لليسار در: العبث بالرئاسة

128

تواصل المؤسسات الرسمية للدولة المصرية تنفيذ خطتها لتأييد بقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي فى منصبه كرئيس للجمهورية لفترة ثانية على الأقل. وتقوم هذه الخطة على ثلاثة محاور.
الأول : محاولة الاغتيال المعنوي وتلويث السمعة واصطناع القضايا لكل من تسول له نفسه الإعلان عن عزمه خوض انتخابات الرئاسة منافسا للرئيس الحالي والمقرر إجراؤها العام القادم (2018).
بدءا بالنائب « محمد أنور السادات» الذي تم فصله من البرلمان بعد إعلانه نيته خوض انتخابات الرئاسة القادمة، مروراً بالمحامي العمالي والناشط الحقوقي « خالد علي» الذي جرى تلفيق تهمة له تسئ لسمعته بين المواطنين، وصولا إلى الفريق «أحمد شفيق» الذي عاد لمصر أخيرا من الإمارات وتعرض لحملة هجوم بمجرد أن أعلن أن عودته تمهيدا للترشح لرئاسة الجمهورية، وإن كان يتحمل هو جزءا من المسئولية نتيجة لتصرفاته وتصريحاته خلال الأيام القليلة التي سبقت ترحيل دولة الإمارات له من البلاد بعد أن استضافته وأكرمته سنوات طويلة ترحيله إلى القاهرة على متن طائرة خاصة.
فالثلاثة شنت عليهم أجهزة الإعلام المملوكة للدولة أو المملوكة لرجال الأعمال المرتبطين بالسلطات الحاكمة، حملة تشهير وتحقير تجاوزت كل الحدود المقبولة والمتصورة للصراع السياسي، وحولت انتخابات رئاسة الدولة إلى ما يشبه «خناقة فى حوش بردق».
المحور الثاني : استمرار تجفيف الحياة السياسية واضعاف الأحزاب وحصارها وتجاهلها، بالرغم من النص الدستوري على قيام الحياة السياسية والنظام السياسي « على أساس التعددية السياسية والحزبية، والتداول السلمي للسلطة، والفصل بين السلطات والتوازن بينها..» فقد أدار الرئيس عبد الفتاح السيسي ظهره للأحزاب السياسية طوال عامي 2016، 2017، وبل وتجاهل الدستور القائم ومارس عمليا سلطات رئيس الجمهورية، كما وردت فى دستور 1971 والتي تجعل رئيس الجمهورية هو صاحب القرار السياسي والاقتصادي والإداري والتشريعي الوحيد فى مصر !.
وساعده على هذا التجفيف للحياة السياسية الضعف والخمول الذي أصاب الأحزاب السياسية وتنصل قادة أحزاب رئيسية بين الانتماء للمعارضة، بمقولة تعارض ما نراه فى غير صالح الوطن والمواطنين ويؤيد ما يحقق مصلحة الوطن والمواطنين، متجاهلين عمداً أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وحكومته ينفذان سياسات اقتصادية واجتماعية محددة وواضحة، هي استمرار لروشتة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وهيئة المعونة الأمريكية المطبقة فى مصر منذ عام 1974، والتي أدت لتوقف وتراجع التنمية الزراعية والصناعية وارتفاع نسب الفقر والبطالة وشيوع الفساد، وكانت أحد أهم أسباب ثورة 25 يناير 2011، وموجتها الثانية فى 30 يونيو 2013، وأن هذه الأحزاب تملك برنامجا بديلا لبرنامج الرئيس وحكومته، وتمسك هذه الأحزاب ببرنامجها للمرحلة الانتقالية الحالية يجعلها على وجه القطع فى موقع المعارضة «. نفس الأمر بالنسبة للأوضاع السياسية وقضية الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان، فالدستور مازال حبرا على ورق، لم تقدم الحكومة ومجلس النواب على تحويل مواده وبنوده إلى قوانين نافذة والقوانين المقيدة للحريات العامة والتي تنتهك حقوق الإنسان مازالت قائمة، بل وأضيف إليها قوانين جديدة.
المحور الثالث : القانون الخاص بتنظيم الانتخابات الرئاسية وما يفرضه من شروط وقيود، أهمها أن يكون من أصحاب الملايين، فالحد الأقصى الذي حدده القانون (مادة22) كل مرشح هو « عشرين مليون جنيه» هو فى الواقع الحد الأدنى لأي معركة انتخابية تمتد من الإسكندرية إلى سيناء إلى أسوان، ولكن المشكلة أن القانون ألزم أي مرشح ألايتجاوز ما يتلقاه من تبرعات نقدية أو عينية من الأشخاص الطبيعيين المصريين نسبة 2% من الحد الأقصى المقرر للانفاق فى الحملة، أي أن المرشح يتحمل النصيب الأكبر فى الانفاق على الحملة.
ولم تكتف الجهات الرسمية الداعمة للرئيس السيسي بكل ذلك، ورغم ضعف المنافسين حتى الآن، وبصرف النظر عن عدم الرضا الشعبي عما تحقق فى فترة ولاية السيسي الحالية، فظهرت فجأة حملة « علشان نبنيها» وأصبح لها مقرات فى كل محافظات مصر، وعقدت مؤتمرات جماهيرية وقامت بجولات فى المصانع والشركات الحكومية والخاصة، وطبعت استمارات يوقع عليها المواطنون، تؤيد انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي لفترة ثانية، كل ذلك قبل فتح باب الترشيح ومعرفة أسماء المرشحين، وما إذا كان الرئيس عبد الفتاح السيسي سيتقدم بالترشيح أم لا.
والأهم من ذلك مخالفة المادة (18) من قانون الانتخابات الرئاسية، التي تحظر الدعاية الانتخابية قبل إعلان القائمة النهائية للمرشحين.
وفى ظني أن الذين يديرون هذه الحملة للرئيس عبد الفتاح السيسي يسيئون إليه بدلا من جلب الدعم له، فعندما يقدم أنصار الرئيس على خرق القانون بهذا الوضوح فسيحمل الرأي العام الرئيس مسئولية هذا التصرف الأحمق، ولن يستطيع الرئيس القول أنه لا علاقه له بما يجري، فالأمور تتم علانية وعلى رؤوس الأشهاد كما يقولون، وهو وحده الذي يملك أن يوقف هذا العبث.. إن أراد.

التعليقات متوقفه