ضد التيار: العــــودة للتضـامـن الـعـــربـى

144

ونحن مقبلين على الاحتفال بعيد الفطر المبارك، والعيد الخامس لثورة الثلاثين من يونيو الشعبية الرائدة، تحمل إلينا وكالات الأنباء أخباراً طيبة تمنح الجميع القدرة على الهدوء والسكينة، وربما الفرح فى الأيام القليلة القادمة، فى زمن بات فيه ضنينًا بمسراته وأفراحه. ففى العالم الخارجي توارت إلى حين الحرب الكلامية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والرئيس الكوري الشمالي كيم يونج أون، التي حفلت بالشتائم المقذعة المتبادلة بين الاثنين، وانطوت على تهديد بحرب نووية تدمر الولايات المتحدة، أو تأخذ كوريا الشمالية إلى المصير الليبي، بشن حرب أطلسية عليها، ليلقي رئيسها مصير الزعيم الليبي «معمر القذافي»!.
أما فى الداخل، فى منطقتنا العربية، فقد لاحت بوادر طيبة لتضامن عربي، يضع المصالح، لا المنافسة، على رأس الأولويات، ويمنح الشعوب العربية الثقة بأن الإرادة السياسية لقادتها لو حضرت، لكان فى إمكانها أن تمتلك القدرة على حل مشاكل دول المنطقة، دون احتياج إلا فى الضرورات القصوى على التدخلات الخارجية سواء الإقليمية أو الدولية.
لم تكن قمة مكة الرباعية سوى مثل واحد من بين أمثلة أخرى على ذلك. والقمة التي ضمت كلاً من العاهل السعودى الملك سلمان بن عبد العزيز، وأمير الكويت الشيخ جابر الصباح، ونائب رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن راشد، والعاهل الأردني الملك عبد الله، أسفرت عن حزمة من المساعدات الاقتصادية بلغت نحو 5ر2 مليارات دولار أمريكي لمساعدة الأردن على الخروج من أزمته الاقتصادية التي تسببت فى مظاهرات مطلبية عاصفة، تطورت إلى رفع مطالب سياسية تدعو إلى إسقاط الملكية، بعد أن سيطر عليها، كما هي العادة فى كل ثورات الربيع العربي، تيار الإسلام السياسي، وفى القلب منه جماعة الإخوان المسلمين.
المساعدات الخليجية للإردن، هي مساعدات للشعب وللحكومة معا، إذا أنها تحدد أوجه الصرف فيها، عن طريق وضع وديعة فى البنك المركزي الأردني، وتقديم ضمانات للبنك الدولي لصالح الأردن، وتمويل مشاريع للتنمية بداخله، وتوفير دعم سنوي لميزانية الحكومة للسنوات الخمس القادمة، وعلى من يثيرون الغبار على تلك الصفقة، ويتجاهلون مضامينها الإيجابية، ويصفونها بانها دعم للنظام الملكي فى مواجهة شعبة، أن ينقطونا بسكاتهم.
وجاءت زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي «آبي أحمد علي» للقاهرة لتحمل بدورها أخباراً سارة أثلجت صدور المصريين القلقة، وقللت من مخاوفهم المشروعة على مستقبل بلدهم، ودخل رئيس الوزراء الأثيوبي « آبي أحمد على « من أوسع الأبواب إلى قلوب الشعب المصري، وهو يلبي طلب الرئيس السيسي، بأداء القسم خلفه قائلا، بالعربية التي لا يجيدها والله والله.. لن نلحق الضرر بمصر، وإذا صحت الأنباء التي ذكرها الزميل عماد الدين حسين فى صحيفة الشروق، أن دولاً خليجية هي السعودية والكويت والإمارات، قد تدخلت لدى الطرف الإثيوبي، بالتعهد بزيادة استثماراتها فى إثيوبيا لحثها على حل مشكلة سد النهضة مع مصر، فمعنى هذا أن زيارة « آبي أحمد « للقاهرة قد نجحت، وأنها تمهد لنجاح الجولة القادمة من المفاوضات الثلاثية التي تشمل السودان، والتي من المقرر عقدها خلال أيام فى القاهرة.
معنى هذا أيضًا أن احتمالات موافقة الطرف الإثيوبي على الطلب المصري، بمد فترة ملء سد النهضة من ثلاث إلى عشر سنوات أصبحت واردة، وأن المخاوف التي أبدتها اللجان الفنية الدولية حول السد باتت محلاً لإعادة النظر من قبل الإثيوبيين، ليصبح التعاون الوثيق، لا الصدام هو مستقبل العلاقات المصرية الإثيوبية التاريخية، التي لا خيار فهيا سوى تنميتها ليس لصالح الدولتين فقط، ولكن لصالح دول حوض النيل، ودول القارة الافريقية.
ألست محقة فى أن عودة التضامن العربي إلى صدارة المشهد، هو يوم عيد، ويوم للبهجة والفرح؟.

التعليقات متوقفه