خبراء يحذرون من طرح الشركات العامة بالبورصة دون ضوابط

396

حذر عدد من خبراء الاقتصاد، من نتائج إقدام الحكومة بطرح حصص من الشركات المملوكة للدولة فى البورصة، دون وجود رؤية واضحة للخطوات التى تلى طرح الشركات، وكيفية استغلال الأموال العائدة من هذه العملية، موضحين أنه دون وجود هذه الضوابط، ستخسر الدولة هذه الشركات، وستعيد نفس سياسات الخصخصة التى انتهجت قديمًا.
فقد أكد وزير المالية عمرو الجارحى، أن الحكومة تستهدف جمع حوالي 80 مليار جنيه من طرح حصص فى شركات وبنوك حكومية فى البورصة، خلال فترة تتراوح بين 24 و30 شهرًا، مقدرًا القيمة السوقية للشركات المزمع طرحها بنحو 430 مليار جنيه، وأن الحكومة سوف تتطرح نسب تتراوح بين 15 و30% من حصة المال العام، فى البورصة أو زيادة رؤوس أموال فى الشركات، مضيفًا أن البرنامج يستهدف توسيع قاعدة الملكية وزيادة رأس المال السوقي للبورصة المصرية، وزيادة قيمة وكمية التداول اليومي.
ضوابط
وقال د. رشاد عبده، الخبير الاقتصادى، ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والسياسية، إن تصريحات المسئولين بالدولة باعتبار هذا التحرك لا يعتبر خصخصة، غير دقيق، حيث إن أبسط تعريف للخصخصة، تحويل الممتلكات العامة إلى خاصة وهو الإجراء الذى تقوم به الحكومة حاليًا، موضحًا أن الأسهم التى يتم طرحها تابعة للقطاع العام، وستنتقل إلى الأفراد، ولكن تحت مسميات جديدة لإثبات أن ذلك ليس بخصخصة.
وتابع، أنه ليس هناك اعتراض على فكرة الخصخصة إذا كانت ليست هدفًا فى حد ذاتها، ولا تعد سوى أداة، بشرط أن تكون هناك ضوابط ومعايير تحكم هذا العملية، موضحًا أن النسب الحالية للطرح تُعطى الأولوية لتشكيل مجلس إدارة الشركات فى يد الدولة، وبالتالى فليس هناك قلق أن يقوم القطاع الخاص بتغيير معالم هذه الشركات ومجالس إدارتها، وكذلك فإن الأسهم المطروحة لن يستحوذ عليها فرد واحد بل المئات، فضلا عن أن قانون البورصة ينص على أن نسبة الاستحواذ لا يجب أن تتخطى الـ 5%، مؤكدًا أن الضوابط التى تحكم هذه العملية موجودة.
صندوق سيادى
وشدد عبده، على ضرورة أن تكون الأموال العائدة من هذه العملية، نواة لإنشاء صندوق سيادى جديد يتولى، وبالإضافة إلى مساهمات الدولة، تطوير شركات قطاع الأعمال الخاسرة والمتعثرة، مؤكدًا أنه على سبيل المثال فإن الشركة القابضة لصناعة الغزل والنسيج تضم 32 شركة تابعة وجميعها شركات خاسرة، موضحًا أن هذه الخطوة لا تندرج تحت برنامج الإصلاح الاقتصادى، حيث إنه لا يوجد إصلاح اقتصادى فى بيع أسهم لشركة تحقق مكاسب، إلا إذا كان الهدف من ذلك هو إنشاء هذا الصندوق سيادى، مؤكدًا أن هذه النقطة لن يتم الإعلان عنها حتى الآن.
وتابع الخبير الاقتصادى، أنه يجب النظر إلى أصول شركات قطاع الإعمال، والعائد من هذه العملية، مشيرًا إلى أن التقديرات تقول أنها تصل إلى فى أقل تقدير من 137 مليار جنيه، مطالبًا بضرورة حسن اختيار مجالس إدارة الشركات التابعة، واستثمار الموارد المتاحة والأصول غير المستغلة.
طلب إحاطة
ومن جانبه، قال عمرو الجوهرى، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، إنه يرفض فكرة طرح الشركات بالبورصة أو خصخصتها، موضحًا أننا لدينا سابقة فى هذا الأمر ولكنها لم تؤت ثمارها، مؤكدًا أنه كان قد تقدم بمشروع قانون للبرلمان، لتوزيع شركات قطاع الأعمال على الوزارات المختصة، مؤكدًا أن وزير قطاع الأعمال غير مختص بجميع الشركات التابعة للوزارة، فكيف تتم إدارتها، لافتًا إلى أن القاون كان ينص أيضًا على وجود شراكة مع القطاع الخاص فى بعض المشروعات ولكن بنسب معينة، حتى يتم تطوير هذه المشروعات، وكذلك تستفيد الدولة بالمحافظة على الأصول التابعة لها، إضافة إلى تدريب العمالة التابعة لهذا الشركات على أحدث التقنيات.
وتابع الجوهرى، أن الحكومة انتهجت الطريق الأسهل، وهو طرح الشركات بالبوصة، مشيرًا إلى أنه تقدم بطلب إحاطة لوزراء المالية وقطاع الأعمال، لتوضيح نسب الطرح الخاصة بكل شركة، وذلك لتوضيح إيرادات هذه الشركات أو خسائرها، وحجم العمالة الموجودة بها، حتى تتم معرفة الأسس التى عليها طرحت هذه الشركات بالبورصة، موضحًا أن أغلب هذه الشركات هى التى حققت أرباحًا، متسائلاً حول الشركات الخاسرة، ما هو مصيرها؟، مشددًا على ضرورة المزج بين الشركات الرابحة والخاسرة فى الطرح بالبورصة، إذا كانت هذه الخطوة أصبحت أمر واقع، وموضحًا أننا بحاجة إلى معلومات ورؤية واضحة من الجهات المعنية، ومناقشة لوزيرى المالية وقطاع الأعمال حول هذه الخطوة.
وتابع عضو اللجنة الاقتصادية بالبرلمان، أنه فيما يخص البنوك التى تم الإعلان عن طرحها، فيجب أن يكون هناك رد رسمى حول امتلاك الدولة أذون خزانة بهذه البنوك من عدمه، حيث من الممكن أن يُسيطر عليها مستثمرين، مشددًا أنه لآبد من توضيح لجميع هذه الأمور قبل الإقدام على هذه الخطوة.
وشدد على ضرورة إعلان الحكومة عن جميع المعلومات المتعلقة بهذه لعملية، حتى يتسنى للبرلمان ممثل فى اللجنة الاقتصادية، تقييم هذه الخطوة، وهل تحقق بالفعل أرباحًا، وكيف سيتم استخدام هذه الأرباح، عن طريق سد عجز الموازنة، أم سيتم استخدامها فى النهوض بالشركات الخاسرة؟.. وعلى الجانب الآخر، قالت د. بسنت فهمى، الخبيرة المصرفية وعضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، أنه لآبد من وجود هدف من عملية طرح الشركات البورصة، مشيرة إلى أن الوضع الحالى مختلف تمامًا لما تم من سياسات الخصخصة فى عهد رئيس الوزراء الأسبق عاطف عبيد، لآفتة إلى أنه أصبح يوجد الأن رؤية واضحة، وهو طرح أجزاء فقط من الشركات، لتوفير سيولة نقدية تساعد فى تحديث الألات، وكذلك لتدريب العمالة، وسداد ديون هذه الشركات للبنوك، إضافة إلى تغيير إسلوب الإدارة العقيم الموجود الآن، فالجمعية العمومية لهذه الشركات ستختلف، وستكون بمثابة رقيب على جميع السياسات وهو ما سيساعد على تقليل الفساد الموجود الآن.
وأضافت، أنه يوجد نوعين من العملية، وهما طرح عام، والطرح الخاص، موضحة أن الطرح العام هو بمثابة إتاحة الأسهم لجميع الأفراد والجهات بدون استثناء، وأما الطرح الخاص، يتسخدم فى عدة طرق، ومنها إذا كان هناك حاجة لإدخال تكنولوجي جديد للشركة، حيث إن هناك شركات لم تعد يناسبها التطوير ولكنها بحاجة إلى هيكلة شاملة، فيتم استقدام شركة بعينها متخصصة فى هذا المجال، ويتم التفاوض على النسبة التى سيتم طرحها، موضحة أن نوع طرح أسهم الشركة وفقًا للهدف من العملية ككل.
وحول اختيار الشركات الرابحة، كبداية للطرح فى البورصة، أكدت أنها عملية لتشجيع المستثمرين على الشراء، وإنجاح هذه العملية، ولكن لآبد من وجود هدف محدد لطرح كل شركة، موضحة أن النسب التى تم تخصيصها تعود إلى حجم الاجتياج لرفع رأس المال لهذه الشركة.
استراتيجيات
وكشفت استراتيجية وزارة المالية، أنها تسعى لخفض معدلات الإنفاق العام فى الموازنة العامة للدولة إلى ما يعادل 21 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2022 مقارنة بما يعادل نحو 29.4 بالمئة فى الموازنة الحالية.
وضمت قائمة الشركات التي أعلنها مجلس الوزراء خمس شركات فى قطاع البترول، هي الشركة الهندسية للصناعات البترولية والكيماوية (إنبي) وشركة الحفر المصرية وشركة الشرق الأوسط لتكرير البترول (ميدور) وشركة أسيوط لتكرير البترول وشركة الإسكندرية للزيوت المعدنية (أموك).
وفى مجال صناعة البتروكيماويات، ضمت القائمة ستّ شركات، هي سيدي كرير للبتروكيماويات والمصرية للإنتاج الإيثلين ومشتقاته (إيثيدكو) وشركة أبوقير للأسمدة وشركة الوادي للصناعات الفوسفاتية والأسمدة، والمصرية ميثانكس للإنتاج الميثانول (إيميثانكس)، والمصرية لإنتاج الألكيل بنزين “إيلاب”. وشملت القائمة ثلاث شركات فى مجال الخدمات اللوجستية، هي الإسكندرية لتداول الحاويات وبورسعيد لتداول الحاويات ودمياط لتداول الحاويات.
أما قطاع الخدمات المالية، فضم خمس مؤسسات مالية هي بنك التعمير والإسكان وبنك الإسكندرية وبنك القاهرة وشركة تكنولوجيا تشغيل المنشآت المالية وشركة مصر للتأمين.. وضم القطاع العقاري، شركتي مصر الجديدة للإسكان والتعمير ومدينة نصر للإسكان والتعمير، إلى جانب الشركة الشرقية للدخان فى قطاع خدمات المستهلك وشركة مصر للألومنيوم عن قطاع الصناعة.
جدير بالذكر أن، عدد العمالة فى قطاع الأعمال العام يصل إلى 214 ألف عامل، فيما تصل عدد الشركات الخاسرة إلى نحو 48 شركة.

التعليقات متوقفه