لبنان يتمسك بسعد الحريرى رئيسًا للوزراء وأمريكا وإسرائيل تحرضان على الحرب

470

لا يوجد مواطن عربي من الخليج إلى المحيط لا يتساءل عما يحدث فى لبنان وذلك بعدما أعلن رئيس وزرائها سعد الحريري استقالته المفاجئة من داخل الرياض ونقده الشديد» لحزب الله»ولكن هذه الاستقالة يشوبها الغموض وتثير التساؤلات خاصة بعدما طالبت بعض دول الخليج رعاياها بالانسحاب من لبنان، فى ظل التحفظ السعودي وتضارب المعلومات.
وفى التحقيق التالي نبحث تداعيات تلك الاستقالة وما يترتب عليها :
السفير جمال بيومي، رئيس إتحاد المستثمرين العرب أكد أن ما يحدث فى لبنان يتصدر المشهد السياسي فى المنطقة فالوضع السياسي فى لبنان الذي يقوم على توازن المصالح بين ثلاثة تتوزع بينهم السلطات بوفاق غير مكتوب.الطائفة المارونية وتتولى الرئاسة (الرئيس عون) والشيعة (حزب الله) وتتولى رئاسة البرلمان (نبيه بري) وطائفة السنة وتتولى رئاسة الوزارة (الحريري أو السنيورة).
ومشكلة لبنان تتصاعد كلما حاولت طائفة الحصول على مكاسب على حساب الطوائف الأخري. وهنا تتدخل القوى الخارجية تساند هذا أو ذلك. فالسعودية تساند السنة وإيران تساند الشيعة وأمريكا تساند المارونيين» يا ويل شعبا يعتمد أطرافه على قوي خارجية»وهذا ما نحذر منه المصريين وهو المساس بوحدتنا فهذه أكبر ثروة نمتلكها.المتصارعون على أرض لبنان لبنانيون ولا توجد مؤامرة، اليوم نحن نعيش فى مصر وبيننا حوالي 12 مليون مسيحي ولا يوجد خلاف، ما يحدث بين السنة والشيعة عيب فى التوجه الإسلامي،مجرد اختراع سواء ابتدعته امريكا لكي تقسم المنطقة او غيرها، انما فى النهاية العبرة بالداخل وهذه هي الرسالة التي أريد ان أوصلها.
الدور الأمريكي
ويفسر بيومي مطالبة بعض دول الخليج لرعاياها بالعودة بسبب ان السعودية اعلنت مناصبة العداء لحزب الله وايران وبالتالي تخاف على رعاياها فى لبنان من رد فعل «حزب الله» أو غيره ولذلك طالبت رعاياها بالانسحاب وكذلك تطالب الدول الأخري التي تري بوادر صراع رعاياها بالإنسحاب من لبنان، أعتقد أننا على مشارف عنف فى لبنان وارجو الا نكون على مشارف عنف فى السعودية نفسها.. وعن اعتقاد البعض إن ما يحدث هو نقل للصراع من سوريا للبنان «ورقة ضغط «تعطي الشرعية لوجود امريكا على طاولة المفاوضات،أضاف بيومي قائلا الطرف الأمريكي موجود شئنا أم أبينا، وعلينا أن نعترف ان أمريكا قوة عظمي ولا اظن انها فى حاجة إلى أن تفتح جبهات أخري لكي تحسن موقفها فى سوريا،والهجوم على حزب الله سيحسن موقف القوي الوطنية السورية التي لا تتبع «حزب الله» ولا تتبع العلويين الذين يحكمون،فكل فريق يحاول أن يجتذب قوة أجنبية تسانده، وكلما تدخلت قوة أجنبية تعقد الموضوع، لأنه إذا ارادت الأطراف المتصارعة أن تتصالح فعليها أن تعود إلى الأطراف التي تساندها لتوافق على الصلح !.. وحول تطور الصراع إلى حرب يؤكد بيومي ان الجميع يحاول تجنب الحروب لكن الحروب الصغيرة مسموح بها، لأنها تحكم سيطرة امريكا على المنطقة وتحقق رواجا لبيع السلاح، وذلك بسبب استحالة الحروب الكبري..فلن تفقد كل من أمريكا وروسيا صوابهما ويتحاربا مباشرة فى أي يوم من الأيام،لهذا فاحتمالات الحروب قائمة وتغذي صناعة السلاح وتغذي القوي الاجنبية التي من مصلحتها ان يكون هناك اضطرابات ولكن ليس هناك مؤامرة ولكن نحن السبب. وإذا انتظمنا فى تحالف وطني سيتوقف كل ما نخاف منه.
تهديد أمن الخليج
وأجاب بيومي عن تساؤل لماذا لم توجه السعودية تهديدها مباشرة لإيران بدلا من توجيهه إلى ذراع من أذرعتها قائلا ايران بالفعل تهدد الخليج واحتلت جزرا فى الإمارات العربية. وزودت الحوثيين بصاروخ يستطيع أن يصل إلى المطار فى السعودية. كل هذا صنع نقلة نوعية فى المواجهة ومن هنا كان لابد من التصدي. والحقيقة التصدي لإيران أمر صعب لانها قوة عسكرية كبيرة، وما حدث مع العراق لن يتكرر ولا أظن ان القوي الخليجية قادرة على مواجهة إيران عسكريا ومن هنا يأتي صوت العقل المتمثل فى قول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي « لابد من وجود حوار وتسوية فى إطار الحوار والمفاوضات « وهذا هو الذكاء المصري وإلا سنجد أنفسنا متورطين فى حروب لا طاقة لنا بها.
إيران تتدخل فى كل ما هو شيعي وهذا يتضح فى اليمن فنصف اليمن مع فئة والنصف الآخر مع فئة أخري ولذلك لم نصل للتسوية بعد وتظل الأمور مشتعلة هكذا وهذا يروق لامريكا ولصناع السلاح فى العالم.. ويستطرد بيومي قائلا الصراعات الموجودة بالمنطقة وتشمل سوريا ولبنان واليمن والعراق وليبيا والصومال والسودان، هي انعكاس للحروب بالوكالة، وظني أن نظرية المؤامرة لن تفيد فى تفسير الأحداث. فإسرائيل أو أمريكا لم تخترعا حزب الله أو الخلاف السني الشيعي. لهذا تأتي أهمية وجهة نظر مصر من التمسك بالحوار الصريح ومناقشة المصالح وإعلاء المصالح (الوطنية) على الأطماع (القبلية). لكننا لا شك وسط قدر كبير جدا من الفوضي فى المنطقة تحتاج للغة تقرب ولا تحارب.
القوة الإيرانية
وفى نفس السياق يقول السفير فوزي العشماوي مساعد وزير الخارجية الأسبق الكل يتحدث عن المد الإيراني، والخطر الايراني، والحقيقة أن إيران ليست دولة من الملائكة، وهي بالقطع دولة لاتنسي تاريخها الإمبراطوري، وتدرك اختلافها المذهبي الشيعي عن المحيط السني الذي تعيش وسطه، ولها علاقات بالإرهاب، ولكن من الإنصاف القول إن حربها الطاحنة مع العراق مثلا لم تكن هي من بدأتها بل بدأها صدام حسين، وأن حربها بالوكالة فى سوريا واليمن لم تكن هي أيضا من أشعل فتيلها، بل كان المسئول عنها هو تحالف القوي الدولية والإقليمية، والمخططات الإسرائيلية برعاية امريكية، والتورطات والتمويلات الخليجية، والدعوات والتهويمات الجهادية، هذه التوليفة هي من قامت بتدمير البلدين الجميلين وتشريد شعبيهما.. إيران دولة قوية، ومتماسكة، وأهم عناصر قوتها أن حكومتها تعبر عن شعبها، وأنها تمتلك رصيدا معرفيا وعلميا وتكنولوجيا مكنها من إحراز نجاحات لاتنكر فى مجال التسليح والتنمية، وكان لافتا أن فريق التفاوض الايراني فى الملف النووي كان كله من حملة الدكتوراه من أرفع الجامعات العالمية، ولعل أهم دليل على قوة إيران وتماسكها هو صمودها للحصار الدولي، وادارتها لعدة حروب بالوكالة على جبهات اليمن وسوريا، وسيطرتها على العراق ولبنان، ونفوذها المتمدد الي ليبيا وغزة، بل انه من المثير للانتباه ان افلام هوليوود أصبحت تقدم إيران بدلا من روسيا كخصم دولي للولايات المتحدة.
التعايش السلمي
ويستطرد عشماوي قائلا إن قوة إيران تزيد وتماسكها الداخلي يتعزز بالتحديات الخارجية وتصاعد دعوات الحرب ضدها، ونشوب اي حرب بينها وبين دول الخليج سيعني دمار الأخيرة، بل إن اسرائيل، ووراءها واشنطن، لو كانت تعرف ان هناك اي فرصة للفوز دون خسائر جسيمة فى اي مواجهة شاملة او حتي ضربات محدودة لايران لما ترددت فى الإقدام على الحرب.
الخلاصة أنه لابديل للعرب عن الوصول لصيغة وسط مقبولة تضمن التعايش السلمي مع ايران، وتكف يدها عن التدخلات الضارة فى المنطقة، مقابل ضمان أمن وحقوق الاقليات الشيعية والابتعاد عن سياسة حافة الهاوية وسباق التسلح الضار للجميع، وترك التحديات الداخلية تقوم بفعلها داخل ايران، فربما كانت هذه التحديات أمضي أثرا من الحروب والغزوات.
الرأي العسكري
ويقول اللواء نصر سالم رئيس جهاز الاستطلاع بالمخابرات الحربية الأسبق واضح من المشهد إن إسرائيل تريد ان تتخلص من «حزب الله» فهي التي تقوم بنسج هذه الخيوط مع أمريكا وتريد أن تورط فيها السعودية ولكن لم يتضح حتي الآن كيف؟ فالمتحدث الرسمي للسعودية صرح بأن الصاروخ الذي ضرب على الرياض «حزب الله» هو الذي أرسله عن طريق قناة السويس إلى الحوثيين فى اليمن وهذا كلام لا يمكن ان يعقله عقل، أمريكا واسرائيل تريدان أن السعودية تعمل لصالحهما بالوكالة، وأتمني ألا يتم ذلك.. وفيما يتعلق بالمخاوف اللبنانية من نشوب فتنة طائفية يقول سالم قد يكون هدف إسرائيل هو تحريض السنة ضد «حزب الله» أو يسلحوا المدنيين السنة فى لبنان وهذا بالطبع سيؤدي إلى حرب طائفية، وهذا الكلام منتهي السفه ولن يوافق عليه أحد،فهم يريدون أن يضربوا حزب الله فى لبنان بواسطة اللبنانيين السنة وهذا الكلام لن يوافق عليه أحد، لان حزب الله قوي جدا فى لبنان وهو المسيطر وفارض إرادته، وحتي رئيس الدولة ميشال عون لم يكن يأتي إلا بموافقة «حزب الله».وواضح ان الموقف السياسي أكبر بكثير من سعد الحريري.
حسابات خاطئة
وعلي الجانب الآخر يري دكتور محمد سيد أحمد أستاذ علم الإجتماع السياسي بجامعة القاهرة إن الولايات المتحدة الأمريكية تريد ان تعوض خسائرها فى سوريا بمعاقبة لبنان و»حزب الله» الذي استطاع ان يفرض ارادته داخل لبنان وبالتالي كانوا يعتقدون أن حزب الله سيهزم فى سوريا ويتم القضاء عليه، لكن حساباتهم كانت خاطئة، وبناء عليه ما يحدث الآن هو محاولة مستميتة للعب بالورقة اللبنانية.وأعتقد ان لبنان سوف يفوت الفرصة على أمريكا ولن أقول السعودية. ولبنان متمسك بسعد الحريري ويطالبون بعودته ولن يقبلوا الاستقالة.
واستطرد سيد أحمد قائلا يهمني رد الفعل اللبناني لان هذا هو الذي سيترتب عليه اتجاه المؤامرة.لان هناك مؤامرة بالفعل والأوضاع غير مستقرة والهدف تفجير لبنان ونقل المعركة من مكان لمكان،ولكن لبنان لديها خبرة الحرب الأهلية وخبرة عدم الاستقرار،الفكرة هنا أن أعوان المشروع بالداخل لا يشكلون الكتلة الصلبة، وكانوا يعتقدون أن باستقالة سعد سيكون رد الفعل هو اتهامه بالخيانة والعمالة وهذا غير الذي حدث، فالداخل اللبناني مصر على عودة سعد الحريري وعلي انه رئيس الوزراء وإذا السعودية أجبرت سعد وفرضت شخصا آخر من تيار المستقبل للرئاسة غير سعد، التكتل اللبناني الوطني الداخلي والقوي الوطنية اللبنانية سوف يرفض.ومصرة على سعد.

التعليقات متوقفه