لقطات: خطاب مفتوح إلى السيد الرئيس

314

سيادة الرئيس، بداية، إليكم تهنئة قلبية بمناسبة فوزكم بالولاية الثانية، وبمناسبة حلول العيد الخامس لثورة 30 يونيو. والآن، اسمح لى كمواطن مصرى أن أتفاعل مع بعض ما صرحتم به فى الأسابيع الأخيرة بخصوص الاقتصاد والسياسة، عن الاقتصاد، قلتم: إن مصر تواجه مشكلة اقتصادية كبيرة، وإن برنامج الإصلاح الاقتصادى كان حتميًّا، وإن علينا أن نقدم تضحيات وأن نتحمل ونصبر. من حيث المبدأ، طبعا كل التضحيات تهون فى سبيل الوطن المفدَّى- والنَفْسِ قبل النفيس. لكن الملاحظ الواقع أن السياسات والإجراءات التى طبقتكموها باسم الإصلاح الاقتصادى تُحَمِّل الفقراء والطبقة الوسطى عبئًا أكبر كثيرًا مما تُحَمِّل الأغنياء. صدقنى سيادة الرئيس، الفقراء والطبقة الوسطى يكابدون ويتألمون فى صبر وصمت. وعلينا أن نتحاشى اللحظة التى ينفد فيها صبرهم وينتهى صمتهم فيتحول الأمر إلى غليان يؤدى إلى انفجار- لا قَدَّرَ الله. وهذا يحتاج إلى حكمتك لضبط ميزان العدالة الاجتماعية الذى مال ميلًا شديدًا وخطيرًا.
يستفاد من مجمل كلامكم عن الاقتصاد أن الدعم هو أس البلاء. وزير المالية يصرح بأن الدعم هو سبب عجز الموازنة. ولتقليل الدعم، أعلن وزير الكهرباء عن زيادة جديدة فى الأسعار، وشركات المياه أعلنت رفع أسعارها أيضا. وزير البترول يؤكد أن دعم الطاقة سيتم التخلص منه نهائيًا خلال 2019. وزير التموين يعلن أن وزارته ستعيد هيكلة الدعم بصورة شاملة. وزيرة التضامن تصرح بأنه سيتم توسيع مظلة الحماية الاجتماعية بحيث يدخل ضمنها معاشات الضمان ومخصصات التموين، وستغطى 4 ملايين أسرة.
يُفهم من هذا أن الحكومة تنوى تحويل ما بقى من الدعم العينى، وهو قليل، إلى نقدى. وإذا كان هذا صحيحًا، فاسمح لى إن أحذر من خطأ هذه السياسة. فلا معنى لإفقار المواطنين من خلال الغلاء والضرائب بأنواعها، ثم معالجة الأمر بمد مظلة الحماية الاجتماعية التى مهما اتسعت فلن تكفى لإغاثة الملهوفين كما أثبتت التجرية.
ولماذا تركيز خبرائكم دائمًا على الدعم الذى تجمد فى 2018/2019 عند 332 مليار جنيه رغم ارتفاع الأسعار، والتغاضى عن البند الأكبر فى الموازنة؛ وهو خدمة الدين (من فوائد و أقساط) التى بلغت حوالى مرتين ونصف قيمة الدعم (817 مليار جنيه)؟ و لماذا السكوت عن دعم «صناعة» السيارات؟ فشركات تجميع السيارات فى مصر تستورد مكونات السيارات وتدفع عليها ضريبة جمركية حوالى 5% فى المتوسط، مقارنة بحوالى 40% على السيارة المستوردة تامة الصنع. لكنها تبيع السيارة المحلية بسعر يقترب من السيارة المستوردة. والفرق يذهب إلى جيوب أصحابها بدلًا من خزينة الدولة أو المستهلك. وهو دعم يقدر بعشرات المليارات بلا مردود يبرره. ولماذا يظل مسكوتا عنه.
وبمناسبة دعوتكم لكل من لديه بديل أن يتقدم به، فإننا على أتم استعداد لتقديم برنامج بديل يصب فى مصلحة الوطن والمواطن. وعلى استعداد لمناقشة تفاصيله مع من تشاؤون. ولذلك نكرر هنا دعوتنا لعقد مؤتمر وطنى للإصلاح الاقتصادى تناقش فيه كل القضايا بمشاركة الجميع.
ونأتى سيادة الرئيس إلى الوضع السياسى. قلتم إن الولاية الثانية ستشهد تنشيط الحياة السياسية و بناء الإنسان. ونساند هذا التوجه بكل قوة. لكننا حتى الآن لا نلمس مؤشرات تدل على ذلك أو خطوات تؤدى إليه. وقد طالبنا مرارًا بعقد مؤتمر تشارك فيه كل القوى الوطنية المؤمنة بالدولة المدنية الديمقراطية لمناقشة قضايا الإصلاح السياسى لإنعاش الحياة السياسية و تنشيط الأحزاب. واقترحنا تعديل قانون مجلس النواب ليأخذ بنظام القائمة النسبية بدلًا من المطلقة المغلقة، وتعديل قانون تقسيم الدوائر الانتخابية ليُضَيِّق من نطاق الدوائر ويزيد عددها. كما طالبنا بفتح ساحة الإعلام الوطنى للجميع، وتأمين درجة أعلى من حرية التعبير.
سيادة الرئيس، هناك إحساس حقيقى متزايد بأن سقف الحقوق و الحريات العامة قد انخفض كثيرًا ويحتاج إلى رفع كبير.
و أخيرًا، فإن الشباب ما زالوا هم الرقم الأصعب فى معادلة الحكم فى مصر. ومن الواضح أننا نحتاج إلى صيغة جديدة لمعالجة هذا الملف الحساس ولإدماج الشباب فى حياة المجتمع.
سؤال: ما حدث فى معسكر المنتخب القومى فى مونديال روسيا 2018 خلال الاستعداد للقاء الفريق الروسى، وأثناء المباراة هو تلطيخ لسمعة مصر. فهل ستتم محاسبة أحد؟ و من نحاسب: مدير المنتخب؟ أو المدير الفنى؟ أو اللاعبين؟ أو كل هؤلاء جميعًا؟

التعليقات متوقفه