لقطات: من المعادى إلى أرض الفيروز سياحة فى رحاب الوطن

221

مؤخرا، بلغ بى الإرهاق مبلغا وصل إلى حد الإعياء. زرت مركز الطب الطبيعى والتأهيل بالعجوزة التابع للقوات المسلحة. هم يعرفون حالتى جيدا؛ فقد تولوا تأهيلى بعد جراحة الظَّهر الدقيقة التى أجريتها فى مايو 2012 عمدما كنت وزيرا. حملت معى نتائج الأشعة و التحاليل المطلوبة. بعد السلام و الكلام و الكشف و الفحص، قال لى الدكتور أحمد جنيدى مدير المركز بلطفه المعهود “ سيادة الوزير، اطمئن. الموضوع بسيط. نتائج التحاليل طيبة. الأشعة توضح تحرك صابونة إحدى الركبتين عن موضعها بعض الشئ، مع وجود ارتشاح فى الركبة الأخرى”. سألته “لكنى أحس بضعف و ألم شديد أثناء المشى. و يزداد احساسى أثناء صعود أو هبوط السلالم. فما العمل؟” أجابنى بابتسامته الرقيقة “و لا حاجة. شوية تمرينات بسيطة. لكن الأهم إن سيادتك تعيش سنك!”
ذكرتنى نصيحة الطبيب بأننى فى الفترة الأخيرة لم “أحترم سنى” فعلا. فقد بذلت خلالها مجهودا تجاوز “مقتضيات السن”: محاضرات، اجتماعات، لقاءات تليفزيونية، حوارات صحفية، مؤتمرات سياسية جماهيرية، رحلات،… إلخ. و احتراما للسن، تراجعنا عن خطط سفرنا إلى الولايات المتحدة لحضور أكبر مؤتمرين علميين للاقتصاديين فى الأسبوع الأول من يناير 2018، و قررنا أخذ إجازة عدة أيام لزوم “شحن البطاريات” فقط. قصدنا إلى “دهب” على خليج العقبة ضمن رحلة نظمها نادى المعادى. فأنا أعشق أرض الفيروز، لبساطتها و بدائيتها و هدوئها و طبيعتها الساحرة. و أعتبرها أهم ملاذاتى الآمنة، إلى جانب واحة الغروب (سيوة). فى رحلة الحِجّ إلى هذا الجزء الغالى من مصر (جنوب شرق سيناء)، فإن العقبة الكبرى هى عبور نفق الشهيد أحمد حمدى. فالأمر أشبه بولوج الجمل فى سَمِّ الخِياط.
بصراحة: عبور النفق يحتاج إلى إعادة نظر جذرية. لا بد أن نضع خطة علمية و ننفذها بكل جدية لتقليل زمن العبور إلى سيناء و منها. و لنتذكر أن خط الدفاع الأول عنها هو القضاء على عزلتها: جغرافيا و ثقافيا و سياسيا و تنمويا. طبعا الأنفاق و الكبارى التى يجرى بناؤها حاليا ستحل جزءا من المشكلة بالنسبة لشمال و وسط سيناء. و لكن يظل من الضرورى إستراتيجيا عمل شىء لحل مشكلة العبور فى الجنوب. و إذا كنا قد نجحنا فى تقليل زمن عبور السفن للقناة بتنفيذ مشروع التفريعة، فإن الأسهل هو تقليل زمن العبور من و إلى جنوب سيناء. و للعلم، فإن الأردنيين و الإسرائيليين يصلون إلى طابا و دهب و نويبع فى زمن أقل كثير جدا من المصريين. و أنا أضع هذا الموضوع تحت نظر الفريق مهاب مميش و اللواء أحمد حامد و اللواء خالد فودة بما أعرفه عنهم من همة و حس وطنى.
و الآن إلى النصف الملآن من الكوب. تنظيم الرحلة كان جيدا، و تعاوُن الأعضاء و إلتزامُهم بالتوقيتات كان واضحا. و قد حظيت من الجميع برعاية مشكورة مراعاة لظروفى الصحية. تعرفت إلى عدد من الأعضاء، و آمل أن تتحول المعرفة مستقبلا إلى صداقة. لاحظت تردد الناس فى الكلام، لكن ما أن تبادئهم بالتحية و الحديث حتى يزول الحاجز بسرعة مدهشة. و أعتقد أن الأمر يحتاج إلى آلية منظمة، مثلا بترتيب جلسة تعارف فى البداية كجزء من برنامج الرحلة تتيح للناس تبادل المعلومات و الخبرات. نزلنا فى فندق Ecotel فى دهب، و هو فندق رائع التصميم. المبانى ليست كتلة واحدة، بل هى موزعة على منحدر الجبل بإتجاه البحر. صالة الطعام مرصعة بعدد من اللوحات البديعة، و الحدائق تحظى بعناية فائقة. فريق الترفيه فى الفندق قوامه أربعة من الشباب يتفجرون حيوية، و لم يفقدوا حماسهم رغم قلة الجمهور.
حكمة اليوم: (للإمام الشافعى)
تَغَرَّب عن الأوطان فى طلب العُلَى.. و سافر، ففى الأسفار خمسُ فوائدِ تَفَرُّجُ هَمًّ، و إكتسابُ معيشة،.. و علمٌ، و آدابٌ، و صحبةُ ماجِدِ

التعليقات متوقفه