لليسار در: برنامج الرئيس

192

الكلمة التي ألقاها الرئيس «عبد الفتاح السيسى» أمام مجلس النواب وأداؤه القسم فى بداية ولايته الثانية كرئيس لمصر، جاءت خالية من تفاصيل برنامجه الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، خلال السنوات الأربع (2018 2022) التي تشكل فترة حكمه فى ولايته الثانية والأخيرة.
فقد اكتفى الرئيس ببعض العناوين والشعارات العامة، مثل وضع « بناء الإنسان المصري على رأس أولويات الدولة خلال المرحلة القادمة» أو التعهد بأن تكون ملفات التعليم والصحة والثقافة فى مقدمة اهتماماتي.
ورغم ذلك فقد هلل عديد من أعضاء مجلس النواب للخطاب واعتبروه يتصف بالكمال «ويرسم خارطة المستقبل» على حد «سليمان وهدان» وكيل مجلس النواب، وإعلان لتوجهه خلال الفترة القادمة وسير الدولة فى الاتجاه الصحيح، كما قال «سامى سعد» عضو المجلس، ويؤكده الرئيس السيسي فى تثبيت أركان الدولة المصرية وتحقيق الأمن والأمان، طبقا لما قاله علاء عابد، رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب.
وسارت على نفس الدرب غالبية الصحف وبعض الساسة وأساتذة الجامعات فعلى سبيل المثال قال «د. فاروق فهمى» أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن خطاب الرئيس أمام مجلس النواب شامل ومحاوره عبارة عن جدول أعمال للوطن.
ويبدو أن عديدا من أعضاء مجلس النواب والساسة والأكاديميين يعيشون فى أبراج عاجية ولا يعرفون حقيقة الأوضاع ومعاناة ناخبيهم.
فالمصريون يشكون ليل نهار من الغلاء والارتفاع الكبير فى أسعار السلع والخدمات الأساسية خاصة أسعار المواد الغذائية والمساكن وهناك موجة جديدة من ارتفاع الأسعار والغاء دعم المواد البترولية.
ويوجد ما بين 21 مليون و30 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر المدقع، وأن عدد العاطلين عن العمل ارتفع إلى 5ر3 مليون طبقا لبيانات رسمية، وأن نسبة الفقر المدقع ارتفعت إلى 3ر5% سنة 2015 بينما كانت هذه النسبة تبلغ 4ر4% سنة 2012، وهناك 8ر81 % من الفقراء لا يستفيدون من التأمينات الاجمتاعية، وأن 7ر8% فقط من الفقراء مشتركون فى التأمينات الاجتماعية.
ويعاني الاقتصاد المصري من خلل ناتج عن تراجع دور الزراعة والصناعة لحساب الخدمات والتجارة فقطاع الزراعة يساهم بحوالي 14% فقط من الناتج القومي المحلي، رغم أن 27% من سكان مصر يقيمون فى المناطق الريفية و32% من إجمالي قوة العمل فى مصر يعملون فى قطاع الزراعة.
ولا تتجاوز نسبة مساهمة قطاع الصناعة فى الناتج المحلي الإجمالي 7ر17%.
ووفقا لبيانات البنك المركزي، ارتفع الدين الخارجي لمصر بنسبة 343% على أساس سنوي فى نهاية سبتمبر 2017، وارتفع نصيب الفرد من الدين الخارجي إلى 2ر771 دولار فى نهاية الربع الأول من العام المالي الجاري مقابل، 2ر618 فى نهاية نفس الفترة من العام المالي الماضي.
وتواجه مصر خطر مجاعة مائية بعد أن دخلت فى مرحلة الفقر المائي فطبقا لتصريح د. محمود أبو زيد وزير الموارد المائية والري الأسبق، فهناك فجوة تقدر بـ 18 مليار متر مكعب بين الموارد المائية المتاحة والتي تقدر بـ 62 مليار متر مكعب وبين الحد الأدني للاحتياجات المائية والتي تقدر بـ 80 مليار متر مكعب، ولا نعرف على وجه الدقة تأثير سد النهضة فى أثيوبيا، على نصيب مصر من مياه النيل والتي تبلغ 55 مليار متر مكعب سنويا.
ويحتاج رهان الرئيس على ما أطلق عليه المشروعات القومية الكبرى إلى إعادة نظر.
فإصرار الرئيس على إتمام مشروع قناة السويس الجديدة فى عام بدلا من ثلاثة أعوام كما هو مخطط له، رفع تكلفة المشروع إلى 64 مليار جنيه.
وهناك جدل واسع حول مشروع «العاصمة الإدارية الجديدة» والانفاق الواسع فى هذا المشروع فطبقا لما أعلنه «اللواء أحمد زكى عابدين» رئيس مجلس إدارة المشروع، فتكلفة إنشاء الحي الحكومي فى العاصمة الجديدة وصلت إلى 40 مليار جنيه، ولم تتحمل الدولة مليما واحداً، حيث يتم تمويل العاصمة الجديدة من خلال بيع الأراضي ويبدو أن سيادته لا يعلم، أن هذه الأراضي هي أصول مملوكة للدولة، فإن بيعها واستخدام حصيلة البيع فى بناء العاصمة الجديدة، يعني أنه تم إنفاق 40 مليار جنيه من الدولة على الحي الحكومي فى العاصمة الجديدة.
فى ضوء هذه الحقائق وغيرها كثير يحتاج برنامج الرئيس السيسي إلى مراجعة وحوار مجتمعي حقيقي قبل أن تقع الفأس فى الرأس كما يقولون.

التعليقات متوقفه