لليسار در: الأحزاب.. والدولة

153

تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي يوم الأربعاء الماضي (16مايو2018) فى أفتتاح المؤتمر الوطني الخامس للشباب، عن المعارضة والأحزاب السياسية ودورها وإعداد الكوادر الشبابية.
وقد أصبت بالقلق وأنا أستمع للرئيس وهو يشرح رؤيته لهذه القضايا، ثم ازداد قلقي عندما عدت فى اليوم التالي (الخميس 17مايو) لقراءة نص حديث الرئيس المنشور فى صحيفة الأهرام.
وطبقا لما كتبه الزميلان « إسماعيل جمعه وشادي عبد الله زلطة « فقد اكد الرئيس أن المعارضة هي الصوت الآخر الذي يجب أن نسمعه بهدف وضع حلول للمشكلات التي تواجه الدولة، وشدد الرئيس على أن هذا هو الوضع السليم، إذا كانت المعارضة لديها وعي كامل وصورة صحيحة عن مجمل التحديات التي تواجه الدولة، سواء فى الاقتصاد أو فى الأمن أو غيرهما من التحديات، أما إذا كانت الصورة غير مكتملة فلن يكون الطرح منضبطاً.
وأوضح الرئيس أن هناك خيطا رفيعاً بين النوايا السلمية والأغراض الهدامة وطلب بأن نتحرك بحذر ولا تدفعنا نوايانا السلمية إلى التحرك نحو الهدم، ويجب علينا ونحن نعارض أن نضع مصلحة البلد نصب أعيننا، وأمامنا دول كانت النوايا التي تعارضها سلمية إلا أن النتائج كانت كارثية، ويخشي أن تؤدي الاحتجاجات الواسعة إلى أزمة لايدرك من يقومون بها عواقبها.
وطالب الرئيس أن يكون تحرك الدولة نحو تطوير الحياة السياسية تؤدة ودون تعجل من خلال تجهيز كوادر شبابية قادرة على قيادة الدولة، وقيمة المشاركة السياسية فى الأوساط الشبابية، من خلال إنشاء مدرسة الكادر السياسي بالاكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب، وإنشاء المنتدى الوطني للسياسات العامة.
وتكشف هذه التصريحات عن غياب المفهوم الصحيح للديمقراطية وللعمل الحزبي وللحد من التظاهر، فالرئيس يتحدث عن جماعة تحكم بصفة دائمة وعن أحزان تعارض بصفة دائمة، ولو قرأ الرئيس ومعاونوه الدستور المصري قراءة صحيحة بطبيعية الحياة السياسية فى الدول الديمقراطية والتعريف لمفهوم ودور الحزب السياسي لأدرك أن التعريف الصحيح للحزب السياسي هو أنه « تنظيم يسعى لبلوغ السلطة وممارستها وفق برنامج الحزب السياسي والاقتصادي والاجتماعي « أقامة « جماعة من الأفراد داخل المجتمع، تعمل فى الإطار القانوني بمختلف الوسائل السياسية لتولي زمام الحكم، بقصد تنفيذ برنامجها.
« وتحتاج الأحزاب السياسية للعمل على أرض الواقع وتحقيق الشكل الديمقراطي التمثيلي لعدة عوامل، من أهمها توفير حرية التنظيم والتجمع وإبداء الرأي بالاشكال السلمية المختلفة وعبر الوسائط القانونية وضمان مبدأ التعددية الحزبية الذي يعني إمكانية إقامة اكثر من حزب بتوجهات فكرية مختلفة، مع غياب تمييز الدولة وعدم تدخلها لصالح أحد الأحزاب دون الآخر.
والأحزاب ليست مراكز أبحاث او مكاتب استشارية، للحكم، تطرح عليه أفكارها وحلولها للمشاكل المختلفة ليأخذ بها أو يتجاهلها، ولكنها تطرح برنامجها على الناخبين بهدف الحصول على أصواتهم وتأييدهم لهذه البرامج، والعمل على تنفيذها فى حالة الحصول على الأغلبية فى مجلس النواب، منفردة أو من خلال قالب فى أحزاب أخرى تتبنى معا برنامجا مشتركا.
وللأسف فالاوضاع القانونية والسياسية فى مصر تهمش دور الأحزاب السياسية
فمنذ حل الأحزاب السياسية فى يناير 1953 والحملة السياسية التي شنت ضد فكرة الحزبية مرورا، ببدء التعددية الحزبية المقررة عام 1976 وحتى اليوم، وهناك حملات متكررة على الأحزاب السياسية، وحصار قانوني، باستثناء فترة حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة وفترة تولي المستشار عدلي منصور منصب الرئيس المؤقت للجمهورية والعام الأول من حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي والذي سرعان ما أدار ظهره للأحزاب بعد عام 2015.
إضافة إلى أن قانون الأحزاب يمنع وجود لجان ونشاط للأحزاب حيث توجد الجماهير المنظمة فى الجامعات والمصانع والمصالح الحكومية، الخ وملاحقة الأمن السياسي لأعضاء وقيادات الأحزاب السياسية.
وأدت هذه الأسباب إلى ضعف الوجود الجماهيري للأحزاب واستسلام بعض قادة الأحزاب لهذه الأوضاع المناهضة للدستور وقبولهم للدور الذي حدده الحكم لهم وفرض نظام انتخابي شاذ «نظام القائمة المطلقة» الذي صمم خصيصا لتهميش الأحزاب السياسية، وسيطرة المستقلين على مجلس النواب الذين تحولوا عمليا إلى ما يشبه نواب الحزب الحاكم أو حزب الرئيس.
وبدون قانون ديمقراطي صحيح لانتخابات مجلس النواب وانتخابات المجالس المحلية، وتعديل جوهري فى قانون الأحزاب السياسية، يزيل القيود التي تكبلها وبما يتوافق مع الدستور ستظل الأزمة السياسية محتدمة فحكم الفرد « هو عنوان المرحلة.

التعليقات متوقفه