لليسار در: الإرهاب.. و«أهل الشر»

157

توقفت طويلا أمام تعبير « أهل الشر» الذي استخدمه كثيرا الرئيس عبد الفتاح السيسي فى وصف القائمين على العمليات الإرهابية ضد ضباط الشرطة والجيش والمصريين بصفة عامة، كنت أظن أنه تعبير جديد استخدمه الرئيس فى العام الماضي، إلا أنني اكتشفت أن الرئيس يستخدمه فى وصف القائمين على العمليات الإرهابية تحريضا وتحضيرا وتنفيذا منذ توليه السلطة.
ففى خطابه فى إفتتاح قناة السويس الجديدة فى أغسطس 2015، قال السيسي « إن قوات الجيش تصدت للإرهابيين.. وسنظل نحارب الإرهاب وهذه القوى من أهل الشر للانتصار عليها».
وخلال احتفالية إطلاق الموقع الإلكتروني لمشروع بنك المعرفة فى يناير 2016، أشار الرئيس إلى دور الجيش والشرطة فى حماية الوطن من « أهل الشر الذين أرادوا أن يزرعوا الفوضى والعنف فى أرضنا الطيبة».
وأعتبر الرئيس اغتيال النائب العام « هشام بركات» فى 29 يونيو 2015، رسالة من « أهل الشر « إلى ملايين المصريين الذين خرجوا فى 30 يونيو 2013، كما قال فى حديثه لرجال الشرطة والجيش فى 4 يوليو 2015.
ولكن الخطير فى استخدام تعبير « أهل الشر « تمثل فى وصف الرئيس لبعض المعارضين السياسيين السلميين وللذين مارسوا حق التظاهر دون اعتبار للقيود التي يفرضها القانون الجائر لتنظيم حق التظاهر بـ « أهل الشر « سواء الذين عارضوا تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، أو الذين تظاهروا أو شاركوا فى وقفات احتجاجية، أو حتى عبروا عن رأيهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
محققا بذلك ما حذرت منه الجمعية العامة للأمم المتحدة فى « الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب « 8 سبتمبر 2006، من انتهاك سيادة القانون، ومبادئ حقوق الإنسان بحجة مكافحة الإرهاب.. ووضعها إطارا استراتيجيا وعالميا شاملا لمكافحة الإرهاب بهدف وضع بعض التدابير للدول الأعضاء فرديا وجماعيا من أجل معالجة الأوضاع التي تفضي إلى انتشار الإرهاب ومنعه ومكافحته وتعزيز قدراتها الفردية والجماعية على القيام بذلك، وحماية حقوق الإنسان والتمسك بسيادة القانون فى مكافحة الإرهاب، اشتملت هذه الاستراتيجية على « تدابير اقتصادية واجتماعية» لتحقيق العدالة الاجتماعية والتأمين ضد المرض والفقر والعجز عن العمل، والقضاء على البطالة وتهيئة فرص العمل اللائق للأفراد، وتعزيز النمو الاقتصادي المتواصل والتنمية المستدامة والرفاه العالمي للجميع، وإنهاء الاحتلال الأجنبي، والحكم الرشيد والتصدي للقمع وضمان حقوق الإنسان للجميع، وسيادة القانون، وتحسين التفاهم فيما بين الثقافات وكفالة إحترام جميع الاديان أو القيم والمعتقدات والثقافات ونشر قيم التسامح والسلام والاخاء وتعزيز الاحترام المتبادل للأديان والقيم والمعتقدات الدينية والثقافات ومنع التشهير بها وضرورة تحقيق التنمية والإندماج الاجتماعي للقضاء على الإرهاب، ودعم ضحايا الإرهاب كمساندة لإعادة إدماج الفئات المستهدفة بشكل أساسي من جانب العمليات الإرهابية لكي يستطيعوا مواصلة الحياة والعمل.
لقد قدمت السلطات المصرية فى السنوات الثلاث الماضية نموذجا مؤسفاً للعودة للدولة البوليسية وقمع الحريات العامة والعدوان على حقوق الإنسان.
فتعريف الإرهاب فى القانون المصري، تعريف واسع وفضفاض يمكن أن يستوعب أي نقد او تعبير عن الرأي، ويجرم حق الإضراب والاعتصام، ويستخدم ألفاظا وعبارات غير منضبطة، يمكن تفسيرها تفسيرات عديدة قد لا يقصدها المشرع، والتزم المرسوم بقانون رقم 94 لسنة 2015 الذي أصدره السيسي بهذا التعريف للإرهاب، وتجاهل الجهود الدولية والمحلية لوضع تعريف دقيق للإرهاب والذي انتهى إلى أنه « يقصد بالإرهاب فى تطبيق أحكام هذا القانون استخداما غير شرعي ولا مبرر للقوة أو التهديد بها ضد أفراد أو جماعات أو أجهزة أو مؤسسات الدولة، من أجل إحداث تغيير سياسي أو تحقيق أهداف سياسية عقائدية أو اجتماعية أو عنصرية.
وما نحتاجه الآن هو تبني هذا التعريف لـ « الإرهاب « والكف عن استخدام عبارات غير دقيقة ولا معنى لها فى القانون مثل « أهل الشر « والخلط المتعمد أو حتى دون قصد بين العمل الاحتجاجي السلمي وبين اللجوء للعنف وممارسة الإرهاب.

التعليقات متوقفه