دولة الابارتهيد الصهيونية وحقوق الشعب الفلسطينى المشروعة

119

منذ المؤتمر الصهيونية الأول فى بازل بسويسرا فى العام 1897 بين أبناء الشعب العربي الفلسطيني خصوصا والأمة العربية عموما من جهة، وبين المشروع الكولونيالي الصهيوني، ولاحقا مع ركيزته الإستعمارية دولة إسرائيل من جهة أخرى، التي قامت على أنقاض نكبة الأرض والشعب والتاريخ والتراث الفلسطيني العربي فى مايو 1948، ونجم عنها تشريد وطرد حوالي مليون فلسطيني من وطنهم الأم، كانت الحرب تدور رحاها فى كل حقول وميادين الحياة، على الرواية والهوية، والتراث والتاريخ والأرض والمستقبل، ولم تترك القيادات الإسرائيلية المتعاقبة شاردة أو واردة فى الشخصية الوطنية الفلسطينية إلا وسعت لإيجاد حوامل كاذبة ومزورة لها لتضليل الذات والآخر بوجود صلة لليهود فى فلسطين، ولنفى الصورة الأصل لصاحب الأرض والهوية المتعامدة مع حقب التاريخ الطويل منذ الإنسان الأول قبل عشرة آلاف عام، وبهدف تطويع الواقع المفتعل لمشيئة روايتها المصطنعة والمفبركة، ورغم أن النظام الأساسي للدولة الإستعمارية ( لم ترغب القيادات الصهيونية سن دستور لدولتهم الوليدة وحتى الآن، لأنها شاءت إبقاء ملامح هويتها فى حالة من الضبابية والغموض، كما أنها لم تحدد حدودها، ولا حتى طبيعة نظامها السياسي، ولهذا بعدان داخلي وخارجي ) حدد أن دولة إسرائيل هي دولة « اليهود « وأقر لهم بـ «حق العودة « لـ «أرض الميعاد» وحرم اللاجئين الفلسطينيين من ذلك، رغم صدور القرار الدولي 194 المتعلق بحقهم فى العودة لديارهم، التي شردوا منها، بالإضافة إلى أن القرار ربط بين اعتراف الأمم المتحدة بدولة إسرائيل شرط ضمان حق العودة لهم.
مع ذلك لم تتمكن إسرائيل من إقرار قانون «القومية» خلال السبعين عاماً من وجودها، لاعتبارين: الأول عدم تمكن القوى الصهيونية من الإتفاق على صيغة القانون، ثانيا الشرط الموضوعي لم يكن ناضجا ومهيئا، لكنها فجر الخميس الموافق التاسع عشر من يوليو الحالي صادقت بالقراءتين الثانية والثالثة على قانون «القومية» الذي أزال آخر أوراق التوت عن الوجه العنصري القبيح لدولة التطهير العرقي الإسرائيلية، وأكد بما لا يدع مجالا للشك، بأن دولة إسرائيل، هي دولة دينية ( ثيوقراطية )، لا ديمقراطية، وكل ما تعنت به خلال العقود السبعة الماضية، بأنها «واحة الديمقراطية» فى الشرق الأوسط، ليست سوى كذبة كبيرة، لا تمت للحقيقة بصلة، كما أن القانون رسخ العنصرية اليهودية الصهيونية، التي حاول القادة الاستعماريون طيلة العقود الماضية، التي تجاوزت 122 عاما اصطناع «عرق» يهودي خالص لإضفاء الطابع «القومي» على نزوعهم الاستعماري، وهو ما يتناقض وكل علوم الانثربولوجيا، ولا يستقيم مع نشوء وتطور الأمم القومية فى عصر النهضة الأوروبية، وما تلاها، أضف إلى أن القانون الاستعماري الجديد القديم، سمح لليهود الصهاينة بإستيطان أرض فلسطين التاريخية، وليس جزءا منها، بتأكيده على أن «إسرائيل» هي «الوطن القومي لليهود» وهو ما يعني نفى الرواية الفلسطينية ونفى حق العودة للاجئين الفلسطينيين، والسماح لقادة إسرائيل الاستعمارية باللجوء لسياسة التطهير العرقي وسياسة الترانسفير وعلى الملأ لاحقا، والسماح لليهود الصهاينة ببناء بلدات خاصة بهم، ودون غيرهم من سكان وحملة الجنسية الإسرائيلية وبالتحديد الفلسطينيين العرب، وضع القانون الفلسطينيين العرب فى مرتبة ودرجة متدنية من اليهود الصهاينة، كما أنه ألغى مكانة اللغة العربية، فبعد أن كانت اللغة الرسمية الثانية فى إسرائيل، أمسى لها مكان خاص، مازال غامضاً، وستقرره لاحقا، والأهم أن القانون ضرب بعرض الحائط كل خيار السلام والتسوية السياسية من جذورها، وهذا التطور الخطير فى المنظومة السياسية والقانونية الإسرائيلية، لم يكن له أن يمر إلا فى ظل التحول العالمي المريب، الذي تقوده إدارة ترامب من خلال تبنيها صفقة القرن المشؤومة، فضلا عن تساوق وتراخي النظام السياسي العربي الذي يركض فى متاهة التطبيع المجاني مع دولة الاستعمار الإسرائيلية ورغم كل ما تقوم به دولة إسرائيل المارقة والخارجة على القانون من إنتاج مفاهيم وقوانين وممارسات استعمارية وعنصرية فاشية، فإنها لن تتمكن من تمرير ما تشاء، ولو وقفت كل الدنيا خلفها، لإن إرادة الشعب العربي الفلسطيني الشقيق أقوى من كل الجلادين ومشاريعهم الإستعمارية، وكون قيادته الشرعية تقف بصلابة وشجاعة نادرة فى التصدي لكل المخططات الإستعمارية وعلى رأسها صفقة القرن الترامبية وقانون «القومية» المزيف، وأيضا بوقوف كل الأحرار من الأشقاء العرب، وكل أنصار السلام فى العالم إلى جانب حقوق الشعب الفلسطيني الذي تحميه الشرعية الدولية.

عاطف المغاورى

التعليقات متوقفه