الصقور وغلاة المحافظين الجدد يحكمون واشنطن.. المستشار الجديد للأمن القومى الأمريكى يعيد أجواء الحرب الباردة والساخنة

156

جاء قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتعيين «جون بولتون» مستشاراً للأمن القومي بدلاً من الجنرال ماكماستر.. بمثابة صدمة للدوائر السياسية فى العالم، المعروف عن بولتون أنه من ولاة الصقور بين المحافظين الجدد فى الولايات المتحدة وأنه من دعاة فرض النفوذ الأمريكي على العالم.
كان بولتون قد دعا إلى تغيير أنظمة الحكم فى العراق وسوريا وليبيا وإيران.. ويعارض بولتون الاتفاق النووي مع إيران، الذي تم التوصل إليه فى عام 2015 ويري ضرورة الانسحاب من هذا الاتفاق وأن الحل العسكري هو الأسلوب الوحيد لحل المشكلة مع إيران على أن يواكبه دعم أمريكي قوى للمعارضة الإيرانية بهدف تغيير النظام فى طهران.

والغريب أنه فى الوقت الذي ينتظر فيه العالم عقد لقاء قمة بين ترامب والرئيس الكوري الشمالي «كيم جونج أون» فى مايو القادم.. أن يتم تعيين بولتون، الذي يطالب دائماً بشن ضربة وقائية ضد كوريا الشمالية، وأن تكون واشنطن هي المبادرة بهذا الهجوم حتى لو لم يحدث أي استفزاز من جانب كوريا الشمالية !.
ويري بولتون أنه لا وجود لشيء اسمه «الأمم المتحدة» بل هناك مجتمع دولي قد تقوده القوة الحقيقية الوحيدة المتبقية فى العالم، وهي الولايات المتحدة عندما يتوافق ذلك مع مصالحها!.
ورغم أن ترامب وصف القرار الأمريكي بغزو العراق عام 2003 بأنه أسوأ قرار تم اتخاذه.. فأن بولتون يؤيد بقوة هذا الغزو، بل يعارض انسحاب القوات الأمريكية من الأراضي العراقية. ويطالب بولتون بالتعامل بقوة مع روسيا، ويعتبر ما يسميه تدخلها فى انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016 « عملا من أعمال الحرب تجاه واشنطن لا يجب التسامح معه». وعقب حادث الجاسوس المزدوج سيرجي سكريبال فى بريطانيا.. دعا بولتون إلى الرد على روسيا بقوة.
وكذلك دعا بولتون إلى انتهاج سياسة المواجهة مع الصين وإلى موقف أمريكي أكثر حزماً تجاه حقوق الصين فى بحر الصين الجنوبي والشرقي.
كما سبق أن طالب بولتون بضرب كوبا بالقنابل (!)
خطر على العالم
ويرى العديد من المراقبين فى مختلف العواصم أن مجموعة الصقور التي تشغل مواقع رئيسية الآن فى الولايات المتحدة تشكل خطراً على العالم سواء بولتون أو وزير الخارجية الجديد مايك بومبيو أو المندوبة الأمريكية فى الأمم المتحدة « نيكي هايلي. ويقول المعلقون إن بولتون هو عنوان الحرب الجديدة فى الشرق الأوسط، فهو صاحب الخطاب الفظ والحاد والعدواني الذي ينزع الشرعية عن فكرة القانون الدولي وعن المنظمات الدولية، ويفتح الباب أمام إشعال الحروب على عدد من الجبهات العالمية.
ومما يلفت النظر أن صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية ذكرت أن قرار ترامب بإقالة وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون أثار الارتياح لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسبب موقف تيلرسون الداعي إلى الإبقاء على الاتفاق النووي مع إيران، ولابد أن تعيين بولتون مستشاراً للأمن القومي يعد أكبر خطوة تثير البهجة لدى نتنياهو بسبب التوافق التام فى رأي كل منهما تجاه إيران.
عواقب وخيمة
وعقب تعيين «بولتون» نشرت العديد من الصحف الأمريكية مقالات تسخر من هذا الاختيار كان أبرزها مقالة فى جريدة النيويورك تايمز بعنوان «خطة ترامب وبولتون لعزل الحلفاء وتشجيع الأعداء «جاء فيها أن مستشار الرئيس للأمن القومي جون بولتون لم يواجه يوما حربا لا يريدها.هو الذي دافع عن سياسة امريكا فى اجتياح العراق فى عام 2003، ويؤيد بشدة مهاجمة كوريا الشمالية، ويعتقد انه كان على الولايات المتحدة الأمريكية أن تقصف إيران منذ سنوات ماضية، بدلا من التفاوض معها على اتفاقية دولية لمنعها من الحصول على سلاح نووي.وذلك رغم التزام إيران بهذه الإتفاقية منذ دخولها حيز التنفيذ فى عام 2016، الإتفاقية التي عرقلت طريق إيران تجاه امتلاك سلاح نووي ومنعها من السباق النووي فى منطقة الشرق الأوسط بكل المقاييس واخضعت نفسها للمراقبة والتحقق الصارم. ومع ذلك يصر ترامب على انتهاك هذه الإتفاقية والتراجع عنها، ولا يعني تعيين «بولتون» فى الوقت الحالي سوي إن متوسط العمر الإفتراضي للأتفاق النووي سيكون قصيرا للغاية. حيث إن 12 مايو القادم هو الموعد النهائي القادم الذي يتعين على الرئيس الأمريكي بموجبه التوقيع والتصديق على تمديد رفع العقوبات عن إيران فى مقابل التزامها بالاتفاق.وإذا لم يفعل ذلك ستكون العواقب وخيمة.حيث من المرجح ان تتحرك ايران بسرعة دون اي ضوابط لتخصيب اليورانيوم، المواد الانشطارية اللازمة للأسلحة النووية.وسيعلن الحرس الثوري الإيراني، والذي يعتبر الطليعة فى سلوك ايران، ان الغرب لا يمكن الوثوق به أبدا، وسيتم استخدم القرار لتقويض الرئيس الأقل تشددا حسن روحاني.
«تدمير المصالح الصهيوأمريكية»
وزعمت الصحيفة إن تدمير الإتفاق النووي مع إيران سيزيد من الأنشطة الخبيثة للحرس الثوري فى الشرق الأوسط، مما يجعل التحدي الذي يواجه أمن اسرائيل وحلفاء امريكا الآخرين أكثر صعوبة، وهذه الأنشطة بدورها ستزيد الدعوات الأمريكية للعمل العسكري ضد إيران باعتبارها الخيار الوحيد القابل للتطبيق،حيث لن يتمكن أي ايراني من الدخول فى مفاوضات جديدة مع الولايات المتحدة فى أي وقت قريب. لهذا سيكون من الصعب وقف مسيرة الصراع العسكري، خاصة مع تولي بولتون قيادة مجلس الأمن. وبعيدا عن هذا العرض الرهيب، فإن قرار تدمير الصفقة الإيرانية سيؤدي ايضا إلى ظهور مسمار آخر فى نعش العلاقة عبر الأطلسي،حيث وضع «ترامب»مهمة اصلاح الصفقة على عاتق كل من بريطانيا وفرنسا والمانيا وامريكا!.. الشركاء الاوروبيون فى المفاوضات النووية.وطالب بموافقتهم على لغة جديدة حول تطوير ايران للصواريخ الباليستية،وتفتيش المنشآت العسكرية الإيرانية، كما طالب بتغيير فى الجدول الزمني للاتفاق النووي حتي لا تنتهي القيود المفروضة على ايران، كما طلب من اوروبا المساعدة فى تغيير شروط الصفقة نفسها. وجدير بالذكر ان اعظم اعتراضات الاوروبيين تتعلق بمسألة انهم يؤمنون بدقة بإن ايران قد ألتزمت بعدم الحصول على سلاح نووي أبدا، وهذا يعد امتثالا لشروط الصفقة.ولهذا يشعر الدبلوماسيون الاوروبيون بإن «ترامب» يطالبهم بحل مشكلة سياسية هو الذي افتعلها من خلال شن حملة ضد الصفقة. وبذلك يصبح «بولتون «نذير شؤوم لحروب جديدة قد تخوضها أمريكا فى فترة رئاسة «دونالد ترامب».الذي يعشق استعراض القوة بأفراط شديد!.

التعليقات متوقفه