عادل إمام.. الغالب مستمر.. كتاب جديد

561

صدر منذ أيام عن دار سما للنشر والتوزيع، كتاب “عادل إمام.. الغالب مستمر”، للزميل أشرف بيدس، يقع الكتاب فى 455 صفحة. يحكى الكتاب مسيرة الزعيم الفنية منذ 1964 وحتى 2017، ويرصد الكتاب بداياته التمثيلية حتى صعوده القمة منفردًا بها محققًا نجاح لم يستطع فنان آخر فى العالم من اجتيازه.

تحت عنوان “قبل البداية” كتب أشرف بيدس: في الفن أيضًا «الغالب مستمر » كما في الحياة.. لذلك ظل عادل إمام مستمرًّا لأنه ظل «غالبًا » كما أنه لم يشهد إخفاقات أخرجته من اللعبة أو عصفت بمكانته، لذا ظل يلعب حتى سجل أرقامًا قياسية.. والاستمرارية لا تعني التواجد كضيف شرف يعيش على آثار نجاحاته السابقة.. وإنما الاستمرارية تعني التوهج والنجاح المتواصل والقدرة على الإدهاش والتأثير.. وهذا ما فعله عادل إمام، إنه ظل مستمرًّا لأنه ظل يكسب سواء في جيله أو الجيل الذي تلاه أو الجيل الذي تلا الجيل الذي تلا جيل جيله.. لذلك كان منطقيا أن يكون اسم الكتاب: عادل إمام.. الغالب مستمر.

يكشف المؤلف عن موقفه من الكتابة عن عادل إمام :”لا أستطيع أن أزعم أنني كنت من جماهير عادل إمام.. ولا يمكنني بأي حال من الأحوال أن أصف موقفي بأنه على الجانب الآخر من هذه الجماهير المحبة له.. حتى الحيادية رفاهية لم أنعم بها تجاه هذا الفنان الكبير.. لقد ظل عادل إمام بالنسبة لي علامة استفهام كبيرة لم أستطع الإجابة عليها بوعي أو دون وعي.. ورغم أن موقفي هذا يعتبر شاذًّا لأن فنانًا بحجمه إما أن تحبه أو تأخذ منه موقفًا.. ولا يمكن أن يكون عابرًا أو مؤجلاً الحكم عليه.. لكنها الحقيقة.. وكنت دائمًا أضبط نفسي في حالة دفاع شديدة عندما يشن البعض هجومًا على أفلامه.. وتلك معضلة أخرى لم أجد لها تفسيرًا.. وأحيانًا – وللغرابة- أفتش عن العيوب عندما أرى البعض يشيد بأعماله.. أغلب الظن أنني كنت أعجب به سرًّا دون إفصاح أو إعلان.. لتزداد علامات الاستفهام.. واحدة بعد أخرى..

الكتاب سيرة فنية عن مسيرة  عادل إمام.. تناول الجزء الأول منها عرض تحليلي لموهبته وشهرته التمثيلية, ومن أجوائها:  “ليس في الأمر صدفة إنه الوعي المبكر, عندما يكتشف طريقة لم يقترب منها أحد توافق تكويناته اللفظية والحركية والبدنية، ويسك بها عملة متفردة, استعصي علي الآخرين تقليدها أو اختراقها، هو الفنان الوحيد الذي كسب السلطة والجماهير, والكوميديان الوحيد الذي سطرت مقالات تهاجمه وتمدحه في آن واحد.. وبعد ما تجاوز ما تجاوزه من سنوات مازال يعمل دون استعانة بشفقة او جبر خاطر.. لم يكن يتخيل أكثر المتفائلين أو المتشائمين أن تقلع الطائرات من البلدان محملة بالمعجبين من كل حدب وصوب.. شمالا وجنوبا.. مدفوعين بحلم رؤيته في مسرحه الذي لا يدخله غير الباحثين عن المتعة دون ابتذال والبهجة بغير تبجح, وليس في الأمر خدعة.. انها الإرادة التي يسرت للحالم المجتهد الموهوب من الوصول إلي قمة الفن، ويصير معلما من معالم بلاده.. ولم يكن الأمر سهلا أو حتي صعبا.. لأن السهولة والصعوبة تتجاوز تفاصيل كثيرة يمكن أن تفسد متعة الرحلة.. التي كانت طقوسا كاشفة يهتدي بها الطامحون والساعون لتغيير واقعهم.. عادل إمام استثناء في زمن اعتيادي”..

ثم عرج الكتاب علي نشأته في حي الحلمية حيث جاء علي لسانه “كانت طفولتي عادية وفقيرة. كنت ساكنًا في حي الخليفة، وهو أحد أحياء الحلمية. وهي كلها مناطق شعبية فيها أصالة الشعب وحساسيته، وفيها الجوامع والحياة الاجتماعية والعزايم والجو الرمضاني الدائم. والجو الروحي هو الجو المسيطر عليها على الدوام. ومن هنا لم يكن غريبًا أن تكون تربيتي تربية دينية. والدي كان موظفًا، وكان ورعًا متدينًا يحفظ القرآن ويقرؤه. وهكذا بين والدي واهتماماته وبين الحياة الشعبية في الحي الذي عشت طفولتي فيه تفتح وعيي ولا وعيي، وهذا ما ساعدني كثيرًا حين كبرت، حيث إن «حشريتي » كانت تقودني منذ طفولتي إلى رصد الحياة في الحي ورصد كل الظواهر مصرًّا على عدم ترك أية ظاهرة تمر أمامي من دون أن أسجلها في ذاكرتي. وهذا الرصد كله يمكنك أن تلمحه في عملي على كل الشخصيات التي ألعبها اليوم. كانت حياة أسرتنا حياة فقيرة أو بالأحرى أقل من متوسطة. ونحن أساسًا “فلاحين” أصلنا من المنصورة. أما أنا فقد ولدت في القاهرة. ومنذ طفولتي أدركت أن أسرتي فقيرة ماديًّا، غنية بطموحاتها. في أسرتنا كان يمكنك أن تلتقي بعمال وفلاحين كما بدكاترة متخرجين من إنجلترا. بشكل ما يمكنك أن تقول إننا نمثل مصر بشتى فئاتها الشعبية. وهذا الواقع عشته ورصدته في طفولتي. في المدرسة كنت شقيًّا، لكني لم أكن غبيًّا. كنت عفريتًا”…

في حي الحلمية، كانت النشأة وبدايات التكوين نحو اكتشاف الدنيا بمفرداتها وتفاصيلها المتنوعة، يؤدي فوق خشبته دوره الذي كتبته أقداره.. بدأ الغيث يسقط مع تقليد كل من حوله، أهل وجيران وأصدقاء، وفي مدرسة بنبا قادن كانت “الخربشة الطفولية” تحاول أن تحدث ضجيجًا يلفت الأنظار ويفرغ عن الرغبات المكبوتة..

وفي الجامعة التحق بفريق التمثيل.. وراح الغيث يتكاثر رويدًا رويدًا وذاع صيته من خلال أسرة الشهيد جول جمال بالكلية، التي اهتمت بتنظيم الرحلات وحفلات السمر وتقديم أجزاء من مسرحيات الريحاني، وعروض بانتوميم، وتقليد، وإسكتشات ضاحكة، ومسابقات من كل نوع، وكان هناك إقبال كبير من الطلبة للحضور والتفاعل مع ما يقدم من زملائهم، مزيد من المسارات الضيقة تفسح بصيص من النور للموهبة في الانطلاق والتمرس، وكان ذلك يوثق أكثر وأكثر علاقة الطالب بالفن ومهنة التمثيل, في هذه الاثناء تقدم لامتحان مسارح التليفزيون, وقد كانت أول أدواره مشهد صغير من خلال مسرحية “ثورة قرية” للمخرج حسين كمال, واقتصر دوره علي جملة واحدة “معايا عسلية بمليم الوقية” وتبدأ الرحلة عندما يسند له فؤاد المهندس دور “دسوقي” وكيل المحامي في مسرحية “أنا وهي وهو” والتي اطلق فيها جملته المشهورة “بلد بتاعت شهادات”.

الجزء الثاني من الكتاب يتناول رحلة الصعود إلي القمة والتي بدأت مع بدايات السبعينيات بعد ادوار عديدة خلال النصف الثاني من الستينيات مهدت لظهور نجم جديد في الكوميديا استطاع أن يحتمل مكانه وسط اسماء عديدة في ماراثون طويل حتي وصل إلي ما وصل إليه, ويرصد الكتاب في هذا الجزء البدايات لكل النجوم الشباب في ذاك الوقت : عزت العلايلي ومحمود يس وحسين فهمي ونور الشريف وسمير غانم وسعيد صالح, والجيل الذي تلاهم محمد صبحي ويحيي الفخراني ومحمود عبد العزيز, ثم احمد زكي وفاروق الفيشاوي, من خلال أعمالهم السينما والقاء الضوء عليها.. وأهم الاعمال التي قدمت في الثمانينيات والتسعينيات.

يتناول الجزء الثالث من الكتاب سينما عادل إمام وفي عرض لجميع أعماله السينمائية والتليفزيونية والمسرحية والاذاعية والتي بلغت 125 فيلما, و21 مسلسلا اذاعيا وتليفزيونيا, و13 مسرحية.

يكشف الكتاب أن عادل إمام، تعاقب عليه 5 أجيال من النجوم  والنجمات واستطاع أن يحتفظ بالصدارة طوال مشواره الفنى، وهو الفنان الوحيد الذى ظل نجما فى السينما والتليفزيون والمسرح والإذاعة،  وبلغ عدد النجمات اللائي وقفن أمامه 116 فنانة, وكذلك المخرجين الذين تعامل معهم وبلغوا 58 مخرجا باستثناءات قليلة ولخلافات في وجهات النظر, أما المؤلفين الذي تعامل معهم منذ بداياته وحتي آخر أعمالهم بلغوا 78 مؤلف وكاتب.

يقدم الكتاب أرشيفا للصور تتناول مراحل عمره الفنية يصاحبها قائمة مصورة لافلامه, وكذلك اهم تصريحاته وأقواله في وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة, واهم ما كتب عنه, وعلاقته بالجماهير والسلطة، وقد اعتمد المؤلف علي أكثر من 220 مرجع صحفي والكتروني والعديد من الكتب في انجاز كتابه الذي يرصد الحياة الفنية لعادل إمام فى أكثر من نصف القرن.

تأتي السطورة الاخيرة من الكتاب والذي يفسر فيها المؤلف لماذا عادل إمام..  “قد يطرح البعض سؤالا, لماذا عادل إمام دون بقية خلق الله؟ .. وهو سؤال مشروع لا شك.. والإجابة ببساطة لأنه عادل إمام.. ولأنه عادل إمام سيطرح السؤال مراراً بأشكال عدة وأساليب مختلفة, وستكون الاجابة ذاتها.. لأنه عادل إمام, والمدهش أن الإجابة علي السؤال يعرفها الجميع, ورغم ذلك سيتساءلون!!.. ولأن الفرادة ليست استمرارية فقط, ولكنها قدرة علي تشكيل وعي ووجدان الناس والتأثر بهم والتأثير فيهم, وأن يتم ذلك بنجاح متواصل لم يتخلله السقوط.. في رحلة البحث عن إجابة لسؤال فرضته طبيعة الموضوع، وهو لماذا عادل إمام حالة استثنائية ومتفردة في فن التمثيل؟ حاولنا قدر طاقتنا، وقدر ما توفر لنا من معلومات أن نرصد إجابات متتالية، مستعينيين بآراء مجموعة من الكتاب والصحفيين والنقاد والسينمائيين والفنانين، حيث كانت شهاداتهم تصب جميعها – وإن اختلف بعضها- في أن الرجل استحق ما وصل إليه عن جدارة واستحقاق.. وأرجو أن تكون سطور الكتاب قد حاولت تحقيق ذلك، وأن تكون شافية وناجزة.. لرائد من صناع البهجة في عالمنا.. ولأنه ظل الغالب طوال الوقت استحق بقانون اللعبة أن يستمر ..

أشرف بيدس

التعليقات متوقفه