خبراء: تقليص المساحة المزروعة بالأرز تفرض الاستيراد لسد العجز فى الاستهلاك

199

رفض العديد من خبراء الزراعة قرار الحكومة بتقليص المساحة المزروعة من الأرز بدعوات ترشيد استهلاك المياه، مؤكدين ان هذا القرار سيجعل الحكومة تتجه إلى استيراد الكميات المطلوبة لسد احتياجات السوق المحلي من الأرز بالعملة الصحبة بأضعاف تكلفة زراعته.
ومن جانبه قال جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي بكلية الزراعة جامعة القاهرة، أنه لا يوجد بديل لعدم تقليل مساحة زراعة الأرز الحالية فى مصر، فوزارة الزراعة والحكومة لم ينتبها لأهمية البحث العلمي فى المجال الزراعي، مما أنتج عن وجود العديد من القصور فى الميزانية المخصصة للبحث والتي تم تقليصها إلى 3 ملايين جنيه، مبينا أن الحل يأتي دائما من البحث العلمي الذي يواجه هو الآخر أزمة واجبة الحل ولكن الحكومة لا تأخذه بعين الاعتبار، قائلا: “ الحكومة بتقول للوزارات اعتمدوا على نفسكم”
وأشار إلى أن الاستهلاك المحلي لا يحتاج أكثر من 700 ألف أو مليون فدان كحد أقصى، خاصة بعد بناء سد النهضة، حيث تصل حصة مصر من المياه إلى 12 مليار متر مكعب سنويا ابتداء من العام المقبل واستهلاك زراعة فدان الأرز من المياه يصل إلى 6 آلاف متر مكعب وهذه كمية كبيرة جدا على محصول واحد.
وأضاف أن هناك العديد من الأفدنة، التي تتعدى المليون فدان، تتم زراعتها بدون تصريحات أو أذونات زراعة من الحكومة، فى غياب تام لدور الرقابة على المحاصيل الزراعية وزراعة الأفدنة، بالرغم من وجود بدائل يزرعها الفلاح خاصة بعد الأزمة التي يمر بها محصول القمح، وخروج القطن من المنافسة الزراعية.
وتابع أن هناك ضرورة ملحة لتوافر البدائل، نظرا لأن البحث العلمي الذي يعتبر منبع البدائل بحاجة إلى عناية هو الآخر، مؤكدا أن “لب البطيخ” وهو نوع من التسالي يأتي على قائمة البدائل فى متناول يد الفلاح، ويعد ذلك البديل محصولا جافا ذي ربحية عالية جدا ولا يحتاج إلى استهلاك مائي، ولكن يجب توافر عدة بدائل فمن غير الطبيعي زراعة مليوني فدان لب تسالي، مطالبا بضرورة وجود سياسات جادة فالحكومة مدانة فى قضية وجود بدائل لمحصول الأرز.
فيما حذر الدكتور عبدالسلام دراز، المشرف على برنامج مشروع الأرز القومي سابقا، من قرار تقليص مساحات زراعة محصول الأرز، لأن ذلك سيدفع الدولة إلى استيراد الأرز من الخارج للوفاء باحتياجات المستهلكين المصريين، بعد أن حققت الدولة الاكتفاء الذاتي من المحصول حتى العام الماضي،مشيرا إلى أنه إذا اضطرت الدولة لاستيراد الأرز من الخارج، فسوف تستورد أنواعا رديئة من الأرز، خاصة من الأرز ذي الحبة الطويلة، حيث لا تتوفر الحبة القصيرة فى الأرز المستورد، وهو ما سيعرض الدولة لنفور المستهلكين منه، كما حدث فى الأرز التمويني خلال العامين الماضيين.
وأكد أن الدولة ستضطر لاستيراد مليوني طن أرز سنويا فى هذه الحالة، حيث إن الاتجاه إلى زراعة الأرز الهجين، سوف يستغرق نحو 10 سنوات، للوصول إلى مساحة 250 ألف فدان، كمستهدف من زراعته، حيث يعطي الفدان إنتاجية 6 أطنان، وأن زراعة 5000 فدان منه تحتاج إلى 25 مليون جنيه، وستكون العبرة بالمزارع فى مدى القبول أو الرفض لزراعته.
وتابع أن مساحة 1.700 مليون فدان بالحزام الشمالي للجمهورية، إذا لم تتم زراعتها بالأرز، قد تتعرض أراضيها للتحول إلى أراضي ملاحية، لافتا إلى أن الدولة كانت تزرع مساحة 2 مليون فدان أرز، وكانت تصدر إلى 64 دولة، لذلك فالموضوع يحتاج إلى نظرة علمية ونظرة للفلاحين الغلابة فى نفس الوقت.
وأضاف أن ما يتم تصريفه من المياه لزراعة الأرز يبلغ نحو 10 مليارات متر مكعب، وذلك منذ نحو عشرين سنة، وهو مقنن مائي موجود، ويصل لكل المحافظات، وتقيل الكمية المنصرفة سيضر بالمساحات المزروعة وبالأمن القومي الغذائي، ولا بديل عن زراعته، موضحا أنه يمكن بدلا من تقليل المنصرف من المياه وتقليص مساحات زراعة الأرز، أن يتم الري بما يسمى بالري بالتشبع، وهو عبارة عن الري السريع للمحصول، كما يمكن تقليص مدة الزراعة إلى 125 يوما بدلا من 130 يوما، مع الأخذ فى الاعتبار أن تقليص مدة الزراعة يؤثر على الإنتاجية.
وأكد أحمد جاد الله، الخبير الزراعي، أن هناك أكثر من مليون فدان من الأرز تتم زراعتها بشكل مخالف، مما يتسبب فى استهلاك كميات كبيرة من مياه النيل، وعليه تصبح الدولة فى مأزق مواجهة العجز المائي، مشددا على أن الأفدنة المخالفة يتم تصديرها للخارج بأسعار باهظة للغاية، ولكن فى حالة أسلوب ري الأرز واحتياجه من المياه فإننا نقوم بتصدير المياه وليس الأرز كمحصول.
وأضاف أن الفلاح لن يتخلى عن المبالغ التي تعود عليه جراء تصديره للأرز ترشيدا للمياه، خاصة أن الغرامات التي تفرض كعقوبات مخالفة لا تطبق، فيجدون أنفسهم أمام مساحة يتم إهدارها دون عناية، وبالتالي لا يهتمون بترشيد استهلاك المياه فى المستقبل.
وأشار إلى أنه ليس هناك ما يقلق عند تقليل مساحة زراعة الأرز، لأن المحصول الحالي أكبر بكثير من الاحتياج المحلي، مضيفا أن التوجه لتقليل المساحة سوف يوفر كميات كبيرة من المياه وفى نفس الوقت يكفى استهلاك المواطنين من الأرز مع ضرورة ترشيد أسلوب الري بالغمر والذي يعتبر إحدى طرق الري التي تعود للعصور الوسطى.

التعليقات متوقفه