لقطات: مطلوب مؤتمر للإصلاح السياسى

171

فى كلمتى أمام المؤتمر العام الرابع لحزب التجمع يوم السبت 3 مارس أعربت عن قلقى الشديد من القيود الصارمة على الحريات العامة و الأنشطة الحزبية فى ظل القانون 107 لسنة 2013، و ممارسات الحكومة بدعوى تثبيت دعائم الدولة. و قد ينتهى بنا كل ذلك إلى وضع لا يسمح إلا برأى واحد هو رأى الحكومة و أتباعها، و وجهة نظر الحكومة و مشجعيها. و لن يكون أمام أصحاب الآراء المخالفة لرأى السلطة إلا خيارين لا ثالث لهما. فإما الصمت و العزوف عن المشاركة و مقاطعة الإنتخابات، و إما التعبير عن آرائهم و مواجهة خطر أن توجه لهم تهم العداء للدولة وربما العمالة لجهات معادية و نشر معلومات غير صحيحة و تكدير الأمن العام…، إلى آخر قائمة الإتهامات التى نسمع عنها. و كل هذا يخلق جوا مسموما، و ينشر حالة مرضية من الخوف الجماعى. و لذلك فإنى هنا أصرخ بأعلى صوت محذرا من إنزلاق مصر إلى مجتمع شمولى.
إن دستور 2014 هو أهم مكتسبات ثورة 25 يناير – 30 يونيو. و من الضرورى فى المرحلة الحالية أن ننفض الغبار عن هذا الدستور العظيم، ونستلهم روحه الكاشفة، و نستذكر بعض نصوصه المنشئة. فلنقرأ معا بعض ما جاء فى ديباجته. فهو دستور “يستكمل بناء دولة ديمقراطية حديثة، حكومتها مدنية”. وهو دستور “يصون حرياتنا، و يحمى الوطن من كل ما يهدده أو يهدد وحدتنا الوطنية”. و هو دستور “يساوى بيننا فى الحقوق والواجبات دون تمييز.” و لنقرأ معا نص المادة 1، و التى تؤكد أن “جمهورية مصر العربية دولة… نظامها جمهورى ديمقراطى، يقوم على أساس المواطنة و سيادة القانون”. و لنتوقف عند الباب الثالث، باب الحقوق و الحريات و الواجبات العامة، و بالذات المادة 65 منه. إنها تقول فى فقرتيها بصريح العبارة “حرية الفكر والرأى مكفولة. و لكل إنسان حق التعبيرعن رأيه بالقول، أو الكتابة، أو التصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر.”
هذه هى روح الدستور، و تلك هى نصوصه ذات العلاقة بالقضية التى نثيرها. و بناء على ذلك، فإن التمييز بين المصريين الذين يؤمنون بالدولة الوطنية المدنية على أساس الفكر أو الرأى، أو حرمان أى مواطن من حق التعبير عن رأيه، يعتبر إنتهاكا صارخا للدستور. إن هذه الممارسات أدت إلى جمود الحياة السياسية، و موت بطىء للأحزاب السياسية، وبالتالى إلى فراغ سياسى مخيف. هذا الفراغ السياسى لا يعنى فقط غياب المعارضة، بل يعنى غياب الحكومة أيضا. خذ كمثال موضوع إستيراد الغاز من إسرائيل. لقد فوجئ المصريون بالخبر الصادم من العدو الإسرائيلى. و لم يرد أى مسئول مصرى فى حينه على تساؤلات الناس المشروعة- لا الرئيس و لا رئيس الوزراء و لا وزير البترول. لقد تركوا الناس يضربون أخماسا فى أسداس، ثم ردوا بعد فترة! لكن ردهم جاء متهافتا وغامضا، و لا يشفى الغليل. فأين الشفافية؟ و أين السياسة؟
إننا نؤكد وقوفنا بكل قوة خلف جيشنا و شرطتنا فى المعركة الحالية ضد الإرهاب. لكننا نحذر أن تدابير مكافحة الإرهاب لا يجوز أن تكون على حساب حرية الرأى و التعبير. فانكماش الفضاء السياسى كما هو حادث بالفعل الآن يؤدى حتما إلى تمدد فضاءات أخرى جاذبة للإرهاب. كما أن غياب العدالة الإجتماعية و تردى الأوضاع الإقتصادية تشكل بيئة حاضنة للإرهاب. و لن تجدى الإجراءات الأمنية وحدها لمكافحته مهما بلغت. لذلك أقترح أن يبادر الرئيس المنتخب، فور إنتخابه مباشرة، بتنظيم مؤتمر وطنى للإصلاح السياسى تأسيسا على دستور 2014، تشارك فيه الأحزاب والقوى السياسية، ويكون الغرض منه الوصول إلى توافق وطنى حول سبل وآليات تفعيل الحياة الحزبية والسياسية وفتح المجال العام وكفالة حرية الرأى والتعبير. كما أطالب كل الأحزاب و القوى السياسية، بما فيها تلك التى دعت لمقاطعة الإنتخابات، بأن تقدم تصوراتها حول هذا الموضوع. إن الإصلاح السياسي ضرورة لا بد منها لبقاء الدولة وتثبيت أركانها وانطلاقها إلى الأمام.
تحية: لنسائنا بمناسبة اليوم العالمى للمرأة (8 مارس)، ولروح عبدالمنعم رياض وكل شهدائنا بمناسبة يوم الشهيد (9 مارس).

التعليقات متوقفه