لقطات: الصندوق السيادى: الباب الملكى للخصخصة؟

338

بدون سابق إنذار، ننام و نستيقظ فنكتشف أن الحكومة اتخذت قرارا أو أن البرلمان قرر قانونا، و لا يكون أمام عامة الناس إلا أن تضرب أخماسا فى أسداس. فتنتشر الشائعات! حدث ذلك أيام السادات فى موضوع زيارة القدس. و حدث أيام مبارك فى موضوع بيع الغاز لإسرائيل. و حدث منذ حوالى عام فى موضوع تيران و صنافير. ومؤخرا تكرر نفس الشئ، عندما أصدر البرلمان منذ أيام قانونا بإنشاء صندوق سيادى يفتح الباب للخصخصة و تبديد أموال الشعب اسمه صندوق مصر. الطريف أن أول جملة فى القانون هى «باسم الشعب»، لكن الشعب آخر من يعلم! فما هى حقيقة هذا الصندوق؟ و من الذى يملك مفتاحه؟ و هل سيحقق بالفعل الهدف الذى سيُنشَأ من أجله و هو المساهمة فى التنمية الاقتصادية المستدامة؟ استندنا إلى نصوص قانون إنشاء الصندوق طبقا لما جاء فى موقع «اليوم السابع».
و قبل الدخول فى التفاصيل نوضح ما هو «الصندوق السيادى». إنه اختصار لتعبير «صندوق الثروة السيادية». و الأصل فى الصندوق السيادى للدولة أنه محفظة تضم جزءا من الاحتياطيات الدولية لدى البنك المركزى للدولة، بالإضافة إلى حصة من عائدات تصدير الموارد الطبيعية تجنب لمصلحة الأجيال القادمة. و قد ظهر الصندوق السيادى تاريخيا فى الدول ذات الفائض، فى حين أن مصر دولة عجز. و لذلك تتكون موارد صندوق مصر (مادة 9): من رأسماله؛ و من العائد من استثمار أمواله واستغلال أصوله؛ و من القروض والتسهيلات وحصيلة إصدارات السندات والأدوات المالية االتى يطرحها؛ و من الموارد الأخرى التى يقرها مجلس الإدارة. و يضاف إلى ذلك ما يقرر رئيس الجمهورية نقل ملكيته إلى الصندوق (أو أى من الصناديق التي يؤسسها والمملوكة له بالكامل) من الأصول المستغلة أو غير المستغلة المملوكة ملكية خاصة للدولة أو لأى من الجهات أو الشركات التابعة لها. (مادة 5)
ما هى أوجه نشاط الصندوق؟ له القيام بكل الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية بما فى ذلك: (1) المساهمة بمفرده أو مع الغير فى تأسيس الشركات أو فى زيادة رؤوس أموالها؛ (2) الاستثمار فى الأوراق المالية المقيدة بأسواق الأوراق المالية وغير المقيدة بها وأدوات الدين وغيرها من الأوراق المالية داخل جمهورية مصر العربية أو خارجها؛ (3) الاقتراض والحصول على التسهيلات الائتمانية وإصدار السندات وصكوك التمويل وغيرها من أدوات الدين؛ (4) شراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال الأصول الثابتة والمنقولة والانتفاع بها؛ (5) إقراض أو ضمان صناديق الاستثمار والشركات التابعة التى يملكها أو يساهم فيها مع الغير. ويحدد مجلس إدارة الصندوق صلاحيات الاستثمار والتعاقد والإقراض والاقتراض والإنفاق فى ضوء الضوابط والحدود الواردة بالنظام الأساسى ، بما يحقق أغراض الصندوق. (مادة 7)
وطبقا للقانون (مادة 8)، يكون التصرف فى الأصول المملوكة للصندوق أو الصناديق المملوكة له بالكامل بإحدى الصور الآتية: البيع، أو التأجير المنتهى بالتملك، أو الترخيص بالانتفاع، أو المشاركة كحصة عينية. وهذا أمر خطير قد يجعل من صندوق مصر السيادى الباب الملكى للخصخصة و تبديد أموال الشعب بعيدا عن رقابة البرلمان كممثل للشعب. بل إن هذا النص يعطى للصندوق سلطة مطلقة بعيدا عن أى رقابة. كما أن المادة 14 تجعل الصندوق والصناديق الفرعية والشركات التى يؤسسها الصندوق أو يشارك فى تأسيسها من أشخاص القانون الخاص أيًا كانت نسبة مساهمة الدولة أو القطاع العام أو قطاع الأعمال العام فيها، ولا يتقيد أى منها بالقواعد والنظم الحكومية. كما أن المواد 15 و 17 و 18 تعطى مجلس الإدارة الذى أغلبيته من الخبراء سلطة بلا مسئولية فى مواجهة الجمعية العمومية. و الغريب أن أغلبية أعضاء الجمعية العمومية من الخبراء فى حين أن ممثلى أصحاب المال (الدولة المصرية) أقلية! و تنحصر مهمتها فى مناقشة و اعتماد ما يعرضه عليها مجلس الإدارة. ألا يذكرنا هذا بصندوق الدين الذى أنشئ فى عهد الخديوى إسماعيل للإشراف على مالية مصر؟ أطرح سؤالا على خبراء القانون: هل هذا القانون يتعارض مع الدستور؟ .
رجاء إلى السيد الرئيس : في حدود علمي فإن سيادتكم لم توقعوا هذا القانون لإصداره حتى الآن ، ولذلك أرجو من سيادتكم إعادته إلى مجلس النواب ، لينظر فيه من جديد ، فالقانون به جوانب قد تضر المصلحة الوطنية والأمن القومي للبلاد ، وبالتالي فهو يحتاج إلى مناقشة مجتمعية قبل إصداره .

التعليقات متوقفه