سلاماً – الخالد – محيى الدين

99

فى نهاية التسعينيات كنت شاباَ حديث العهد بحزب التجمع قال لى الراحل العظيم الدكتور سينوت حنا – أول امين لحزب التجمع بالبحيرة – أن تكون عضوا فى حزب رئيسه خالد محيى الدين يكفى أن تفتخر وتعتز بنفسك .

كانت كلمات امين التجمع الاسبق مفتاحا سحريا للدخول الى عالم هذا – الخالد – محيى الدين

كنت أدرك منذ الوهلة الاولى اننى فى حضرة الاستاذ

لم اضبط زميلا فى تاريخ الحزب يقول غير ذلك ” الاستاذ خالد ” لا نعرف ألقاب اخرى سوى هذا اللقب الجامع المانع فهو الاستاذ بكل ما تحمله الكلمة من معنى ودلالة وشمول

نتعلم من السياسة والقيم والاخلاق وسبل الاختلاف واخلاقياته

فى عام 2001 كان الاستاذ فى زيارة للحزب بالبحيرة واحتشد الالاف من اعضاء الحزب وجماهير البحيرة فى مقر دمنهور انتظارا للفارس وكان احتفالا باليوبيل الفضى لتأسيس التجمع

وقفنا فى انتظار الزعيم بلهفة العاشق ونظراتنا تلهث وأكفنا تبحث عن مصافحة وسط الزحام …. هو إذن يصعد  درجات السلم العتيق ويطل بابتسامته الصافية المعهودة التى بوسعها ان تُزيل كل الحواجز فى لحظات لست من الجيل الذى عمل مع الاستاذ – لكننى ضمن اجيال متعاقبة تعلمت من سيرته وشعرت بسلاسته والهمتهم مسيرته

وادركت ان اسم الاستاذ وحده قادر على انهاء انواء وعواصف الخلاف السياسى بين الزملاء وفى لحظات صعبة وعسيرة مر بها التجمع كان اعلان موقف او راى الاستاذ او حتى استيائه من الازمة قادر على إزالتها ولجوء اطرافها للبحث عن حل او مخرج ليس لشىء سوى لارضاء الاستاذ الذى لا يتحمل قلب احدهم عتابه الرقيق

كان للبحيرة حظا وافرا من زيارات ولقاءات الاستاذ ربما لأسباب تتعلق بعلاقته الوثيقة بقادة الحزب بالمحافظة الريفية – العمالية – ربما كانت تلك الطبيعة القريبة إلى حد كبير من اهتمامات الراحل العظيم حيث العمال والفلاحين فى موقع واحد

كان مشاركا فى كل الفعاليات الجماهيرية والمعارك الانتخابيه للحزب ويروى لى الراحل تيسير عثمان ان الاستاذ اقام فى منزله بمدينة رشيد عدة ايام فى منتصف الثمانينيات وكان يعقد مؤتمرات للدعوة لقائمة الحزب فى انتخابات 1987

وكانت زيارته فى 2001 هى الاخيرة ولم تمكنه ظروفه من زيارة البحيرة مرة اخرى

لم يكن الاستاذ مجرد رئيس لحزب سياسى ننتمى إليه فقد كان مجرد ذكر اسمه يضمن لنا احترام الآخرين إن لم يكن كسب عضوية جديدة توافق على الانضمام للتجمع لمجرد ان رئيسه هو الخالد محيى الدين

ولِما لا وهو النبيل المتجرد من اى رغبات شخصية فى السلطة او الجاه ولا يعرف الذاتية او حبا غير مصر

لِما لا وهو الذى ترك السلطة وهو فى قمتها عام 1954 تمسكا بمبدأ آمن به وحِرصه على قيمة عاش من اجلها

ثم هو ايضا الذى اصر ان يترك رئاسة الحزب – لأول مرة فى تاريخ مصر – وهو لم يزل قادرا على العطاء احتراما لنص لائحى يحظر تولى القيادة لاكثر من دورتين

ورغم ضغوط الاعضاء خلال المؤتمر العام “2002” الا انه كان حاسما وصلبا وقال حينها للجميع ” لو لم توافقوا على المادة 8من اللائحة انا هامشى مقدرش اكون ديمقراطيا واتجاوز نص اللائحة ”

وقد كان ما له وظلت مصر وستظل تذكر هذا الموقف النبيل كما تذكر مواقف الخالد محيى الدين المشرقة والمشرفة والمبدئية

ابانا الذى رحل

نعتذر ان لم نكن نستطع ان نمنحك ما تستحق فمهما قدمنا لن نوفيك قدرك

ونمنح ذكراك جزءا مما منحتنا اياه من قيمة وقدر

لعلنا نستحق شرف الارتباط باسمك وتاريخك المشرف الناصع.

التعليقات متوقفه