إعلاميون ومفكرون وسياسيون فى الذكرى26على اغتيال «فرج فودة» بيد المتطرفين: الدولة المدنية لم تتحقق.. والتصالح مع «الإخوان» جريمة

303

شاركت نخبة من صفوة الإعلاميين والمثقفين والسياسيين في احتفال جمعية التنوير بالذكرى الـ26 على استشهاد المفكر الكبير فرج فودة الذي قتل علي يد الإرهابيين من الجماعات الإسلامية المتطرفة ..المتحدثون وهم يتذكرون أفكار ومؤلفات “فودة” ربطوا بينها وبين ما يحدث الآن من سياسات تؤدي جميعها إلى نفس الطريق، مطالبين بثورة في المناهج التعليمية، ومواجهة السياسات الرجعية التي تخدم الرأسمالية المتحدة والمؤسسات المالية العالمية المشبوهة التي رفعت من نسب البطالة والفقر والفساد وقهر الشعوب والتبعية للولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها دولة الاحتلال إسرائيل ..المتحدثون أكدوا أهمية تجديد الخطاب الديني ومواجهة القوى التي تعمل على ضرب النسيج الوطني بين المسلمين والمسيحيين، وعدم التصالح مع  من  حاولوا بيع تراب الوطن …إلى التفاصيل ..

كل تفاصيل ما سبق حدث خلال إحتفال الجمعية المصرية للتنوير بالذكرى السادسة والعشرين٬ لاستشهاد المفكر الكبير الدكتور فرج فودة دفاعًا عن الدولة المدنية وحرية الكلمة٬يوم الجمعة٬ بمقر الجمعية الكائن فى 2 شارع أسماء فهمي٬ كلية البنات٬ مصر الجديدة.برنامج الاحتفالية تضمن٬ تكريم بعض المفكرين الذين ساهموا٬ ويساهمون فى دفع مسيرة التنوير والدولة المدنية٬ وعلى رأسهم الكاتب نبيل زكي رئيس مجلس إدارة جريدة الأهالي والمتحدث الرسمي لحزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي ٬ والكاتبة الصحفية فريدة النقاش٬ كما شمل التكريم اسمي الراحلين المحامي الكاتب حمدي الأسيوطي٬ والدكتور نديم عبدالشافى السيار،بالإضافة إلى تكريم الكاتب كمال زاخر٬ والكاتب طلعت رضوان٬ والكاتب أحمد الخميسي٬ والكاتب مدحت بشاي٬ والكاتب صبري سعيد٬ والمحقق فى التراث جمال عبدالعزيز٬ وكمال فريد إسحاق،كما كرمت الجمعية الإعلاميين: حمدي رزق٬ وهالة فهمي٬ وبسنت حسن٬ وأحمد سامر، مدير صالون علمانيون..الندوة قدمها إسحاق حنا الامين العام لجمعية التنوير وحضرها المخرج والمفكر الكبير أحمد فؤاد درويش مخرج فيلم :»ماذا لو عاش عبدالناصر «..
جدل واسع
فى البداية عرف المتحدثون فرج فوده على أنه كاتب ومفكر كبير،ولد فى 20 أغسطس 1945 ببلدة الزرقا بمحافظة دمياط فى مصر، وهو حاصل على ماجستير العلوم الزراعية ودكتوراه الفلسفة فى الاقتصاد الزراعي من جامعة عين شمس، تم اغتياله على يد الجماعة الإسلامية فى 8 يونيو 1992 فى القاهرة.وأضافوا :»أثارت كتابات د. فرج فودة جدلا واسعا بين المثقفين والمفكرين ورجال الدين، واختلفت حولها الآراء وتضاربت فقد طالب بفصل الدين عن السياسة والدولة وليس عن المجتمع،وكانت جبهة علماء الأزهر تشن هجوما كبيرا عليه، وطالبت لجنة شئون الأحزاب بعدم الترخيص لحزبه، بل وأصدرت تلك الجبهة فى 1992 “بجريدة النور” بياناً بكفره.وهو الذي شارك فى تأسيس حزب الوفد الجديد، ثم استقال منه وذلك لرفضه تحالف الحزب مع جماعة الإخوان المسلمين لخوض انتخابات مجلس الشعب العام 1984.. ثم حاول تأسيس حزب باسم “حزب المستقبل” وكان ينتظر الموافقة من لجنة شئون الأحزاب التابعة لمجلس الشوري..كما أنه مؤسس الجمعية المصرية للتنوير فى شارع أسماء فهمي بمدينة نصر، وهي التي اغتيل أمامها.».
الإسلام فى القلب والعقل
وتذكر المتحدثون فى كلماتهم بعض من مؤلفات فودة التي تؤكد عمق نظرته للمجتمع وتحليله وتشخصيه لواقع الأمة سواء فى ذلك الوقت أو الان خاصة قوله فى كتابه «حوار حول العلمانية» الذي صدر قبل رحيله بخمسة أعوام: (من قال إننا نتعرض للإسلام؟ الإسلام فى القلب والعقل معًا، لكننا نحتج على دعوتهم للحكم بالإسلام. وهو شيء جد مختلف، لأن الإسلام فى رأينا دين وليس دولة)..ويستكمل فى موضع آخر قائلًا :(حسبنا إننا نرعى للوطن حقًا، ونحفظ لأجيال المستقبل أملًا. ونتحسر ونحن نرى العالم يلهث ركضًا للأمام، بينما البعض يهرب للجبال. ويرى الصاروخ فيتحسر على الناقة. ولا يرى فى حضارة الغرب إلا شذوذًا ودعارة، ومجونًا وخلاعة، وفسقًا وزنا. وهو فى تكراره لهذه الألفاظ، يلفت أنظارنا إلى ما يهتم به، ويدغدغ حواسه، ويملأ عليه نهاره أحلام يقظة). ثم يضيف فرج فودة واصفًا مأساتنا بأننا (مختلفون بما فيه الكفاية، مُحبطون إلى أقصى المدى، مشدودون للخلف دائمًا. حتى أنني أحسب أن الامام لم يُخلق لنا وخلق للغير، وأن المستقبل احتكار للآخرين، وأن الأمل عملة صعبة محظورة التداول. وكثيرًا ما أسأل نفسي لماذا؟ وأحسب أنني أملك إجابة تحتمل كثيرًا من الصواب، وتتلخص فى أننا نقلنا عن الغير، ولم ندفع الثمن. فلكل شيء ثمنه. للديمقراطية ثمنها. وللعلمانية ثمنها. وللحضارة ثمنها. ولحقوق الإنسان ثمنها. وقد دفع العالم المتحضر ثمن ذلك كله من دماء أبنائه، ووصل إلى ما وصل إليه عابرًا بحورًا من دم، وسائرًا فوق أجساد الآلاف من الضحايا. ولهذا يعض على ذلك كله بالنواجذ، ويتمسك به تمسك من حصل على الشيء بجهده وجده، وعرقه ودمه.. بينما تلقينا نحن كل ما سبق دون جهد. نقله الرواد إلينا، فعز علينا أن نتمسك به، وصعب أن ندافع عنه. وما همنا فى كثير أو قليل أن نفقد جزءًا منه أو كله. وأجزم أننا سوف ندفع الثمن عن قريب إلا إذا استيقظ كل صاحب ضمير حر، وكل مخلص لوطنه حريص على تقدمه، وأعلن بأعلى صوته لا، لا للدولة الدينية )..
علاج للتطرف
وفى مقدماته طالب إسحاق حنا، أمين عام الجمعية المصرية للتنوير، بتدريس مؤلفات وكتب الكاتب والمفكر الراحل الدكتور فرج فودة، الذى اغتاله متطرفون فى العام 1992، فى مناهج التعليم، سعيا إلى محاربة التطرف.وقال «حنا» : «مؤلفات الراحل فرج فودة وآراؤه ومفاهيمه برنامج لعلاج التطرف»، داعيا لطرح آرائه بشكل موسع فى وسائل الإعلام، لتكون هناك نتيجة سريعة لمكافحة التطرف.وأضاف أمين عام الجمعية المصرية للتنوير، التى أسسها فرج فودة عام 1989: «يجب على من يطرح آراء فرج فودة فى الإعلام أن يكون مؤمنا بها، حتى لا يطرحها بطريقة تسىء للكاتب الراحل»، داعيا الدولة ممثلة فى المجلس الأعلى للثقافة والهيئة العامة للكتاب ومؤسسات علمية أخرى، لإعادة طبع مؤلفات فرج فودة لتكون فى متناول الجميع.وأشار إسحاق حنا، إلى أن هناك كثيرا من المثقفين لم يقرأوا مؤلفات فرج فودة، ونجدهم يصرحون بما سمعوا عنه، الأمر الذى يشوه صورة الراحل، داعيا الدولة أيضا لتدشين جائرة ثقافية كبرى باسم فرج فودة، الذى كان مخلصا للتنوير، ومات دفاعًا عن حرية الرأى والتعبير.
ما قاله تحقق
وقد أعرب الكاتب الصحفى نبيل زكي، رئيس مجلس إدارة جريدة الأهالي، والمتحدث الإعلامي باسم حزب التجمع، وأول المكرمين فى الاحتفالية، عن فخره بذلك التكريم من جمعية تنويرية ذات دور ثقافى أصيل. وقال: إننا فى أشد الحاجة لفكر الراحل فرج فودة، فكل ما تنبأ به وحذر منه حدث بالفعل، حيث وجود جماعات تعمل على إنشاء دولة دينية تتنكر لمدنية الدولة وحضارتها.ففى بداية كلامة أكد «زكي» أن الحديث عن فرج فودة يطول،موضحا أنه كان يسكن بجواره وكانا يلتقيان باستمرار،وكان شاهدا على استقالة فرج فودة من حزب الوفد،بعد أن فوجئ بالحزب الذي يرفع شعارات «الدين لله والوطن للجميع «،متحالفا مع الإخوان فى الانتخابات،فتقدم باستقالته،وهي استقالة من وجهة «نبيل زكي» فريدة من نوعها فى ذلك التوقيت المهم..وأضاف الكاتب الكبير نبيل زكي أن كل ما تنبأ به المفكر فرج فودة تحقق،فقد عشنا فترات شهدت محاولات لإقامة دولة دينية موازية،وأيضا مخططات ضرب مصر من باب تمزيق النسيج الوطني بين المسلمين والمسيحيين،وأيضا التفريط فى تراب الوطن مثلما حدث فى عهد الرئيس المخلوع الاخواني محمد مرسي بإعتراف رئيس دولة فلسطين محمود عباس أبو مازن،وأيضا نائب رئيس السودان،حيث سعى «مرسي» للتفريط فى أجزاء من سيناء،وحلايب وشلاتين،وهذا ما كان يحذر منه «فودة» متهما هؤلاء بأنهم دعاة تطرف وعنف وإرهاب..ودعا نبيل زكي كل مؤسسات الدولة الوطنية إلى الاستفادة من أفكار فرج فودة لإقامة الدولة المدنية الديمقراطية الخالية من التطرف،فكان أول من دعا إلى ثورة فى مناهج التعليم،وتجديد الخطاب الديني،وهو ما نحن فى حاجة إليه اليوم..وأكد «نبيل زكي» أهمية تنظيم حملة توعية من خلال قصور الثقافة المنتشرة فى المحافظات بعد تطويرها والنهوض بها،موضحا أنه كعضو فى المجلس الأعلى للثقافة طالب بذلك أكثر من مرة،مشيرا إلى أن التقاعس من جانب وزارة الثقافة..وفى نهاية كلامه تحدث نبيل ذكى عن فرج فودة واصفا إياه بقوة الحجة،والمثقف الواعي الذي يعجز الجميع عن مناظرته،فهو مفكر واثق من نفسه ومن فكره ورؤيته..
صصصوأكدت الكاتبة الصحفية فريدة النقاش، ضرورة أن تجد كتب فرج فودة، ونصر حامد أبو زيد، طريقها الى المكتبات المصرية العامة من جديد، حتى يظل الاختلاف الفكري قائما بين الاتجاهات المختلفة تحت مظلة الدولة، لان الاختلاف الفكري هو دليل التحضر. وأضافت أن إنجاز الكاتب الراحل فرج فودة الاكبر تمثل فى محاولته نزع القداسة عن بعض حقب تاريخنا المهمة حتى تتسم نظرتنا بموضوعية ومحايدة بعيدا عن الحكم العاطفي، وقد نجح فى ذلك إلى حد كبير.وتطرقت «النقاش» إلى أهمية فكر فرج فودة وتحذيره من اليمين المتطرف،والرأسمالية المتوحشة التي تحكم العالم اليوم وتسببت فى المزيد من البطالة و الفقر والفساد والجوع والمرض، لصالح فئة قليلة..وقالت «النقاش» إن «فودة» نجح فى إقناع البسطاء بأنه لا يوجد عصور مقدسة،وأن كل شئ قابل للنقاش والحوار
جريئًا وصريحًا
كانت اللحظة التي جابه فيها فرج فودة التيار الظلامي٬ لحظة خطيرة جدًا٬ لأنه كان بمفرده وكان جريئًا وصريحًا فى إطلاق واستخدام كلمة التنوير، والتي كانت سيئة السمعة فى ذلك الوقت٬ لكنه كان من الشجاعة أن يطلق على جمعيته هذا الاسم٬ بالتالي كانت هذه المفردة اتهامًا صريحًا٬ وتحديًا كبيرًا لأنه كان يجابه الظلاميين.هكذا قال الكاتب كمال زاخر فى كلمته: «استشهد فودة هنا على بعد خطوات من مقر الجمعية٬ ومن قتله مثلما اعتدى على نجيب محفوظ قال نفس الرد: «هم قالوا لي»٬ وعندما سئل ماذا قرأت لفودة؟ قال: مجرد أن أقرأ له فهذا ذنب٬ وأنا لا أرتكب هذه الذنوب.وتكونت الجمعية والتي لا تجمع تبرعات٬ ولا تنظم رحلات للحج والعمرة٬ ولا بتعالج ولا ترعي أيتام٬ لكنها ترعي الدماغ، لذا فعندما سئل «فودة» عن فكرة التنوير قال: «التنوير هو إضاءة المناطق المعتمة فى الذهنية العامة»، هكذا كان فودة يري التنوير وليس فقط مجرد الكلام٬ أى نقف عند المناطق المظلمة فى العقول ونعمل عليها٬ بالتالي أصحاب هذه الأدمغة يصابون بالاندهاش، نستشعر الخطر حينما نفقد القدرة على الاندهاش».وأضاف «زاخر»: «أتذكر ونحن صغار٬ عندما كنا نمشي فى الشارع ونرى فتاة جميلة نقول: «يا صلاة النبي» سواء كان قائلها مسلما أو مسيحيا٬ الآن لو قيلت ستفهم على أنها ازدراء أديان».كما أكد زاخر أن: «المشاريع الاقتصادية وحدها لا تقيم بلدًا٬ والمشاريع السياسية وحدها لا تصلح أخطاء٬ لكن «اللعب فى الدماغ» مهم جدًا٬ لكن من يلعب هذا هو السؤال؟ نحن تركنا الملعب للمنتخب الرجعي وللأسف هو الوحيد هو الفاعل، لكن ما يعطي الأمل أننا اليوم وبعد ربع قرن وعام٬ ما زال فرج فودة يعيش بيننا٬ أى أن الجسد قد يختفى لكن الفكر لا يموت.
مؤسسات مكافحة الإرهاب
عبر الكاتب مدحت بشاي عن سعادته بالمشاركة فى الاحتفالية التي أقامتها٬ الجمعية المصرية للتنوير لإحياء الذكرى السادسة والعشرين٬ لاستشهاد المفكر الكبير الدكتور فرج فودة٬ معربًا عن سعادته بتكريمه.وأضاف: «رغم التضييقات الأمنية فى عهد مبارك٬ إلا أن الدكتور فرج فودة٬ كان يجري مناظرات كثيرة٬ شهدها عرض القاهرة الدولي للكتاب٬ وكانت القنوات الفضائية وقتها محدودة العدد لا تتيح للمفكر أن يعرض أفكاره أو يقوم بدوره التنويري الكبير٬ فإذا بالهيئة العامة للكتاب تتيح للشهيد فودة إجراء مناظرات٬ رائعة فيها جرأة وتقدم الجديد٬ وتتحدي الفكر الظلامي».ودعا إلى إحياء فكر الشهيد فودة قائلًا: «أتمني على مؤسسات الدولة التي أنشئت لمكافحة الإرهاب٬ أن تقوم بدورها٬ فما المعني أن يكون لدينا المجلس القومي لمكافحة الإرهاب٬ والذي لم نر منه حتي الآن أي إنجاز حقيقي على الأرض، نتمني على المجلس أن يرعي قامات التنوير الكبيرة التي قامت بدور لمناهضة الإرهاب». وطالب «بشاي» وزير التربية والتعليم بإطلاق أسماء قادة الفكر التنويريين على الفصول فى المدارس٬ مع تدريس نبذات عن هذه القامات مثل فرج فودة فما فعله يستحق أن يدرس ويشاد به٬ وأن تدرس أفكاره٬ وهذا هو الطريق لهزيمة التيار الديني الذي يهدد مستقبلنا ومستقبل الأجيال الجديدة».
ليست ضد العلمانية
عبرت الإعلامية بسنت حسن عن سعادتها بالتكريم الذي نالته من الجمعية المصرية للتنوير٬ موضحة: «هذا أعظم تكريم يمكن أن أحصل عليه٬ خاصة أنه من مؤسسة تحمل أفكار واسم شخص يؤمن بالعلمانية، مصطلح العلمانية الذي لم أسمعه يذكر من قبل على شاشة التليفزيون٬ فى أي سياق ولا يذكر بالخير أو بالشر.. لكنني بدأت أقحمه فى كلامي٬ لذا كان القرار بأن يكون برنامجي مسجلًا وليس على الهواء».وأوضحت «حسن»: الحقيقة أن الدولة ليست ضد العلمانية٬ وفى مناقشات لي قبل سنوات، مع المسئولين فى الحقل الإعلامي٬ لم يكن أحد ضدها٬ لكنهم كانوا ضد مصطلح العلمانية وضد التشبث به٬ وكانوا يطلبون مني عدم إعلانه بشكل صريح٬ على طريقة (ابعد عن الشر وغني له) خاصة وأن التيار الديني اليميني كان يقود حملة لتشويه المصطلح٬ وتشويه من يعتنقونه أو ينادون به.وأكدت أنه: ما يجرى الآن هو محاربة الإرهابيين٬ وهو ما يقوم به رجال الجيش والشرطة٬ أما الإرهاب نفسه والأفكار المتطرفة فمازالت موجودة ولا يتم التعامل معها٬ فمن يخيفنا حتى ولو بالكلمة أو التكفير فهذا هو الإرهاب بعينه٬ لذا علينا مقاومة الفكر نفسه وليس الأشخاص الذين ينفذونه فقط٬ وهو الدور المنوط به المجلس القومي لمكافحة الإرهاب.وفى نهاية كلمتها، ناشدت «حسن» بإطلاق اسم المفكر الشهيد الدكتور فرج فودة٬ على شارع أو مدرسة: فلا يعقل أن هناك فى طنطا شارع باسم حسن البنا٬ وآخر باسم سيد قطب٬ ولا يوجد شارع باسم الشهيد فرج فودة.
إعمال العقل
قالت الإعلامية هالة فهمي:»التنويريون لا يغيبون إلا بالجسد فقط بينما تظل أفكارهم باقية وأشعر بأن روح الشهيد فرج فودة تظلل جلستنا اليوم».وأشارت إلى أن برامجها التي قدمتها للأطفال فى التليفزيون المصري انطلاقا من إيمانها بفكرة تقديم التاريخ بصورة شيقة سهلة الوصول وهو ما أدي بعد ذلك بهؤلاء الأطفال الذين قاموا بالثورة فيما بعد حينما كبروا.وتابعت:» أود أن أنوه عن نقطة غائبة عن الجميع تخص الدكتور فرج فودة وهي الحديث عن الأديان هذه الفكرة قديمة جدا منذ الحروب الصليبية استخدمت للتفرقة بين الشعوب والأديان بينما دعا فودة لإعمال العقل، كما أنه كان يمتلك كاريزما طاغية وابتسامة لا تفارق وجهه وطريقة جذابة لعرض أفكاره مما سهل وصوله للناس وهو ما أؤكد عليه بصفتي مذيعة.واستطردت: كما أنه لم يحاول أن يفرض أفكاره على الآخر لذا جاءت كلماته وأفكاره مثيرة للتساؤل والتفكير من قبل من يستمع لها تمثل طاقة نور لهذا خاف منه الظلاميون لأنه كان يخاطب الإنسانية.
قالت الإعلامية رباب كمال إن الكاتب الراحل فرج فودة وجد انتشارًا كبيرًا بسبب قدرته الاستثنائية على إيصال أفكاره للبسطاء بلغة عربية رشيقة غير مقعرة، بخلاف الكثير من المثقفين ومن كانوا نشطاء فى نفس حقله الفكري، فضلا عن خفة دمه وشخصيته المرحة. وأضافت: كانت كتابات فرج فودة قد خبت بعض الشيء وابتعدت عن الاضواء فى مرحلة ما قبل وصول الإخوان الحكم، غير أن الجميع سرعان ما توسل بها وبتحليلاتها فى أعقاب بلوغهم السلطة، وليس أدل من هذا على أهميته فى الفكر المصري المعاصر.
دور الاسيوطي.
ودعا أحمد سامر، الأمين العام لحزب الأحرار المصريين٬ الحضور بالوقوف دقيقة حدادًا على روح الكاتب المحامي حمدي الأسيوطي، والذي كرمت الجمعية اسمه، مشيدا بدور»الأسيوطي» فى الدفاع عن الحريات والرأي٬ مشددًا على: «فقدنا رجلًا مؤمنًا بما يقوم به٬ والجميع يعرف دوره فى الوقوف مع أصحاب قضايا الفكر والحريات».
كما وجه «سامر» الشكر للجمعية المصرية للتنوير: «بشكل فيه إصرار على إحياء ذكرى المفكر دكتور فرج فودة٬ رغم مرور ربع قرن وسنة على استشهاده، قبل 26 عامًا كنا قد قلنا إن دماءه ذهبت هباءً٬ لكن السنوات السبع الماضية٬ أثبتت غير ذلك٬ خاصة مع الخطوات الواسعة التي أخذها التيار العلماني٬ وزيادة الوعي به وإدراكه من قبل فئات كثيرة.وأكد الأمين العام لحزب الأحرار المصريين أن «فودة» كان عقائديًا ومؤمنًا بالإنسان٬ والحرية وإعمال العقل٬ كما أنه كان مؤمنًا إيمانًا شديدًا بمصر.
مداخلات
أما عن المداخلات كلها ركزت فى الاستفادة من مؤلفات فودة وافكاره وعدم التصالح مع من لوثوا ايديهم بدماء المفكرين والكتاب،ولا زالوا يخططون لعرقلة اى تقدم للدولة المدنية المطلوبة،بل ويستقون بالخارج،مؤكدين على خطورة الانظمة العربية الرجعية التي تدعم الاحتلال وتساند امريكا فى مخططها وهو من وجهة نظر بعض الحضور اخطر من الارهاب ونوع من انواع الرجعية..المتحدثون سردوا ذلك اليوم الذي قتل فيه فودة للتوضيح للأجيال الحالية بشاعة الموقف والحدث،فقالوا أن عقارب الساعة كان تشير إلى الساعة السادسة والنصف من مساء يوم 8 يونيو فى العام 1992، وعبد الشافى رمضان وأشرف سعيد، ينتظرون، خروج المفكر الكبير فرج فودة من مكتبه برفقة ابنه بشارع أسماء فهمي بمصر الجديدة شرق القاهرة كي يستقل سيارته عائدًا لمنزله، ثم سرعان ما تحول المشهد لدموي، إثر إطلاق المتهمين اللذين يستقلان دراجة بخارية، الرصاص الذي اخترق كبده وأمعاءه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، بينما أصيب ابنه إصابات طفيفة. واوضحوا فى مداخلاتهم أن المفكر الكبير فرج فودة، اشتهر بثقافته الواسعة وعلمه الوفير، إلا أنه كان محط أنظار الجماعات الإسلامية، حيث كانت نهايته بسبب فتواهم التكفيرية، استهلها عبدالغفار عزيز، الشيخ الأزهري الذي تولى عمادة كلية الدعوة الإسلامية بالمنوفية وعمره 41 عامًا، كأصغر عميد لكلية أزهرية، إذ أصدر بيانًا يكفر «فودة»، نشرته جريدة «النور» قبل الاغتيال بـ5 أيام فقط، ثم أصدر كتابًا بعد الحادثة، باسم «من قتل فرج فودة؟»، أورد فيه 4 اتهامات تفيد بردة المفكر، أولها رفض تطبيق الشريعة، حتى أنهى الكتاب بعبارة «فرج فودة هو من قتل فرج فودة».كما أصدرت جبهة علماء الأزهر بيانًا، بتكفير فرج فودة ووجوب قتله، خاصة عقب رفضه التحالف مع جماعة الإخوان المسلمين لخوض انتخابات مجلس الشعب فى 1984، وتأسيسه الجمعية المصرية للتنوير.
مناظرة
وبعد تكفير «فودة»، رتبت الجماعات الإسلامية، مناظرة ضمن فعاليات معرض الكتاب فى عام 1992، والتي جاءت تحت عنوان «مصر بين الدولة الدينية والدولة المدنية»، ومثل فيها الدولة المدنية: «فرج فودة ومحمد أحمد خلف الله، ومثل الدولة الدينية كل من: الدكتور محمد الغزالي العضو السابق فى الإخوان، والمستشار مأمون الهضيبي المرشد العام لجماعة الإخوان الإرهابية وقتها، وخلال المناظرة تم التحريض على فرج فوده بدرجة كبيرة، واتهامه فى دينه وأفكاره وعقيدته، وهو ما مثّل خطورة كبيرة أخرى على طريق الشحن العام ضدّ فرج فودة وأفكاره، وضد حياته أيضًا، إلى أن وقع حادث الاغتيال بعد ستّة شهور تقريبًا.وعقب مرور 7 أيام على المناظرة، وتحديدًا يوم 8 يونيو 1992، انتظر عبد الشافى أحمد رمضان، 26 عاما، وأشرف السيد صالح، 29 عاما، خروج «فودة» من مكتبه بشارع أسماء فهمي بمدينة نصر، وفور مشاهدتهما له أمطراه بالرصاص، مما أسفر عن إصابته وابنه أحمد، وصديقه وحيد رأفت زكي. 5 دقائق بالحي الهادئ كانت كفيلة بإلقاء أمين شرطة والسائق الخاص بالدكتور فرج فودة القبص على المتهم الأول، ولاذ زميله بالهرب، لكن تم ضبطه عقب 6 أشهر بتهمة محاولة اغتيال صفوت الشريف وزير الاعلام الاسبق.وحاول الأطباء إنقاذ حياة المفكر البارز طوال 6 ساعات، لكنه لفظ أنفاسه الأخيرة متأثرا بإصابات بالغة فى الكبد والأمعاء. وأحيل المتهمون إلى المحاكمة الجنائية، وخلال التحقيقات، أشار المتهم الأول، إلى أن سبب اغتياله للدكتور فرج فودة أثناء إحدى جلسات محاكمته: «لأنه كافر»، وبسؤاله «من أي من كتبه عرفت أنه كافر؟»، كانت المفاجأة بأن المتهم لم يقرأ أي كتاب لـ»فودة» من قبل، مؤكدا: «أنا لا أقرأ ولا أكتب».وأقر المتهم أنه عضو فى تنظيم الجهاد الذي كان يترأسه الدكتور عمر عبد الرحمن آنذاك، مشيرًا إلى أنه وشريكه وضعا أكثر من سيناريو لتنفيذ مخططهما، الأول باستخدام أسلحة بيضاء، والثاني حرقا بالبنزين، لكنهما استقرا على اغتيال الدكتور فرج فودة بالرصاص.

التعليقات متوقفه