القاهرة تستعد لإحياء الذكرى الـ 60 لتأسيس منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الأسيوية

240

متابعة: محمد مختار

عقدت منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الأسيوية، مؤتمرًا صحفيًا بحضور الكاتب الصحفى نبيل زكى، رئيس مجلس إدارة جريدة الأهالى، والسكرتير العام للمنظمة نورى عبد الرازق، والكاتب الصحفى عبد القادر شهيب، وذلك لشرح ترتيبات الإعداد لاحتفالية عالمية بمناسبة مرور ستين عامًا على تأسيس المنظمة، والتى عُقد مؤتمرها التأسيسى فى 25 ديسمبر 1957، وأعلن إنشاؤها فى 1 يناير 1958، ويأتى ذلك فى ظل ما يواجهه العالم من أخطار داهمة تهدد الجنس البشرى كله، الأمر الذى يفرض على منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الأسيوية، أن تلعب الدور الذى أدخرته الظروف التاريخية لها لكى تقوم به.

الاحتفالية والمقرر عقدها فى القاهرة يومى 14 – 15 يناير الجارى، ستركز على الرؤية المستقبلية لمنظمة تضامن الشعوب الأفريقية الأسيوية، وكذلك قضية الإرهاب واستمرار الولايات المتحدة فى حماية الإرهابيين فى سوريا وتجهيزهم للجولة التالية، فضلا عن ضرورة وجود حل سياسى للأزمة السورية وكذلك ليبيا واليمن، وأيضًا مناقشة الخطر النووى، إضافة إلى تخصيص جزء من الاحتفالية بمناسبة الذكرى المئوية لميلاد الزعيم جمال عبدالناصر، وكذلك سيناقش المؤتمر القضية الفلسطينية وأزمة القدس.
ومن المنتظر أن تشهد الاحتفالية مشاركة عدد كبير من الدول، حيث سيشارك ممثلون عن اليابان والهند وسيري لانكا وباكستان وبنجلادش ونيبال والصين، ومن البلاد العرببة، مصرو فلسطين وسوريا وليبيا والمغرب وتونس والسودان والعراق والبحرين والكويت ولبنان، كذلك روسيا واليونان وبريطانيا وفرنسا، ومن المقرر أن يحضر أيضًا مجلس السلام العالمى.
هيمنة
وقال الكاتب الصحفى نبيل زكى، رئيس مجلس إدارة جريدة” الأهالى”، إننا أكثر احتياجًا فى هذا الوقت أكثر من أي وقت مضي، لإحياء دور منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الأسيوية، مما كان عليه الحال فى أى وقت مضى، وذلك بسبب المخاطر المحيطة بنا، ومنها أن هناك خطر حرب نووية والتهديد بها من وقت لآخر، والدليل على ذلك ما يجرى بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، فضلا عن إنكار حق الشعوب فى تقرير المصير، والمثال الصارخ على هذا هو إنكار حقوق الشعب الفلسطينى، رغم مضى عشرات السنين على الاحتلال الاسرائيلى، وكذلك فإن الدول الكبرى تلجأ إلى أسلوب جديد لمواجهة الشعوب بهدف تدمير الدولة الوطنية فى كل بلد تستطيع أن ترتكب فيه هذه الجريمة ومستخدمة فى ذلك المنظمات الإرهابية، والتى تتولى الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا وقطر تمويل وتدريب محاربيها وتسليحها، مؤكدًا أن الإرهاب أصبح أداة لتدمير المنطقة العربية على وجه الخصوص.
وتابع زكى، ان هناك أرقاما قياسية لم تحدث منذ عام 1945، فى ميزانيات التسلح واعتمادات تصل إلى تريليون دولار لتجديد وتطوير الترسانة النووية فقط فى الولايات المتحدة الأمريكية، وأنه توجد 800 قاعدة عسكرية أمريكية فى أنحاء العالم، تغطى حوالى 70% من دول العالم فى 138 دولة، مستنكرا وجودها، حيث أكد أن أمريكا تسعى إلى استمرار هيمنتها، وهو نفس السبب الذى دفعها وبدون وجود مبرر عسكرى بأن تقوم بضرب مدينتين فى اليابان بالقنابل الذرية فى الحرب العالمية الثانية بعد أن كانت اليابان تستعد للاستسلام، ولكن الولايات المتحدة كانت تنظر لما بعد انتهاء الحرب وهو فرض الهيمنة، فضلا عن زيادة أعداد اللاجئين والمشردين والمهاجرين، حتى اننا وصلنا إلى رقم قياسى وغير مسبوق فى أعداد اللاجئين والمهاجرين سواء بطريقة شرعية أو غير شرعية، مشيرًا إلى أنه من هذا المنطلق تأتى أهمية إحياء دور منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الأسيوية مرة أخرى.
خطورة
وأضاف، أن الاجتماع الأخير لمنظمة الأمم المتحدة والخاص بالقدس، ووقوف 128 دولة بجانبنا، وهي من سلالة العظماء والذين صنعوا مؤتمر باندونج، وهو الأمر الذى يجب استثماره فى وقت نواجه فيه أعتى المؤامرات ضدنا وضد أى دولة عربية تريد أن تستقل بسياستها الخارجية وأن تدافع عن كيانها كدولة وطنية، مؤكدًا أننا نريد إعادة التعبئة الشاملة لدول أسيا وإفريقيا، للوقوف معًا وللدفاع عن استقلالنا فى مواجهة أعتى المؤامرات الاستعمارية فى العصر الحديث.
وأوضح أن زيارة الرئيس التركى إلى السودان فى سابقة لم تحدث منذ استقلال السودان، وهو أن يأتى لها رئيس تركى، وتكوين مجلس تعاون استراتيجى، وحضور قطر، وتقديم جزيرة سواكن هدية لتركيا، له معنى واحد وهو أنهم يسعون لمحاصرة مصر، مشددًا على خطورة الوضع والذى يجب الانتباه له جيدًا.
باندونج
وفى سياق متصل، أكد السكرتير العام لمنظمة تضامن الشعوب الأفريقية الأسيوية، نورى عبد الرازق، أن الدور المصرى خلال ستين عامًا فى تكوين واحتضان المنظمة كان مميزًا على مدار تاريخ المنظمة، لافتًا إلى فكرة النهضة الإفريقية الأسيوية بعد الحرب العالمية الثانية، التحرر والتى بدأت فى أسيا ثم انتقلت إلى الشعوب الأفريقية، وأنه عقب انتصار السويس عام 1956، ظهرت الدعوات إلى ضرورة وجود ظهير شعبى للمنظمات الشعبية والاجتماعية والأحزاب السياسية الأفريقية والأسيوية فى مؤتمر باندونج، ومؤكدا أن جميع مراكز حركات التحرر الإفريقية كانت فى القاهرة، موضحًا أن مصر احتضنتها، وقدمت لها المساعدات بجميع اشكالها، قائلا إن هذه المرحلة كانت مرحلة الصحوة الإفريقية الأسيوية، والتى أدت إلى وجود تحالف المرأة الافريقية الأسيوية واتحاد المحامين، وكذلك اتحاد الشباب.
وقال السكرتير العام لمنظمة تضامن الشعوب الإفريقية الأسيوية، إن المؤتمر الأول والذى عقد فى القاهرة كان بمثابة تظاهرة كبيرة، وأنه كان بداية مشجعة، مؤكدًا ان دستور المنظمة وميثاقها كان على أساس مبادئ “باندونج”، والذى كان النواة لحركة عدم الانحياز، مضيفًا أن المنظمة قد واكبت التطورات من حركات التحرر واستقلال دول عديدة، وذلك إلى مرحلة الاستعمار الجديد والدخول فى شكل هيمنة اقتصادية، وفشل العديد من الدول الإفريقية فى الحفاظ على استقلالها الاقتصادى، وأنه منذ ذلك بدأت المشاكل وحدثت انقلابات جديدة، وكانت هناك هجمة إمبريالية لإيقاف مد التحرر والذى حدث عقب مؤتمر باندونج.
وتابع عبد الرازق، أنه عقب مؤتمر باندونج عام 1961، قررت الحركة أن تمتد إلى أمريكا اللاتينية، مؤكدا أن ثلاث قارات بما فيها من مجموعة الدول النامية والدول التى تسعى إلى استقلالها السياسى الاقتصادى، كانت تسعى للحد من هذه الهيمنة وأن تنحى منحى مغايرا لسيطرة رأس المال، مؤكدًا أن منظمة التضامن واكبت جميع هذه الأحداث، وكانت أول استشارى فى حركة عدم الانحياز، ولكن تطور الأوضاع إبان الحرب الباردة وتفاقم المواجهات أثر على هذه الحركة، ولكن عند نهاية الحرب الباردة، ظهرت أفكار تقول إن الفائدة من هذه المنظمة وحركة عدم الانحياز تأتى من أجل منع حرب نووية، لأن هذه الدول التى ظهرت قبل وبعد “باندونج” أثبتت أن هناك كتلة صلبة تقف بعيدًا عن الكتلتين الشرقية والغربية.
تفاؤل
وأشار إلى أنه فى الفترة الأخيرة، بدأت الحركة العالمية تأخذ طريق العمل على إنهاء نظام القطب الأوحد، حيث ظهرت القوة الاقتصادية الصينية، وقوة النمور الأسيوية الاقتصادية، فضلا عن ظهور القوة الروسية كقوة ضاغطة فى المجال الدولى ومهددة للولايات المتحدة الأمريكية، وقوة مجموعة البريكس، والتى استطاعت أن تقف اقتصاديا وتتحدى المؤسسات الاقتصادية مثل صندوق النقد الدولى والبنك الدولى، ويأتى أيضا دخول الصين إفريقيا على سبيل التنمية.
وأكد أن هناك نقاطا تعطى أملا فى المرحلة القادمة، وهى أن الشعوب أصبحت لها قوة كبيرة عن طريق التضامن وظهر هذا مع شعب فلسطين ورفض الأمم المتحدة لقرار نقل السفارة الأمريكية للقدس، مشددًا على عدد من التحديات التى يجب أخذها بعين الاعتبار، وأولها هو الإرهاب الدولى والذى انتشر فى السنوات الأخيرة، منذ أن أعلنت الولايات المتحدة حربها ضد الإرهاب، وتدخلها باحتلال افغانستان والعراق من أجل تفتيت منطقة الشرق الأوسط، وهذا هو التحدى الكبير.
وقال إن تقوية منظمة التضامن الإفريقية الأسيوية وتوسيع نشاطها، هو من مبادئنا الأساسية والتى سيناقشها المؤتمر القادم، مضيفًا أن هذه المنظمة ضعفت تنظيميًا خلال الفترات الماضية، وذلك بسبب تغير إفريقيا نهائيًا عما كانت عليه إبان مرحلة التحرر، مؤكدا أن التواصل مع الدول الأسيوية وأمريكا اللاتينية مازال مستمرا ونسعى لتقوية الحركة خلال الفترة القادمة، لافتًا إلى أن هناك تفاؤلا بسبب وجود يقظة عالمية بمختلف الاتجاهات ومن مختلف التنظيمات، وتحد كامل لسياسات الولايات المتحدة، موضحا أن عصر الهيمنة وعصر الانفراد بالقرار العالمى قد انتهى، وهذه من المؤشرات والتى قد تساعد منظمة حركة تضامن الشعوب الافريقية الاسيوية.
تحديات
ومن جانبه، قال الكاتب الصحفى، عبد القادر شهيب، إن هناك تحديا كبيرا عانينا منه فى مصر وهو السياسة التى تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية، بمعاونة بعض القوى الغربية فى تقويض كيان الدولة الوطنية فى منطقتنا العربية، موضحا ان هذا التحدى يفرض علينا مهمة جديدة من مهام منظمة تضامن الشعوب الإفريقية الأسيوية.
وأكد شهيب، أن قوة المنظمة تقاس بمدى تأثيرها فى الرأى العام، واستخدام “الميديا” العالمية واستخدام الأفكار والأدوات ونحن نحاول أن نحسن من دعايتنا وأساليبنا.

التعليقات متوقفه