شكشكة: إبراهيم نافع نصير النساء

189

كانت للكاتب الراحل ابراهيم نافع مواقف معى رغبت فى أن أذكرها اعترافا بفضله ولكى تعرف الأجيال الحالية الجانب الطيب فى الكاتب الراحل. كنت أنتظر عودته الى مصر لكى أزوره وأعبرله عن امتنانى، ولكن القدر لم يمهلنا ولم يكن الاتصال به أو السؤال عنه أثناء محنته واغترابه و مرضه متاحا لأحد، فعلى الأقل نذكر محاسنه، فكما قال الشاعر الكبير أحمد شوقى ” أيام عمر المرء قائلة له / إن لحياة دقائق وثوانى / فاعمل لاسمك قبل موتك ذكرها / فالذكر للإنسان عمر ثانى”.
كان فقيد الصحافة الراحل ابراهيم نافع دمث الخلق لا يرد طلبا لزميل اذا ما اقتنع به، وقد خبرته فى أكثر من موقف فوجدت فيه نعم المعين. بعد وفاة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر انقضت علينا جحافل المتشددين الذين أوعزوا هزيمة 1967 الى خروج المرأة من بيتها و مشاركتها فى الحياة العامة واختلاطها بالرجال، وطالبوا بعودتها الى البيت بزعم أن هذا ما تأمر به تعاليم الإسلام. والغريب أن الكثير من النساء والرجال تأثروا بتلك الفرية وبدأت بعض الفتيات، خاصة فى كليتى الطب والهندسة، يتراجعن عن الدراسة ويلزمن بيوتهن. كان لا بد من مواجهة هذه الغزوة التتارية ببيان عملى وأدلة لا تحتمل الشك، فقمت مع مجموعة من المثقفات بتنظيم مهرجان لعرض إبداعات المرأة الفنية والثقافية ومؤلفاتها فى كل العلوم. وبعد انتخاب الكاتب الراحل ابراهيم نافع نقيبا للصحفيين عام 1985 زرته فى مكتبه لأعرض عليه أن تتبنى نقابة الصحفيين احتفالا سنويا بيوم المرأة العالمى فى مارس فرحب بالفكرة وشكل لجنة لتنفيذها وتم تكريم العديد من الرائدات فى كل المجالات. واعترف يومها أنه من أقوى المناصرين للمرأة وبالفعل أسس مجلة ” نصف الدنيا ” وعين الكاتبة الكبيرة سناء البيسى رئيسة لتحريرها.
ومرة أخرى فى نهاية التسعينات وأنا رئيسة تحرير مجلة “حواء”، كتبت دراسة عن الرائدتين ملك حفنى ناصف وهدى شعراوى، عرضت على المرحوم ابراهيم نافع نشرها فى جريدة الأهرام، لكى يتاح للملايين من قراء الأهرام التعرف على نساء مصر ومسيرتهن المبهرة، فوافق على الفور وخصص لى عامودا أسبوعيا اخترت أن أسميه ” حتى لا ننسى ” استمر حتى أطاح به من جاء بعده. أما أهم مواقفه معي فكان بعد أن كتبت لشيخ الأزهر فى عامود ” حتى لا ننسى ” أنى لم اجد فى البخارى الحديث الذى ذكره ليؤكد وجوب “الحجاب”. يومها انهالت على الأهرام حملة شعواء من المتطرفين وهدد بعضهم بإحراق مبنى الأهرام مالم أُمنع من الكتابة. ورغم ذلك لم يهتز الأستاذ الكبير للتهديدات ولم يوقف نشر كتاباتى، وعندما طلب منى الأستاذ القرعى المسئول عن الصفحة أن أتوقف عن الكتابة حول الموضوع رجوته أن أرد على افتراءات المهاجمين أولا، ونُشر الرد.
سيتذكر الصحفيون دائما أن ابراهيم نافع هو النقيب الذى ابتدع بدل التدريب للصحفيين، ورفع معاشهم، وأسس مبنى جديدا لنقابتنا، وانجازات أخرى عديدة سيسطرها التاريخ فى سجل تاريخنا الصحفي. كان رحمه الله رجل أفعال لا أقوال ولعل هذا ما يميزه عن الكثيرين ممن تصدروا صفوف الصحفيين.

التعليقات متوقفه