‏«البيتــكويــــن».. مضاربات يحذر منها «المركزى»

193

محمد صفاء الدين

انتشرت العملة الرقمية الإلكترونية «بيتكوين» المتداولة عبر الإنترنت فى الفترة ‏الأخيرة ليهتم بها الكثير من المتابعين سواء فى مصر أو خارجها، خاصة بعد صعود ‏وهبوط سعرها خلال الأيام الماضية، حيث ذاع صيتها فى شتى أنحاء العالم بعد ‏الارتفاع الكبير الذي حققته فى نهاية عام 2017 بعد ارتفاع سعرها من 4 آلاف دولار ‏أغسطس 2017، وصولا إلى 19 الف دولار فى ديسمبر 2017، لتحقق أعلى سعر ‏فى تاريخها.‏
الارتفاع الكبير الذي حدث لعملة البيتكوين جعلها حديث العالم بين التأييد والرفض ‏والتحذير، حيث رحبت بعض الدول بتداول عملة البيتكوين مثل ألمانيا وأمريكا والمملكة ‏المتحدة والسويد وكندا وسويسرا والنمسا، بينما رفضت دول أخرى تداولها وحظرتها ‏مثل الصين ومصر والسعودية والإكوادور، وبوليفيا ولبنان.‏ وظهرت البيتكوين عام 2009 من خلال ورقة بحثية من قبل شخص يدعى ساتوشي ‏ناكاموتو، وهو غير معروف الهوية حتى الآن، وحذرت البنوك فى عدة دول من ‏الاستثمار فى العملات الرقمية؛ لأن الزيادات الأخيرة مدفوعة بالمضاربة، وهناك خطر ‏كبير من الانخفاض الحاد فى الأسعار على المتعاملين بها.‏
مخاوف
العملة الرقمية غير المستقرة ما هي إلا فقاعة اقتصادية جديدة تغازل العالم مما جعل ‏دولة الصين، ثاني أكبر اقتصاد فى العالم، تبدي مخاوفها من تصاعد مكانة عملة ‏البيتكوين فى النظام المالي فى البلاد، حيث تعمل الحكومة الصينية على منع رأس المال ‏الحقيقي من الهروب إلى العملات الرقمية أو الافتراضية.‏
وحذرت الصين من التعامل التجاري بالعملة الافتراضية، ما أدى إلى انخفاض قيمة ‏تداولها، وأغلقت بورصات التداول بعملة البيتكوين، حيث وصل حجم التداول فى ‏الصين نحو 23% من التداول بالعملة الرقمية فى العالم.‏
وعملة البيتكوين التي تستخدم للهروب من الأجهزة الأمنية، يراهن أصحابها على ‏ارتفاعها لتحقيق مكاسب كبيرة وربما تحقيق خسائر أكبر؛ حيث كانت تسجل 19 ألف ‏دولار، و وانخفضت إلى ما يقرب من 30% فى يوم واحد، لتسجل 12 ألف دولار، ‏قبل أن تعود إلى الارتفاع مرة أخرى إلى 16 ألف دولار، قبل أن تهبط إلى مستوى ‏‏12.5 ألف دولار للبيتكوين الواحد مرة أخري مما يعني أن العملة الإلكترونية غير ‏مستقرة فى أسعارها وترتفع وتهبط بأرقام كبيرة قد تعرض حاملها للخسارة الحتمية.‏
تحريم
دار الإفتاء، أعلنت أن العملة محرَّمة شرعًا، إذ تعتبر أداة مباشرة من تمويل الإرهاب، ‏دون غطاء من البنك المركزي أو ضمان من أي جهة، حيث تعتمد فى مراحلها على ‏الحواسب الإلكترونية ذات المعالجات السريعة عن طريق استخدام برامج معينة مرتبطة ‏بالشبكة الدولية للمعلومات «الإنترنت»، وتُجرى من خلالها جملة من الخطوات ‏الرياضية المتسلسلة، والعمليات الحسابية المعقدة والموثقة؛ لمعالجة سلسلة طويلة من ‏الأرقام والحروف، وخَزْنها فى مَحَافِظَ «تطبيقات» إلكترونية بعد رقْمَها بأكوادٍ خاص، ‏وكلما قَوِيت المعالجةُ وعَظُمَت، زادت حصَّةُ المستخدم منها وفق سقفٍ مُحَدَّدٍ للعدد ‏المطروح للتداول منها.‏
وأكدت الإفتاء على أن عملياتُ تداول هذه العملة من محفظةٍ إلى أخرى دون وسيطٍ أو ‏مراقِبٍ، من خلال التوقيع الرقَمَيّ عن طريق إرسال رسالة تحويل مُعَرَّف فيها الكود ‏الخاص بهذه العملة وعنوان المُستلم، ثم تُرْسل إلى شبكة البتكوين حتى تكتملَ العمليةُ، ‏من غير اشتراطٍ للإدلاء عن أي بياناتٍ أو معلوماتٍ تُفصح عن هُويَّةِ المتعامل ‏الشَّخصيَّة.‏. واستعانت أمانةَ الفتوى بدار الإفتاء المصرية الاستعانةُ بالخبراء وأهل الاختصاص من ‏علماء الاقتصاد؛ وخرجت إلى أن على الرَّغم من كون هذه السوق هي أكبرَ الأسواقِ ‏الماليَّة مخاطَرَةً، فهي أيضًا أعلاها فى معدَّلاتِ الرِّبْحِ، وهذه السِّمَةِ هي التي يستعمِلُها ‏السَّماسرة ووكلاؤهم فى جذْب المتعاملين والمستثمرين؛ لاستخدام هذه العملات، مما ‏يؤدي إلى إضعافِ قدرَةِ الدُّول على الحفاظ على عُمْلتِها المحليَّة والسَّيطرة على حركة ‏تداول النَّقد واستقرارها وصلاحيَّتِها فى إِحْكَامِ الرِّقابَة، فضلًا عن التأثير سلبًا بشكلٍ ‏كبيرٍ على السِّياسَة الماليَّة بالدول، وحجمِ الإيرادات الضريبية المتوقَّعةِ، مع فتح المجال ‏أمام التهرُّب الضَّريبي.‏
تحذير
وحذر الخبراء الاقتصاديين من كونها من نوع الاستثمار عالي المَخاطِر؛ حيثُ يُتعامَلُ ‏فيها على أساس المضاربة التي تهدُف لتحقيق أرباحٍ غير عاديَّة من خلال تداولها بيعًا ‏أو شراءً، مما يجعل بيئتِها تشهدُ تذبذُبات قويَّة غير مبررَّةٍ ارتفاعًا وانخفاضًا، فضلًا ‏عن كون المواقع التي تمثل سِجلات قيد أو دفاتر حسابات لحركة التعامل بهذه العملة ‏بالبيع أو الشراء غير آمنة؛ لتكرار سقوطِها من قِبَلِ عمليَّات الاختراق وهجمات ‏القرصنة التي تستغل وجود نقاطِ ضعفٍ عديدة فى عمليَّات تداولها أو فى محافظها ‏الرقمية، مما تسبب فى خسائر ماليَّة كبيرة.‏. وأكد البنك المركزي، أن التعامل فى جميع أنواع العملات الافتراضية المشفرة، وفى ‏مقدمتها البيتكوين، يحمل مخاطر مرتفعة، حيث يغلب عليها عدم الاستقرار والتذبذب ‏الشديد فى قيمة أسعارها؛ نتيجة للمضاربات العالمية غير المراقبة، التي تتم عليها، ما ‏يجعل الاستثمار بها محفوفاً بالمخاطر وينذر باحتمالية الخسارة المفاجئة لكامل قيمتها.‏. وأوضح البنك أن العملات الافتراضية المشفرة لا يصدرها أي بنك مركزي فى العالم، ‏أو أي سلطة إصدار مركزية رسمية يمكن الرجوع إليها، فضلا عن كونها عملات ليس ‏لها أصول مادية ملموسة، ولا تخضع لإشراف أي جهة رقابية على مستوى العالم، ‏وبالتالي تفتقر إلى الضمان والدعم الحكومي الرسمي الذي تتمتع به العملات الرسمية ‏الصادرة عن البنوك المركزية.‏. وأكد البنك المركزي، اقتصار التعامل داخليا على العملات الرسمية المعتمدة لدى البنك ‏المركزي فقط، ويهيب بالمتعاملين داخل السوق المصري بتوخي الحذر الشديد، وعدم ‏الانخراط فى التعامل بتلك العملات، مرتفعة المخاطر.‏
لا تؤثر
وقال الدكتور أحمد خزيم، الخبير الاقتصادي، إن عملة البيتكوين لا تؤثر على الاقتصاد ‏الوطني، خاصة أن الغالبية العظمى من المصريين لا يثقون فى نظام المراهنات، ‏وعملة البيتكوين لا يوجد لها قاعدة انطلاق ولا غطاء نقدي، بل عبارة عن حالة ‏تسويقية لن تشارك مصر بها.‏. وأكد خزيم، أن حجم الإنتاج الضعيف لدينا لا يسمح للبيتكوين بتهديد الاقتصاد ‏المصري، لكن يمكن أن تؤثر على دول جنوب شرق آسيا لا المنطقة العربية؛ لأن ‏السوق العربي غير مؤهل لاستقبال مثل هذه العملات لانعدام الثقة فيها وتذبذبها، مؤكدا ‏أن هذه العملة الرقمية ظهرت منذ 2009، وكان لا تساوي شيئا، لكنها بدأت فى ‏الانتشار خلال الفترة الحالية، ما يؤكد أنها فقعة مالية من الممكن أن تسبب أزمة عالمية ‏فى الدول الكبرى.‏
على هامش منتدى “دافوس” الاقتصادي بسويسرا حذر الملياردير الأمريكي الشهير جورج سوروس من التعامل بالعملات الافتراضية، واصفا هذا النوع من الأدوات بالفقاعة، مشيرا إلى أن البيتكوين ليست عملة، لأن العملة التقليدية تعامل كأداة مستقرة للادخار، كما أن سعر صرف العملات لا يمكن أن يتذبذب بنسبة 25% فى اليوم الواحد.. وأضاف أن البيتكون لا تعد عملة، حيث لا يمكن استخدامها لدفع الأجور، إذ لا يمكن أن تنخفض وترتفع الرواتب بشكل كبير ومفاجئ، منوها بأن العملات المشفرة تعتمد على مضاربات تستند لمفاهيم مغلوطة.
“دافوس” ينتقد
ولازلنا فى “دافوس”، حيث تعرض سوق العملات الرقمية الإلكترونية وتحديدا عملة “بيتكوين”، لانتقادات حادة وعنيفة من قبل كبار قادة الأعمال، المشاركين فى المنتدى الاقتصادي العالمي فى دافوس.

التعليقات متوقفه