آثار نتائج الانتخابات التركية على الداخل والخارج .. الخبير فى الشئون التركية د. محمد سيد أحمد: أردوغان يملك كل أدوات الدولة ويستطيع بالقمع وغيبة الديمقراطية تحقيق ما يريد

169

بدأ اجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية يوم الاحد، وحتي يتبين مدي قدرة حزب العدالة والتنمية علىتحقيق فوز منفرد، يشكك فيه المراقبون والمتابعون، فإن نتائج تلك الانتخابات، ستكون نتائجها أول تطبيق لتعديل الدستور التركي، لتصبح تركيا دولة رئاسية مطلقة، بديلا عن النظام البرلماني، وليحكم اردوغان مدتين رئاسيتين حتي عام 2033.
وفى الحوار التالي يستعرض الدكتور محمد سيد أحمد أستاذ الاجتماع السياسي بجامعة القاهرة وأحد المتخصصين فى الشأن التركي، أجواء تلك الانتخابات ونتائجها الداخلية والاقليمية وإلي نص الحوار:
< كيف ستسير الانتخابات التركية فى ظل الصراعات الداخلية التي خلفتها سياسية اردوغان؟
<< نحن نتحدث عن انتخابات مبكرة، دعا إليها «أردوغان»،و لا يوجد شخص يدعو للإنتخابات إلا إذا كانت كل أوراقه مرتبة ترتيبا جيدا،فى ظل غياب تام لفكرة الديمقراطية. نحن نتفق علىإن الديمقراطية المطلقة غير موجودة، حتي الغرب الذي يتباهي بالديمقراطية، فى لعبة الانتخابات بالذات يستخدم أساليب غير ديمقراطية، حتي فى الولايات المتحدة الأمريكية، كل مرشح من «الحزبين الديمقراطي والجمهوري» اللذين دائما يتنافس كل واحد منهما قبل الانتخابات جهز ادوات وأساليب كثير منها لا يمت للديمقراطية بصلة، واستخدموا كل الأدوات المشروعة وغير المشروعة.
قمع الديمقراطية
* ماذا عن المعارضة التركية؟
** استطاع «اردوغان» خلال الخمسة عشر عاما الأخيرة التي كان هو موجود فيها فى المشهد أن يكون جاهزا طوال الوقت لهذه المسألة وهو لديه مؤيدون له ولسياساته فى الداخل، ويملك أدوات الدولة، التي هي فى حد ذاتها قادرة علىخداع الجماهير والسيطرة عليهم وتهديدهم، وبذلك ستكون الانتخابات والتصويت إما بالإرادة بفضل أدواته ومؤيديه الذين يؤيدون مشروعه « النهضة»وهناك جزء من الجماهير لا مع ولا ضد، وهذه الجماهير سيحاول استقتطابها إما عن طريق إغراءات حول بعض الاصلاحات الاقتصادية أو بالوعود الانتخابية وتحسين أوضاعهم او بالتهديد والوعيد عبر الأدوات القمعية.
* هل سيلجأ إلى أساليب قمعية لتسير الانتخابات وفق مصالحه؟
** لا ننسي ان الموجود فى السلطة ويسيطر علىأدوات العملية الإنتخابية بالداخل، يستطيع أيضا فى دولة مثل تركيا لا تتمتع بديمقراطية وليس بها حقوق انسان أن يتلاعب بالانتخابات، ونحن رأينا القمع الذي حدث بعد «حدوتة الانقلاب» المفبركة و رأينا كيف تصرف وما فعله من مصادرة واغلاق للصحف وحبس صحفيين، وأساتذة جامعة وضباط فى الجيش والشرطة، فواضح أن لديه أدواته القمعية بالداخل ويستطيع استخدامها حتي فى تزوير الانتخابات، ولا ننسي أنه عندما قام بتعديل الدستور أو تغييره و أغدق علىنفسه بمزيد من الصلاحيات وحول الدولة من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، كان هناك تشكيك فى هذا التوقيت بأن الآليات الديمقراطية لن تسمح له فى دولة مثل تركيا بما يفعل و لكن اتضح أن هذا الكلام غير صحيح!
* ماذا عن دور المجتمع الدولي؟ والرقابة الدولية؟
**لا شك أن القوي الدولية تلعب دورا مهما فالإعلام الصهيوني أو الإعلام الغربي الذي يسيطر عليه اللوبي الصهيوني من الممكن ان يبيض صفحة أي شخص أو يسودها وفق أهدافه ومصالحه، هذا الإعلام ليس ضد «أردوغان» لإنه حليف استراتيجي دائم له، رغم أنه أحيانا يراوغ لكنه فى النهاية يظل حليفا استراتيجيا للولايات الأمريكية وللوبي الصهيوني.
قدرة واسعة علىالمناصرة
* ما نوع التحالف التركي الأمريكى وهل من الممكن ان يخدم «أردوغان»؟
** هو يعمل فى خدمة المشروع «الأمريكي الصهيوني» وبالتالي القوي الدولية الكبيرة ليست ضده، وبناء عليه لن تقف ضده، ولابد من أن نسأل سؤالا مهما وهو إذا كان الإنقلاب المزعوم كان انقلابا حقيقيا فمن الذي ساعده علىقمعه؟ بالطبع الولايات المتحدة الأمريكية لأن الطائرات التي قامت بتوجيه ضربات، واستطاعت أن تسيطر علىالموقف خرجت من القواعد الأمريكية الموجودة علىالأرض فى تركيا. فالمشهد قد يبدو ضبابا للمراقب من بعيد، ولكن من يحلل المعطيات سيعلم كيف تدار الأمور بالداخل التركي، و»أردوغان» لا يمكنه أن يقدم علىطرح فكرة الانتخابات المبكرة إلا إذا كانت لديه ضمانات كافية والمسألة مرتبة بشكل جيد، وبغض النظر عن عدائنا «لأردوغان» أو رؤيتنا لسياساته إلا إن وضعه مختلف فى الداخل التركي كما أن وضع الدولة التركية مختلف، وهو لديه سيطرة كاملة بالداخل بشكل جيد وهذه حقيقة.
الواقع التركي مختلف وبه خريطة تحالفات مثلما استطاعت سوريا عمل خريطة تحالفات قوية مع روسيا والصين وايران ومع دول مهمة فى المنطقة، يمكن القول ان اردوغان يستطيع عمل تحالفات قوية ولديه قدرة علىالمناورة.
الورقة الكردية
* هل فرص فوزه كبيرة إلى هذه الدرجة ؟
** نحن علىخلاف معه، ولسنا مع مشروعه أصلا ولكن فى نفس الوقت لابد ان نتعامل بمنطق ومن واقع أن الانتخابات يمكن فى دولة مثل تركيا ان يتم تزويرها سواء بطرق مباشرة او غير مباشرة.الصورة واضحة وليست ضبابية كما يعتقد البعض، ولا نستطيع أن نقول إن فرصه ضعيفة بل العكس.
* أليست ورقة الأكراد محسوبة علىضعفه لا قوته؟
** «أردوغان» لديه أكثر من أزمة حدودية، لكن الأزمة الأكبر بالنسبة له هي أزمة الأكراد، خاصة إن هذه الأزمة ورقة تلعب بها أمريكا فى كثير من الأحيان وهذا هو أحد أسباب خلافاته مع أمريكا بل قد يكون السبب الأوحد. فالأكراد الموجودون فى العالم تقريبا النسبة الأكبر منهم 56% فى تركيا وحوالي 25% أو 28% فى إيران وحوالي 12% فى العراق وحوالي 8% فى سوريا. فدعوة أكراد العراق للانفصال تثير غضبه، فلقد شارك فى احتلال الشمال السوري لتأديب «الأكراد» أو إجهاض مشروع و حلم الانفصال لأن حلم الانفصال معناه انه ستكون لديه مشكلة فى الداخل التركي حيث سيستقطع جزءا من المجتمع وهذا سيسبب له أزمة داخلية، ولذلك فهو يحارب فى الخارج سواء سوريا أو العراق مضطر، دفاعا عن مشروعه لإنه ضد فكرة تقسيم وتفتيت «تركيا» ونحن نتحدث عن عدد لا يستهان به من حجم المجتمع التركي من الأكراد هذه مشكلة.
الهاجس الأكبر
* ما جدوى التهديد بضرب العراق؟
**التهديد الهدف منه ردع «أكراد» العراق وعدم تفكيرهم فى «دولة انفصالية» ولكنه ليس لديه أطماع فى العراق وليس لديه أطماع حقيقية فى احتلال جزء من سوريا، الهاجس الكردي هو الهاجس الأكبر بالنسبة له لأن النسية الأكبر من الأكراد فى العالم موجودة فى داخل تركيا، وهم مكون أساسي من مكونات المجتمع التركي، وإذا نجحوا فى العراق وسوريا من الممكن أن ينجحوا فى تركيا هذا هو الكابوس بالنسبة له.
* لماذا لا تحل له أمريكا هذه المشكلة؟
** مصلحة الولايات المتحدة أن يكون لديها ورق ضغط علىكل دول المنطقة بما فيها تركيا. والورقة الكردية هي إحدى الأوراق التي تضغط بها على«أردوغان» وعلي تركيا، وهذا يفسر مشهد رؤية «أردوغان» الذي يسير محتضنا أمريكا ويأخذ منها التعليمات علىطول الخط فيأتي عند المسألة الكردية ويختلف معها. فمثلا جيش سوريا الديمقراطي»الأكراد» الذي يعمل فى الشمال السوري والمدعوم من أمريكا، فرغم أن «أردوغان» حليف أمريكا فإنه دخل وضرب هذا الجيش لأنه ضد مصلحته السياسية هذه مصالح دول.
* هل سيؤثر تدخله فى الشئون النمساوية علىمسار الانتخابات؟
** لابد أن نتأمل التوجه الحقيقي «لأردوغان» فهو رجل يدخل فى اطار التنظيم الدولي للإخوان المسلمين أو الحركة الاسلامية العالمية. و يحلم بعودة الخلافة العثمانية التي انهارت فى مطلع القرن العشرين علىيد المشروع الإستعماري الغربي، ويحلم أيضا أن يكون هو خليفة، كما أن أمريكا وعدته بتحقيق حلمه هذا فى إطار الربيع العربي.هذه الفكرة تسيطر عليه، و هو مؤمن بفكرة نشر الدعوة ومحاولة التمدد حتي فى أوروبا، إذا اتيحت له الفرصة، وكما نعرف أن حركة الإخوان قوية جدا فى أوروبا، ومدعومة سواء فى انجلترا أو المانيا ولهم وجود حقيقي لدرجة ان «يوسف ندا» الرجل الأول فى إدارة أموال الإخوان كان يقيم فى ألمانيا، ولهم تجمعات حول العالم وبالتالى «اردوغان» ليس مفصولا عن هذا المشروع فكونه يدعم الإسلام السياسي فى النمسا او فى بعض الدول الاوروبية فهذا ليس بجديد.ولن يؤثر علىمسار الإنتخابات فى الداخل.

التعليقات متوقفه