ضد التيار: شفيق والانتخابات الرئاسية

234

شَغل الفريق أحمد شفيق اهتمامات الرأى العام داخل مصر وخارجها طوال هذا الأسبوع، منذ إعلانه عن الترشح فى انتخابات الرئاسة المصرية المزمع إجراؤها فى شهر مايو المقبل من داخل دولة الإمارات، وحتى وصوله إلى القاهرة مرحلا منها بعد أن منحته الإمارات مهلة 48 ساعة لمغادرتها، بصفته شخصًا غير مرغوب فيه. وجاء هذا التطور السريع فى أعقاب إعلانه من شاشة الجزيرة الفضائية أن الإمارات تمنعه من السفر وأنها تتدخل فى الشأن الداخلى المصرى لأسباب لا يعلمها لمنعه من الترشح، وما أعقب ذلك من لغط أثير حول من زعم خطفه لجهة غير معلومة، واختفائه قسريًا، ثم مكالمته التليفونية فى حوار فضائى لينفى كل هذا السيناريو الركيك، مؤكدا أنه حر الحركة، لكنه يستجم فى أحد الفنادق حتى يتم تجهيز بيته الذى غاب عنه نحو خمس سنوات. وفى مكالمته الهاتفية مع الإعلامى وائل الإبراشى على قناة دريم فاجأ الفريق مستمعيه بأنه فى سبيله لمزيد من التدقيق والتفحص فيما يتعلق بقرار ترشحه للرئاسة، وأنه سيحرك دعوى قضائية ضد فضائية الجزيرة لكذبها المتعمد، دون أن يوضح كيف وصل بيانه الهجومى على دولة الإمارات إليها!
كان من اللافت للنظر فى بيان ترشحه، أن الفريق شفيق بعد أن استعرض خبرته الطويلة كقائد للقوات الجوية ست سنوات وقائد للطيران ووزير للطيران المدنى عشر سنوات، وحصوله على المركز الثانى بين 12 مرشحا فى انتخابات الرئاسة عام 2012، لم يشر من قريب أو بعيد للمخالفات التى شابت عملية التصويت وقادت لإعلان فوز مرشح جماعة الإخوان، وإغلاق ملف التحقيق فى تلك المخالفات. فى نفس الوقت الذى حرص فيه على التأكيد على أن مصر دولة ليست بالفقيرة، وأنه فى حال فوزه بالرئاسة سيسعى كى تكون مصر كما قال نصا “دولة منتجة قوية وصديقة للجميع ولا تكون عبئا على المجتمع العالمى، وإنشاء نظام للحكم مدنى ديمقراطى نموذجى، ومستقر قابلا للمراجعة وإعادة النظر”.
وليس سرًا أن الكلمات السابقة تنطوى صراحة على نقد للنظام المصرى القائم وهذا حقه ولا جدال فيه، لكن الالتباس يأتى من استخدام كلمات عامة تفهم بأكثر من معنى، فمن قال إن مصر تشكل عبئا على المجتمع الدولى، وأين هى الدولة على خارطة العالم التى تعد صديقة للجميع، إلا إذا كان المعنى ينسحب إلى المصالحة مع جماعة الإخوان والحوار معها وهى التهمة التى وجهها له عدد من المنسحبين من حزبه “الحركة الوطنية “ فى الأسابيع الأخيرة لاعتراضهم على تعاونه وتنسيقه مع الجماعة. وما هى الدولة المدنية التى ينشدها الفريق شفيق، أليست هى الدولة غير العسكرية وغير الدينية؟
ومع كل هذا الارتباك والتخبط فى بياناته وعودته، فليس هناك أحد يصدق أن الفريق بات حرا فى اتخاذ قراراته، أوأن تراجعه عن عدم ترشيح نفسه هو قرار فردى وشخصى، بل إن ضغوطا تمارس عليه لمنعه من الترشح، برغم ما سوف يضفيه ذلك من تنافس حقيقى لمعركة الانتخابات الرئاسية، التى تعزز شرعية النظام القائم، وتنفى عنه ما يروجه خصومه من عدائه لفكرة الديمقراطية وخشيته من فكرة التداول السلمى للسلطة. ولو أن من بيدهم الأمر أدركوا أن الفريق قد حرق أوراقه كلها بغيبته عن واقع لم يعد يعرف تعقيداته، والإساءة لعلاقته بدولة الامارات، واقترابه من خصم لدود ليس للدولة المصرية فحسب بل للشعب المصرى أيضا الذى مازل يدفع ثمن إرهاب الجماعة وأنصارها من لحمه الحى، بينما يحمل الفريق شفيق خطابها ويدافع عنه ويتحالف معها، لو أدركوا كل ذلك لدفعوه للترشح ليعرف عن كثب رأى جمهور الناخبين فيه.
ولأن الحماقة أعيت من يداويها فلم يحدث ذلك، والأرجح أنه لن يحدث!

التعليقات متوقفه