شكشكة: البكاء على اللبن المسكوب
بينما ننشغل فى مصر بإعادة ترتيب البيت وتنفيض “ جوانبه من كل ما أصابه من “ العتة” والعناكب والفئران وكل أنواع الزواحف، تظل المياه تجرى فى نهر الأحداث العالمية . وأخطر ما حدث هو اللعب تحت المائدة من قبل العدو الأول لمصر إسرائيل التى أفلحت نتيجة لغطرسة النظام المخلوع فى أن تلعب فى دماغ بعض الدول الأفريقية وتصور لهم أن مصر تستغلهم وتخدعهم. إختارت إسرائيل أن تسدد ضرباتها من المنبع، وأن تغلق الصنبور الذى وهب الحياة والحضارة لمصر وجعلها تتسيد التاريخ، النيل. وبعد أن فتحت لها اتفاقية “ كامب ديفيد “ أبواب أفريقيا التى لم تكن تجرؤ على مجرد الدق عليها أو الاسئذان للدخول، بدأت مؤامرتها فى التفرقة بين الأفارقة ومصر التى يعشقونها ويعتبرونها الشقيقة الكبرى والدولة التى لولا ثورتها ما تحررت بلادهم من الاستعمار الأوروبى، وفى عام 1959 وقعوا معها اتفاقية لتقسيم مياه النيل، وظلت الدول الأفريقية تعترف بهذه الاتفاقية حتى حدث الصلح بين مصر وإسرائيل.
وبداية من عام 1993 طلبت الحكومات الأفريقية الوصول إلي صيغة مشتركة للتعاون بين دول حوض النيل وإنشاء أجندة عمل مشتركة لهذه الدول للاستفادة من الإمكانيات التي يوفرها حوض النيل. وفى عام 1995 طلب مجلس وزراء مياه دول حوض النيل من البنك الدولي الاسهام فى الأنشطة المقترحة، وعلي ذلك أصبح كل من البنك الدولي، صندوق الأمم المتحدة الإنمائي والهيئة الكندية للتنمية الدولية شركاء لتفعيل التعاون ووضع آليات العمل بين دول حوض النيل. وعام 1997 أنشىء منتدى الحوار من آجل الوصول لأفضل آلية مشتركة للتعاون فيما بينهم. والأمر الغريب أن حكومات “مبارك” تجاهلت كل ما كان يجرى بين دول حوض النيل كأن الأمر لا يعنيها، أو كأن بإمكانها أن تهدم المعبد على كل من فيه وتتصرف منفردة ولصالحها فقط، حتى وصل الأمر الى توقيع اتفاقية دولية فى فبراير 1999 سميت “مبادرة حوض النيل” بالأحرف الأولي بين دول حوض النيل التسع فى تنزانيا (وأضيفت لها إريتريا كمراقب) .ورغم ذلك استمر مسلسل الحماقة الذى ورثه و أبدع فيه نظام “مرسى “! أما الرئيس عبد الفتاح السيسى فمنذ توليه الرئاسة عمل على مد جسور الصداقة و التعاون مع الدول الأفريقية الصديقة. إن التصرف المنفرد فى مياه النيل لم يعد مستساغا، ولن يوافق عليه المجتمع الدولى ولابد من ابتداع أساليب مبتكرة لاستغلال إمكانيات حوض نهر النيل المشتركة بشكل عادل يتيح الفائدة والأمن، والسلام لجميع شعوب دول حوض النيل ولابد أن نعترف بأن شعوب أفريقيا من حقها أن تلحق بركب العصر وأن تشارك فى سباق التنمية وتنعم بكل ثمار التقدم العلمى والتقنى ، وأن مصر لا يمكن أن تعترض إرادة تلك الشعوب التى سبق وأن قادتها فى معركة التحرر الوطنى والتى تعترف بالزعيم المصرى جمال عبد الناصر كواحد من قادة التاريخ، ولا تخلو دولة أفريقية من شارع رئيسى يطلق عليه اسمه. ولا شك أن أبواب أفريقيا ستفتح على مصاريعها لاستقبال وفود مصرية تتقدم بمشاريع وآليات التعاون المشترك فى التنمية الاقتصادية واستئصال الفقر والتغلب على الجفاف والاستخدام الأمثل لثروات أفريقيا الطبيعية.
التعليقات متوقفه