على أنشطة “التوكاتسو”، وهذه الأنشطة تدعم المهارات الخاصة بالانضباط، وروح التعاون، وتعليم النظافة والاعتماد على النفس، فضلا عن تنمية المهارات الوجدانية والسلوكية والتعلم الذاتي، وتعتمد ايضاً هذه المدارس على نظام مدرسي ذى إدارة فاعلة، ومستوى جيد للمعلمين، بالاضافة الى مناهج تنمي المهارات الذاتية للطلاب تكسبهم مهارات حياتية.
وكان فى هذه التجربة أملا فى الارتقاء بمستوي التعليم وتطوير المناهج واساليب التعليم القائمة على الحفظ والتلقين بحيث يكون التعليم اساسه المعرفة وحب العلم، وذلك قبل ان يخرج علينا وزير التعليم د.طارق شوقي ويعلن عن تأجيل الدراسة بهذه المدارس الى اجل غير مسمي، ويدفع بذلك الاف الطلاب ثمن التخبط والقرارات العشوائية. وعاد الطلاب الى مدارسهم المحولين منها بعد ان فاتهم العديد من الدروس، فيما يواجه اولياء الامور مشكلة فى إمكانية تسكين ابنائهم بمرحلة رياض الاطفال بعد إكتفاء معظم المدارس.
آليات التمويل
وفى ذات السياق قال د.صلاح عبد السميع” استاذ المناهج وعضو لجنة التربية بالمجلس الاعلي للثقافة” ان هناك العديد من الامور غير الواضحة بشأن تفاصيل الاتفاقية بين وزارة التعليم والجانب الياباني، واليات التمويل المتفق عليها من الجانبين، وبالتالي لم نستبعد ان الوزارة قد شعرت بتورطها فى دفع مبالغ طائلة فى المعدات والتجهيزات فضلا عن ان البيئة غير مهيئة.
واضاف انه من المعروف ان الجانب الياباني يقدم منحا، ولكن إذا قدم قرضًا فهو مشروط ويمثل تدخلا فى السيادة المصرية وغير مقبول على الاطلاق خاصة ان التعليم قضية امن قومي، متوقعاً وجود ضغوط خارجية من جهات سيادية دولية لوقف هذا المشروع لصالح عدم تعميم هذا النموذج الياباني حتى لا يضع النماذج الاخري فى حرج شديد.
لافتاً الى هناك تناقض بين تطبيق طريقة التدريس الياباني القائمة على إحترام الاخرين والالتزام بالاخلاقيات، وبين البيئة خارج المدرسة التى تحض على الإجرام والسلوكيات العنيفة، فلا قيمة للنموذج التربوي داخل المدرسة ان لم يتم تطبيقه داخل المجتمع ككل حتى لا تحدث ازدواجية فى المفاهيم لدي الابناء.
مشدداً على ان الدولة مسئولة مسئولية كاملة عن رعاية الاطفال حتى نهاية مراحل التعليم، وهي التى تنفق على التعليم، ولامانع ان تفرض الدولة مصروفات معينة فى ظل نظام سياسي يرفض المجانية ولكن مقابل ذلك على الدولة ان تسعي دائماً لتنمية البيئة التربوية والتعليمية.
غياب الإعداد المسبق
وقال د. محمد يحي ناصف “ رئيس شعبة المعلومات التربوية بالمركز القومي للبحوث التربوية” ان لا احد يعلم الاسباب الحقيقية لتأجيل الدراسة وفى تفسيري قد ترجع الاسباب الى تسرع وزارة التعليم فى استحداث نظام جديد دون إعداد مسبق له.
واضاف ان وزارة التعليم فوجئت بزيادة اقبال اولياء الامور على التقديم لابنائهم بهذه المدارس، حيث عندما اضافوا كلمة “اليابانية” الى “المدارس المصرية” ظن الناس عن جهل ان هذه المدارس تعلم النظام الياباني ولكن فى الحقيقة ان هذه المدارس تدرس المناهج المصرية ولكن التغيير فى اضافة انشطة التوكاتسو اليابانية.
لافتاً الى ان هناك الكثير من الامور غير الواضحة لاولياء الامور حول المدارس اليابانية منها معرفتهم بطبيعة عمل هذه المدارس ودور ولى الامر ودور الطالب والمعلم، حيث تقوم هذه المدارس على المشاركة وساعات العمل للمعلم تمتد الى 10 ساعات يومياً.
وافاد رئيس شعبة المعلومات التربوية، ان اساس التعليم فى اليابان قائم على المجانية بما لايدع شكا ان تأجيل الدراسة قد يعود الى رفض الجانب الياباني زيادة المصروفات
مشيراً الى ان مركز البحوث التربوية يقوم بعمل دراسة بعنوان “المعلم والمتعلم فى نظام التعليم الياباني” يرصد من خلالها ضوابط وشروط الالتحاق بهذه المدارس، واعداد المعلم والشهادات التى يحصل عليها ودوره داخل المدرسة.
سمسرة مالية
ويري عبد الحفيظ طايل “ مدير المركز المصري للحق فى التعليم” ان مشروع المدارس المصرية اليابانية يعد “ سمسرة مالية” واتضح ذلك فى الإشتراطات التى وضعتها وزارة التعليم لإلتحاق التلاميذ فى هذه المدارس على راسها الوضع الاجتماعي للاسرة بما يعد تمييزا بين المواطنين، وايضاً فرض مصروفات دراسية معينة على الرغم من ان الحكومة اليابانية وعدت بمنحة لإنشاء 140 مدرسة بهدف نشر ثقافتها فى دول العالم. واضاف ان الدولة المصرية تنظر للتعليم على انه سلعة، ومن غير المنطقي ان وزير التعليم قد اخفى عن رئيس الدولة وضعية المدارس اليابانية وافتتاحها حتى يخرج علينا الوزير ويعلن بأن الرئيس امر بتأجيل المشروع لحين الاستعداد الجيد له.
لافتاً الى ان مجانية التعليم التى نص عليها الدستور المصري، غابت عن السياسات الحكومية، وهناك مستويات متعددة لجودة التعليم مرتبطة بالقدرة المالية للاسرة، واصبح اولياء الامور يعانون فى ظل الوضع المتدني والمتدهور للتعليم وينفقون الاف الجنيهات على الدروس الخصوصية.
اختلاف الثقافات
وقال د.شكري سعيد “ استاذ المناهج وطرق التدريس بالمركز القومي للامتحانات” ان التعليم فى مصر لم ينهض بنقل تجارب الدول نصاً نظراً لاختلاف الثقافات والمجتمعات، وإنما يتطلب وضع استراتيجية واضحة وفق إمكانياتنا وعاداتنا وتقاليدنا.
واضاف ان اختلاف التعليم فى المدارس اليابانية يكمن فى طريقة التعلم والتدريس والتعلم القائم على تنمية الابداع والتفكير لدي التلاميذ وليس الحفظ والتلقين.
لافتاً الى ان كثافة الفصول من ابرز مشاكل التعليم فى مصر، فى ظل ان عدد التلاميذ فى فصول المدارس اليابانية لا يزيد على 35 الى 40 طالبا فى الفصل الواحد مع مراعاة ان نصيب الطالب من المساحة لا يقل عن 1.6 متر مربع، ويجلس الطالب على مقعد بمفرده مزود بأدوات طبية ووقائية ليتعلم ان يعتمد على نفسه، فضلا عن استخدام احدث وسائل التدريس، ويمنح الطالب وجبة صحية وتزويده بأحدث وسائل التكنولوجيا. مشيراً الى ان المدرسه اليابانية تقوم بدورها فى اكتشاف مواهب الطلاب وتنميتها، وتحتاج هذه التجربة لسنوات عديدة لتقييمها وإثبات نجاحها.

التعليقات متوقفه