ضد التيار: التجمع يستعيد بصيرته

130

فعلا ليس كل من يبصر يرى، بل هي البصيرة التي أثبت بها أعضاء المؤتمر التنظيمي الطارئ لحزب التجمع الذي أنهى أعماله قبل أيام، أنهم على قدر المسئولية التي أملت عليهم الاحتشاد، ونبذ الخلافات والمخاوف واستعادة الثقة فى النفس بعد الارتباك الذي خلفه رحيل عدد من قيادات الحزب التاريخية. وجاء احتشادهم لا لكي يأكدوا لأنفسهم فقط، بل للأخرين أيضا، أنهم جاهزون لكي يضعوا على رأس همومهم استعادة الدور الفاعل والمؤثر للتجمع فى ساحة الصراع الاجتماعي والسياسي الذي تخوضه بلادهم لتطهيرها من الإرهاب، وانتشالها من الفقر، ومن الظروف القاسية، التي سمحت لمشعوذين ومهرجين ومتاجرين بالأخلاق والدين خلال السنوات الأخيرة، بالعبث فى هويتها والسعي لهدم دولتهم، بتخريب العقل والوجدان، وتسطيح الوعي، وإبعاد الانتباه عن أعداء الوطن ومستغليه الحقيقيين.
وبرغم ما انتهى إليه تحليل أعضاء المؤتمر، أن السياسة باتت غائبة عن مشاهد ذلك الصراع، وأن فراغا هائلا اصبح يمرح فى الساحة السياسية ويهدد بأن يملؤه المتطرفون وقوى الإرهاب الجهادي المدعومة من جماعة الإخوان، وأن الحياة الحزبية غدت مهمشة لدى من بيدهم أمر قيادة البلاد، وأن الغلاء بات يطحن فئات اجتماعية واسعة من غير القادرين، لكن الأمور لم تختلط لديهم بالانسحاب من معارك هذا الواقع، بل دفعتهم للتصميم على الاشتباك مع قضاياه ومشاكله، والجدل معها سعياً للتوصل لحلول عقلانية لها. استخلص أعضاء التجمع فى المؤتمر الذي يعد أعلى سلطة من سلطات اتخاذ قراره، الدروس الصحيحة لهذا الواقع، وفى القلب منها الإدراك بأن جيش بلادهم يشن حرباً شاملة للدفاع عن الحياة فى مواجهة قوى الإرهاب الجهادي التي تسعى لتدميرها. وأن الظروف الانتقالية التي تمر بها البلاد، تستدعي أوضاعاً استثنائية قد تشمل بعض التجاوزات بشأن الحريات الديمقراطية، لكن ذلك ليس ذريعة للتوقف عن إعادة بناء الحزب، أو عن النضال لإزاحة كل المعوقات أمام النشاط الحزبي والجماهيري، وإشاعة الوعي وسط جموع المواطنين. بأن استمرار غيابهم عن المشاركة فى العمل الحزبي ومعارك الصراع الاجتماعي والسياسي، يطيل الطريق أمام تحقيق أحلامهم المشروعة بالعدل الاجتماعي والكرامة الإنسانية، وامتلاك مصيرهم بأيديهم.
لكل هذا ولغيره، المجد لأصحاب البصيرة من أعضاء حزب التجمع، ولكل جهودهم الشاقة لكي يبقى حزب اليسار دوماً طرفا فاعلا فى ساحة العمل السياسي بمصر المحروسة.

التعليقات متوقفه