ضد التيار: حى على بلدنا

252

أسعدنى القرار الذى اتخذته وزيرة الثقافة الفنانة الدكتورة إيناس عبد الدايم، بإتاحة الفرصة للعرض الغنائى الشعرى الجميل «حى على بلدنا» لكى يجوب مختلف المحافظات، ليعرض بالمجان، كما كان يعرض فى القاهرة، وحتى يذهب المسرح، بقوة تأثيره وفاعليته إلى مستحقيه ومفتقديه فى كل مكان، على أرض مصر.
والعرض الذى تم تقديمه على خشبة المسرح القومي، طوال شهر رمضان، وأعيد تقديمه السبت الماضى احتفالاً بأعياد ثورة الثلاثين من يونيو، هو جزء من سلسلة من الأمسيات الدرامية الغنائية تم عرضها فى السنوات الماضية، وتستمد ألقها من أشعار «فؤاد حداد» تلك التى هام بها دوماً بحماس لا يفتر، وعزيمة لا تتزعزع عاشق المسرح المحترف الهاوى المخرج «أحمد إسماعيل».
العرض أعده بمهارة وإتقان «أمين حداد» حيث نجح فى اختيار توليفة من قصائد فؤاد حداد، التى تعد كل واحدة منها لوحة درامية تحكى الحكاية المصرية من المبتدأ إلى المنتهي، بقصائد ساخرة شديدة الجرأة والجمال والبساطة، تٌسائل منظومة القيم السائدة وترفض تخلفها وانتهازيتها ونفاقها الاجتماعي، ثم تلقى برسائلها العميقة ليتلقفها باستجابة فورية جمهور متعطش للفرح والسعادة وتذوق الجمال. والرسائل لا يحملها فقط المسحراتي، «بهلول» فؤاد حداد، بل كذلك من يلعب الطاولة مع السلطان، ومن يؤكد لك أن الأرض بتتكلم عربى ومن حطين رد على قدس فلسطين، ومن يشير إليك بأن فى كل حى ولد عترة وصبية حنان.
اختيارات ذكية لقصائد تستلهم أفكارها الحية الطازجة من الموروث الشعبى الذى لا ينضب، وتنطوى فضلا عن حكاياتها المرحة على رموز اجتماعية ومعان سياسية تتسم بالعمق، وتحث على مقاومة كل أشكال الظلم، والتصدى لألوان القبح، والهيافة، ويظن المشاهد أنه قادر على أن يكتب مثلها من فرط بساطتها وسحرها.
اتسمت الأمسية بالرشاقة، وسرعة الإيقاع، وساهم فى ذلك نخبة مختارة من فنانين كبار، يتميزون بالأداء الصادق وبالحضور الأخاذ على خشبة المسرح وبخفة الظل بينهم أشرف عبدالغفور، ومفيد عاشور، وعهدى صادق، رحاب رسمي، فضلا عن صوتين شجيين جميلين هما المطربان، محمد عزت ونهال خالد.
ولعبت ألحان سيد مكاوى وإبر اهيم رجب ود. عبد العظيم عويضة، ووجيه عزيز التى عزفتها الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو صابر عبد الستار، وملابس ناجى شاكر، دوراً مهماً فى التجاوب التلقائى اليومى للجمهور مع خشبة المسرح.
كان جمهور المشاهدين بطلا، بإقباله على هذه الأمسية الجميلة بما يؤكد، أن الجمال بعد غيبته الطويلة بات مطلباً، وأن الجمهور أصبح «عايز كده».

التعليقات متوقفه