7 % من الأسر تستأجر السكن بدون عقود.. وانخفاض القدرة على تحمل تكاليف الإيجار

265

أرقام جديدة كشف عنها مرصد العمران حول أحوال الإيجار فى مصر كإحدى وسائل تحقيق الاستقرار السكني، والتى كشفت بذاتها عن معاناة المواطن فى الحصول على سكن ملائم..فعلى الرغم من أهمية السكن كأحد الحقوق الأساسية التى كفلها الدستور والمواثيق الدولية والحقوقية كافة، لكن الاحصائيات كشفت عن وجود حوالي 7% من المستأجرين تستأجر دون عقود، بالاضافة إلى أنه وفقًا لأحدث تعداد عام 2017 لم يكن هناك سوى 3.3 مليون أسرة تعيش فى منازل مستأجرة، وهي لا تمثل سوى 14 % من مجموع الأسر او اقل من نصف ما كانت عليه قبل ثلاثين عامًا.

وأوضح المرصد فى تقريره ان تقلص الإيجار كخيار قابل للاستمرار وغير قائم على الثروة للأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط فى مصر يرجع الى إلغاء القيود التنظيمية على السوق، وضعف سيادة القانون مع ارتفاع أسعار المنازل عن متناول معظم الناس، الأمر الذي يؤدي الى زيادة عدد الأسر التي تضطر إلى قبول مأوى غير ملائم أو غير آمن.
وفيما يتعلق بتكاليف السكن، لفت التقرير إلى أن متوسط قيمة الايجار الجديد فى مصر ارتفع خلال عام 2017 بنسبة20% عن العام السابق حيث بلغ متوسط الايجار الجديد 1200 جنيه.
وأضاف التقرير ان قدرة المواطنين على تحمل تكاليف السكن تأثرت بشكل كبير حيث قفزت نسبة الإيجار مقابل الدخل بحوالي 13% فى المتوسط ويضطر المواطنون الى إنفاق 39% من الدخل على الايجار دون حساب تكاليف السكن الاخري مثل المرافق وأعمال الصيانة.
كما أوضح التقرير ان متوسط الايجار أصبح أعلى بست مرات من مثيله فى عام 2008 فى حين لم يزد الدخل بمثل هذا المعدل، الأمر الذي أدي الى انخفاض القدرة على تحمل التكاليف بثلاثة أضعاف تقريباً.
العرض والطلب
وفى ذات السياق يري محمد عبد العال “المستشار القانونى لمركز حقوق السكن” ان هناك خللًا فى سوق الإيجارات فى مصر الامر الذي يرجع الى ان الأساس الذي يحكم العلاقة الايجارية يعود الى قانون 4 لسنة 1996 والذي أعاد العلاقة الايجارية لما يسمي بقانون العرض والطلب الأمر الذي يتناقض مع الدستور فيما يتعلق بالحق فى السكن.
وأضاف: عدم وجود معايير واضحة ومحددة لتحديد القيمة الايجارية أدي الى المغالاة فى أسعار الإيجارات واستغلال الملاك فى ظل الزيادة السكانية وشدة الإحتياج للسكن، كما ان عدم تحديد حد أدني للمدة الإيجارية وجعل امتداد العقد خاضعا للمالك بمفرده، أثر بذاته على استقرار الكثير من الاسر ويضطر المواطن ان ينتقل من مكان لآخر.
وافاد عبد العال، ان نسبة 70% من المواطنين ليس لديهم القدرة الشرائية لتملك الوحدات السكنية، وبالتالي فإن الإيجار هو السبيل الوحيد للحصول على السكن، كما ان النسبة العالمية للإنفاق على السكن تتراوح بين 25% و 30% من دخل المواطن شاملة المرافق والخدمات الا ان هذه النسبة فى مصر قد تتخطي الـ50% من دخل المواطن.
وأكد أن الخلل فى السياسات الإسكانية ادى الى وجود 10 ملايين وحدة مغلقة تم بناؤها بقصد البيع والتمليك وليس الإيجار، فأصبح هناك خلل بين العرض والطلب نظراً لبناء هذه الوحدات فى مجتمع ليس لديه القدرة الشرائية على التمليك.
مشيراً الى ان ثقافة الايجار غائبة لعدة أسباب منها: وجود خلل فى السياسات التنفيذية لمفهوم الاسكان منذ التسعينيات، فضلا عن توجه الدولة للاستثمار العقاري عالي التكلفة، بالاضافة الى انه لا يوجد بناء سواء من الدولة او القطاع الخاص للإيجار الامر الذي يستبعد قطاعا عريضا من المواطنين فى الحصول على الحق فى السكن.
واوضح عبد العال، ان ضبط العلاقة الايجارية حتى فى الدول الرأسمالية يخضع لمعايير تضمن تحديد حد أدنى للمدة الايجارية فى العقود للحفاظ على استقرار الاسر، بالاضافة الى وجود معايير لتحديد القيم الايجارية وزيادتها بنسب محددة من جانب الدولة، لافتاً الى ان تدخل الدولة فيما يتعلق بالعلاقة الايجارية منذ عام 1021 ليس تدخلا تعسفيا ولكن كان يستهدف منع استغلال بعض الملاك للظروف الاستثنائية التى كانت تمر بها البلاد آنذاك.
التضخم
بينما يري د.سيد عبد المقصود “ أستاذ بمعهد التخطيط الاقتصادي “ ان زيادة نسبة الانفاق على السكن مقابل الدخل بنسبة 39% يعد تجاوزا نتيجة زيادة الأسعار والتضخم فى ظل ثبات دخول المواطنين طالبى السكن.
واضاف: ان مشكلة الاسكان مازالت مستمرة والتمليك ليس فى متناول الكثير من الاسر، ويرى أن الايجار الذي يتم بالتراضي بين المالك والمستأجر يساهم فى حل المشكلة نسبياً، بالاضافة الى طرح مزيد من وحدات الاسكان الاجتماعي التى تناسب محدودى الدخل.
مشيراً الى ان القطاع الخاص يريد ان يسترد استثماراته وبالتالي يطرح وحدات (لوكس وسوبر لوكس) بالتمليك بمبالغ وصلت الى مليون جنيه فأكثر بعدما كانت بـ300 و400 الف جنيه، الامر الذي جعل شريحة كبيره تخرج من السوق وتسعي للإيجار.
محذراً من قيام بعض الملاك بتأجير العين دون عقود للتهرب من الضرائب الامر الذي يهدر حقوق المواطنين ويهدد استقرارهم.
واصفاً سوق الإيجارات بأنه متجزئ يشمل القانون القديم والقانون الجديد والمفروش وغير المفروش، مطالباً الدولة ان تتدخل لإيجاد شكل واضح للمستأجر والمالك، لافتاً الى ان تفاوت الايجارات ترجع الى عوامل أساسية منها نوعية التشطيب والموقع ورقم الدور.
مأساة
ويري د.سعيد صادق “ استاذ علم الاجتماع السياسي” ان حق السكن يعد من حقوق الانسان التى كفلها الدستور وكافة المواثيق الدولية، والدولة مسئولة عن دعم غير قادرين على تحمل تكلفه السكن والتشجيع على البناء.
واضاف ان المشكلة تكمن فى طبيعة الرأسمالية المصرية التى تعد رأسمالية عقارية ويتضح ذلك فى الاعلانات عن الفيلات والكمبوندات، ويصطدم بذلك المواطن ويجد أن معظم المطروح من الوحدات من نوع الاسكان الفاخر أو التمليك.
مشيراً الى ان تحرير العلاقة الايجارية أدى الى تهديد المواطن بالطرد فى أى وقت، واصفاً سوق الايجارات فى مصر بأنه مأساة لعدم تلاءم مرتبات المواطنين ودخولهم مع تكلفة السكن وتكاليف المعيشة الأخرى.
مؤكداً أن أساسيات الحياة لم تعد موجودة وأصبح الشعب المصري يعانى من الفقر والبطالة وسوء الاحوال المعيشية.
مشيراً الى ان تحسن الاقتصاد المصري ينعكس على تحسن القطاعات الاخرى، مطالباً بوضع قانون يلزم بتحديد قيم إيجارية محددة لحماية الاسر من الطرد والتشريد فى الشوارع.
توازن العلاقات الايجارية
وطالب د.مختار الشريف “خبير اقتصادي” بوضع قانون يحقق التوازن بين كلٍ من المالك والمستأجر ويحفظ حقوقهم، معتبراً ان اختلال العلاقة بين المالك والمستأجر، ادت الى خلل فى المنظومة الاقتصادية، وعزوف المستثمرين عن الاستثمار فى مجال العقارات وطرح وحدات سكنية بالايجار تناسب الشرائح كافة.
وأضاف ان مشكلة انهيار العقارات فى مصر تعد نتاجا لمشكلة السكن والايجارات فى مصر التى تراكمت منذ عقود طويلة وغابت عمليات الصيانة بما يعرض حياة المواطنين للخطر.
مؤكداً أن الثروة العقارية فى مصر مهددة بالزوال، ولابد من تدخل الدولة والبرلمان لوضع قانون يضمن التوازن فى العلاقات الايجارية.

التعليقات متوقفه