القضاء على العشوائيات فى مصر.. وعود بلا تنفيذ

1٬511

أرقام جديدة كشف عنها مرصد العمران حول أحوال الإيجار فى مصر كإحدى وسائل تحقيق الاستقرار السكني، والتى كشفت بذاتها عن معاناة المواطن فى الحصول على سكن ملائم..فعلى الرغم من أهمية السكن كأحد الحقوق الأساسية التى كفلها الدستور والمواثيق الدولية والحقوقية كافة، لكن الاحصائيات كشفت عن وجود حوالي 7% من المستأجرين تستأجر دون عقود، بالاضافة إلى أنه وفقًا لأحدث تعداد عام 2017 لم يكن هناك سوى 3.3 مليون أسرة تعيش فى منازل مستأجرة، وهي لا تمثل سوى 14 % من مجموع الأسر او اقل من نصف ما كانت عليه قبل ثلاثين عامًا.

كثرت تصريحات المسئولين بشأن القضاء على المناطق العشوائية فى مصر، والتى يصل عددها لـ1221 منطقة منها 351 منطقة غير آمن مطلوب إزالتها فوراً لخطورتها على حياة الانسان مثل السكن فى العشش والغرف الخشبية بالاضافة الى المناطق الغير مخططة.
وقد اعلنت الدولة عن تطوير 46 منطقة عشوائية فى محافظتي القاهرة والجيزة بواسطة الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة، وتم أيضا تطوير 78 قرية من القرى الأكثر احتياجا فى 26 محافظة، كما تم الانتهاء من المرحلة الأولى والثانية من مشروع حي الأسمرات بالمقطم لإنشاء 18 ألف وحدة سكنية ضمن سياسة القضاء على المناطق العشوائية.
لذلك تسعي الحكومة جاهدة الى تنفيذ تعليمات الرئيس السيسي بالقضاء على العشوائيات خلال عامين وقد بقي من المدة المتاحة شهور معدودة على ان يتم الانتهاء من تطوير 351 منطقة نهاية العام الجاري..ولكن يبقي السؤال هل تستطيع الدولة الانتهاء من تطوير هذة المناطق خلال هذة المدة ام سيبقي الوضع كما هو علية وينتظر قاطني العشوائيات تنفيذ الوعود؟
جهود متناثرة
وفى ذات السياق قل د.ابو زيد راجح “ رئيس هيئة التخطيط العمراني الاسبق” ان العشوائيات فى مصر فى تزايد مستمر ولم تتوقف والدليل على ذلك زيادة عدد سكانها فى خلال العشر سنوات الاخيرة من 16 مليون نسمة الى مايزيد عن 20 مليون نسمة، بالاضافة الى زيادة الاعتداء على الاراضي الزراعية.
واضاف ان كافة الجهود التى تقوم بها الدولة للقضاء على العشوائيات تعتبر جهود متناثرة دون ان يربطها تخطيط قومي شامل، وبالتالي فإنها جهود ليست للقضاء على العشوائيات إنما لتوفير مساكن للأهالي القاطنة فى الأماكن الخطرة أو الآيلة للسقوط، وبالتالي فإن برنامج الحكومة يتمثل فى القضاء على الاماكن الخطرة ثم محاولة تحسين الحياة بمد المرافق والخدمات، مؤكداً ان الكيان العشوائي اصبح جزءًا عضويًا من النسيج الحضري المصري.
واشار راجح، الى ان سبب العشوائيات يكمن فى التزايد السكانى المستمر والضغط السكانى على الحيز العمراني الحالي، الامر الذي ينتج بذاتة مشاكل متفاقمة نعاني منها متمثلة فى الضغط على المرافق وندرة المساحات الخضراء. لافتاً الى ان الحل يكمن فى الانتشار السكاني من الحيز العمراني الحالي الذي لا يتجاوز 6.5% من مساحة مصر الى افاق عمرانية جديدة فى صحراء مصر وسواحيلها، موضحاً ان القدرة الاستيعابية للحيز الحالي لا تتجاوز 20 مليون نسمة وبالتالي نحمله 5 اضعاف ما يستطيع ان يتحمله.
خلل فى المجتمع
وتري د. ابتهال أحمد “أستاذ التخطيط العمراني بكلية التخطيط الاقليمي جامعة القاهرة” ان جهود الدولة فى معالجة المناطق العشوائية تعود لثمانينيات القرن الماضي واستمرت عندما انشأت الدولة صندوق تطوير العشوائيات فى عام 2009، ومن ثم مطلوب تكثيف الجهود نظراً لتضاعف اعداد المناطق العشوائية فى الوقت الراهن مقارنة بأعدادها فى السنوات الماضية.
واضافت، ان زيادة معدلات الفقر يؤدي الى إحداث خلل فى المجتمع الامر الذي يتسبب فى تكوين العشوائيات بما يمثل خطورة على المجتمع نظراً لان البيئة التى ينشأ فيها الافراد ليست سليمة وتؤدي لانتشار الامراض. لافتة الى ان تطوير العشوائيات من ناحية نقلهم لاماكن اخري امر ناجح بشرط توفير الخدمات والمرافق حتى لا يتم إهدار الجهود ويعودون لاماكنهم مرة اخري.. مشيرة، الى ان آليات القضاء على ظاهرة العشوائيات لم يستطع احد إنجازها، وتزداد العشوائيات طالما ان معدلات الهجرة مازالت مستمرة الامر الذي يهدد بذاتة العواصم والمدن الكبري.
انحيازات الدولة
ويري محمد عبد العال “المستشار القانوني لمركز حقوق السكن سابقاً” أن جهود الدولة للقضاء على العشوائيات تعتبر جهودًا محل تقدير وذلك فيما يتعلق بتنبهها لخطورة العشوائيات على المجتمع ككل، ولكن هذه الجهود لا تنظمها خطة استراتيجية تعبر عن انحيازات الدولة فى اطار فكرة القضاء على العشوائيات.
مضيفاً، ان سياسات الدولة على المستوى الاسكانى خلال الفترة الماضية ومازالت مستمرة لا تعبر عن الانحياز للطبقات الفقيرة او محدودى الدخل، التى بذاتها تصنع العشوائيات، لافتاً الى اننا نحتاج لرؤية ضمن خطة واضحة تؤكد انحياز الدولة لهذه الفئات الفقيرة والمهمشة لمنع تكون العشوائيات من البداية.
مؤكداً، اهمية تبني الدولة لسياسة عدالة توزيع الثروة القومية ومفهوم التنمية الشاملة على كل الاقاليم والمحافظات المصرية لتحقيق العدالة الاجتماعية، معتبراً ان الهجرة الداخلية من المناطق الفقيرة فى المحافظات الى اماكن العمل فى القاهرة والعواصم الاخرى بحثاً عن العمل والرزق تعد جزءًا من المشكلة وتؤدي لتفاقم العشوائيات.
مشيراً، الى وجود انماط متعددة من العشوائيات جزء منها يمثل ما يسمي بالخطورة على الحياة او الخطورة الداهمة، بالاضافة الى المساكن غير المخططة والتى تمثل بذاتها إسكانًا غير مخطط ينسب للعشوائيات حيث يوجد70% من انماط السكن فى مصر غير مخطط.
حقوق الإنسان
ويري المستشار محمود العسال “رئيس المجلس الوطنى لحقوق الإنسان” أن تطوير العشوائيات أمر مطلوب من الناحية الإنسانية كحق من حقوق الانسان والذى يؤدي بذاتة الى تحقيق الاستقرار الاسري ومن ثم الاستقرار الامنى.. وأضاف ان قاطنى المناطق العشوائية يفتقدوا لأمور إنسانية منها الحق فى التعليم والعمل وغيرها من الامور التى ينعكس فقدانها على قيم الافراد ويؤدي ذلك لانتشار البلطجة فى الشوارع، الامر الذي يتطلب إقامة دورات لتأهيلهم من الناحية النفسية والاجتماعية.
مشيراً الى ان جهود الدول للقضاء على العشوائيات مقبولة ولكنها تسير بحركة بطيئة على قدر الامكانيات المادية والظروف التى تمر بها البلاد.
مؤكداً، أنه ليس مطلوب سن قوانين لمكافحة العشوائيات إنما تطبيق القوانين، بالاضافة الى مراعاة الشروط التى وضعها قانون البناء الموحد للتصالح مع المخالفات للحد من العشوائيات.

التعليقات متوقفه