لقطات: إصلاح النظام السياسى- 4

293

 

أكدت مرارا و تكرارا ضرورة وضع الإصلاح السياسى على رأس أولوياتنا. وأكرر إقتراحى بعقد مؤتمرللإصلاح السياسىى لتناول هذه المسألة فى إطار الجماعة الوطنية المصرية. وقد طُرِحَتْ مؤخرا عدة أفكارعلى الساحة تستهدف تنشيط الحياة السياسية: منها تشكيل لجنة تنسيقية بين الأحزاب و الحكومة، وإدماج الأحزاب القائمة. ولا شك ان إدماج الأحزاب القائمة فى عدد أقل سيجعل الأحزاب أكثر قدرة وفاعلية. لكن مجرد تشكيل لجنة تنسيقية بين الأحزاب العديدة القائمة لن يضمن إحياء الحياة الحزبية من مواتها. فالمشكلة الأساسية هى ضعف الأحزاب وغياب البيئة المواتية الحاضنة للأحزاب. وقد أوضحنا فى لقطات سابقة أن الإطار التشريعى المحدد لنشاط الأحزاب والمتمثل فى قانون مجلس النواب وقانون تقسيم الدوائر الانتخابية وقانون التظاهر يحكم عليها بالضعف المؤبد. ولذلك فنحن فى حاجة ماسة لعقد مؤتمر للإصلاح السياسى يناقش هذه الأمور وغيرها بما يؤدى إلى تفعيل دور الأحزاب و تنشيط الحياة السياسية.

وفى خطاب الرئيس السيسى عقب أدائه اليمين الدستورية أكد أهمية بناء الإنسان وتحقيق تنمية سياسية حقيقية كأولويات للمرحلة القادمة. وهذا لا شك إتجاه محمود، وطالما نادينا به. وفى كلمته فى إفطار العائلة المصرية دعا الرئيس النخب والمفكرين أن يشاركوا فى برامج الإصلاح، بما فيها الإصلاح السياسى. ونحن فى حاجة إلى وجود إطار منظم يتم من خلاله مشاركة جميع الأطراف فى مناقشة قضايا الإصلاح السياسى. وبهذه المناسبة أجدد دعوتى لعقد مؤتمر للإصلاح السياسى يشارك فيه الخبراء والمفكرون وتشارك فيه الأحزاب. وفى تقديرى أن هذا أمر شديد الإلحاح فى هذه المرحلة الحاسمة من تطور مجتمعنا. ويمكن أن يوضع على جدول أعمال هذا المؤتمر أساليب تنشيط الأحزاب ووسائل زيادة المشاركة فى الحياة السياسية، بالذات من جانب الشباب. فما زال الشباب هم الرقم الأصعب فى المعادلة السياسية عندنا ولا بد من بذل كل الجهود لإدماجهم فى العملية السياسية.

إن أى حديث عن بناء الإنسان وتحقيق تنمية سياسية يظل من قبيل الأمنيات ما لم يتم فتح المجال العام أمام الجميع. ومن هذا المنبر، فإنى أطالب برفع سقف التعبير عن الرأى بعد أن اصبح هذا السقف شديد الانخفاض. وبمنتهى الصراحة أقول أن الفضاء العام والنفاذ إلى الإعلام أصبح مقصورا على المؤيدين للحكومة الذين تحولوا إلى مجرد أبواق نردد ما تقوله الحكومة. أما الخبراء الذين لديهم آراء وتصورات تختلف مع الحكومة، فقد تم إقصاؤهم من المشاركة فى مناقشة ما يجرى. وهذا خطر كبير أن نتحول إلى مجتمع الرأى الأوحد. ولعل أكبر مثال على ذالك ما يتم بخصوص الإجراءات الاقتصادية، حيث لا نسمع ولا نرى إلا المرددين لكلام الحكومة. لا ترى فى الإعلام الآن وجودا إلا لكل من يدعى أن هذه الإجراءات كانت حتمية. ولا تسمع صوتا إلا لمن يزعم أنها قصة نجاح تشيد بها المؤسسات الدولية. وغالبا ما يكون هؤلاء وأولئك من محدودى او معدومى العلم و الخبرة. والخاسر هو الشعب فى نهاية المطاف.

إن مجتمعنا الآن يعانى من فراغ سياسى مخيف نتيجة عمليات التجريف السياسى التى استمرت لفترة طويلة، ونتيجة للممارسات الحالية أيضا. ولن يخرج مجتمعنا من حالة الفراغ السياسى هذه ما لم توجد أحزاب قوية ونشيطة وفعالة. والأمر يتطلب، بالإضافة إلى ما قلناه، فتح المجال العام لحرية الرأى والتعبير فى إطار الإلتزام بالثوابت الوطنية. إننى هنا أطالب بتفعيل المادة 72 من الدستور، التى تنص على أن «تلتزم الدولة بضمان استقلال المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام المملوكة لها، بما يكفل حيادها، وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية والمصالح الاجتماعية، ويضمن المساواة وتكافؤ الفرص فى مخاطبة الرأى العام». إن أى متابع لوسائل الإعلام المملوكة للدولة يلاحظ إنعدام المساواة و تكافؤ الفرص فى محاطبة الرأى العام. ويلاحظ قصر الساحة الإعلامية الآن حصريا على مؤيدى الحكومة وإستبعاد أصحاب الآراء والرؤى المخالفة. افتحوا الأبواب والنوافذ حتى يدخل الهواء النقى!

و ننتظر تلبية الرئيس لدعوتنا لعقد مؤتمر وطنى للإصلاح السياسى.

تهنئة

إلى القراء الاعزاء بمناسبة عيد الفطر المبارك كل عام وانتم والمحروسة بخير.

التعليقات متوقفه