فى اليوم القومى للسكان.. كيف تستثمر الدولة الزيادة السكانية فى عملية التنمية؟

308

فالمجلس فى حالة من الفوضى، بعد تكرار غياب العاملين بالمجلس وعدم التزامهم بالمواعيد الرسمية للعمل، وعدم وجود رئيس أو مقرر للقومي للسكان أصبح الوضع السائد خلال الـ 60 يوما الماضيين بعد تولى وزيرة الصحة الجديدة، وعلي الرغم من تردد الأنباء عن تولي الدكتورة غادة نصر، أستاذة الصحة العامة بقصر العيني، منصب مقرر المجلس القومي للسكان، إلا أنه حتى الآن لم يصدر قرارا رسميا، فالوزيرة لم تقرر بعد، تعيين شخص فى المنصب، خاصة أنها حتى اليوم لم تقم بزيارة مقر المجلس القومي للسكان. ولذلك فتحت “ الأهالي “ ملف القضية السكانية وتأثيرها على المجتمع ككل وخاصة خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، خاصة أن قطاع تنظيم الصحة والسكان، بقيادة الدكتورة سحر السنباطي، يستعد لخفض معدل الإنجاب من 3.5% إلى 2.4% بتوفير وسائل تنظيم الأسرة ورفع معدل الاستخدام من 58.5% إلى 60% على الأقل، وذلك فى إطار توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى، بالاهتمام بالملف السكاني، والمشاركة الفاعلة بين الحكومة والمجتمع المدني والجمعيات الأهلية.
الصحة الإنجابية
وشددت الدكتورة مايسة شوقي، نائب وزير الصحة للسكان سابقا وأستاذ الصحة العامة والطب الوقائي بجامعة القاهرة، على ضرورة توفير وإتاحة وسائل وخدمات تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية للسيدات والرجال على حد سواء، مبينة أنه أصبح من الحقوق الأساسية أن تكون الأسرة قادرة على الحصول على تنظيم أسرة آمن وفعال، ويجب أن يكون أيضا اختياريا يعتمد على المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة من ذلك، مع دعم مبدأ المباعدة بين الحمل والتالي، وحق الزوجين فى تقرير عدد أولادهم، لأن الدستور يكفل للأسرة طواعية قرار الإنجاب.
وأضافت أنه وفقا لصندوق الأمم المتحدة، هناك نحو 225 مليون امرأة من النساء حول العالم،واللاتي يرغبن فى تجنب الحمل لا يستعملن وسائل تنظيم الأسرة المأمونة والفعالة، لأسباب منها عدم الوصول إلى المعلومات أو الخدمات، ونقص الدعم من شركائهن أو مجتمعاتهن المحلية.
وتابعت أن الحاجة غير المتوفرة، تم رصدها فى البحث الديموجرافى 2014، وبلغت 12.6% من إجمالي السيدات فى مرحلة الخصوبة، وبإجمالي 2 مليون سيدة، وتعتبر محافظات الوجه القبلي من أعلي النسب للحاجة غير المتوفرة، وتتصدرها سوهاج بـ 25.9%، وقنا بـ 20.2%، وأسيوط بـ 18.8%، والمنيا بـ 17.2%، ومن هنا تأتي أهمية التغطية بالخدمة والتخطيط لاستدامته.
وأكدت أن وزارة الصحة والسكان تستهدف كل السيدات، ولكنها تصل إلى 60% منهن فقط، وبالتالي فإن دراسة توفر وسائل تنظيم الأسرة والخدمة وأسعارهما فى القطاع الخاص ضرورية، بالإضافة إلى ضرورة إعداد برامج توعوية عن أن تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية للرجال هي تدخلات ضرورية وعاجلة. وأوضحت أن المؤتمرات الوطنية للشباب، أتاحت فرصة رائعة لتواصل الشباب مع الرئيس عبد الفتاح السيسى، ولفتت أنظار العالم إلى نموذج متفرد يتواصل فيه رئيس الجمهورية مع الشباب مباشرة، ويخطط معهم وبهم كقوة فارقة لصناعة مستقبل أفضل لمصر. وأشارت إلى أن المؤتمر السادس الذي اهتم ببناء الإنسان، يدعم الإستراتيجية القومية للسكان، فالتعليم والصحة من أهم المحاور التي نعمل عليها والمرجو منهما صحة أفضل للمواطن، بحيث يستطيع أن يحقق أهدافا تعليمية بقوة، ويصبح قادرا على العمل والإنتاج والابتكار، وأثنت على الجهود المبذولة فى اقتصاد المعرفة لأنها بمثابة قفزة تكنولوجية داعمة للاقتصاد المصري على كل المستويات، بداية من المشاريع متناهية الصغر و وصولا إلى المشاريع العملاقة.
معدل الإنجاب
وقالت الدكتورة سحر السنباطي، رئيس قطاع تنظيم الأسرة بوزارة الصحة والسكان، أن تنظيم الأسرة حق له حرية وشروط، فهو سلوك متحضر للرقي ببلدنا، يهدف منح حق اختيار الوقت الأمثل لإنجاب الأطفال من قبل الزوجين، واختيار أوقات البعد والاكتفاء بعدد معين من الأطفال، وناشدت وسائل الإعلام بتعريف الجمهور بمفهوم “تنظيم الأسرة” لكل أم وزوجة، مشيدة بدور الرائدات الريفيات المهم فى توعية الأسر فى أماكن إقاماتها.
وأوضحت أن مشكلة الزيادة السكانية، خطر داهم يعيق خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويلتهم كل ما يتحقق من انجازات تشيد بها دول العالم، وهي بداية انطلاقة لخطة قومية للسكان، تتبنى مفهوم تحقيق التنمية الشاملة للمواطن المصري، بتحسين الخصائص السكانية، بجانب تقديم خدمات تنظيم الأسرة وتوفير الوسائل بكل أنواعها.
وأضافت أن الوزارة أطلقت عددا من المبادرات، تساهم فى تحسين الخصائص السكانية ومؤشرات تنظيم الأسرة، وتدعم الخطة للتنسيق بين الوزارات والجهات المعنية والقطاعات المختلفة فى وزارة الصحة، من أجل تكامل الخدمات الصحية مع خدمات تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية، بهدف ضبط النمو السكاني. وتابعت أن القطاع يهدف خلال العام المالي الجاري، إلى زيادة أعداد الحاصلات على الوسائل، من خلال تنفيذ الأنشطة السنوية المخططة للمساهمة فى تحقيق الأهداف الإستراتيجية للخطة القومية للسكان حتى عام 2020، وإتاحة الخدمات والوسائل، والتسويق لتنظيم الأسرة، والشراكات مع الجهات، والعمل باستراتيجيات تضمن استمرارية توفير الخدمات وجودتها، وتطوير دور الرائدات الريفيات، وتوصيل خدمات تنظيم الأسرة إلى المجتمعات المحرومة والمناطق العشوائية. وبالرجوع إلى مؤشرات المسح السكاني الصحي 2014 فأشارت إلى أن 59% من السيدات المتزوجات حاليا لا يرغبن فى إنجاب مزيد من الأطفال، وأن معدل الإنجاب المرغوب فيه بلغ 2.8 مولود لكل سيدة، بينما كان معدل الإنجاب الكلى 3.5 طفل لكل سيدة، لذا فإذا أمكن تجنب المواليد غير المرغوب فيهم، فإن معدل الإنجاب الكلى فى مصر سيقل بمقدار 20%.
أسباب الزيادة
كما أكد الدكتور عمرو حسن، أستاذ مساعد النساء والتوليد بالقصر العيني ومؤسس حملة أنتي الأهم، على أن الزيادة السكانية تؤثر سلبا على المجتمع، حيث أن الدولة غير قادرة على توفير ما يتناسب مع تلك الزيادة من بنية تحتية ومدارس ومستشفيات ووحدات سكنية وغيرها، وأرجع أحد أهم أسباب الزيادة إلى زواج القاصرات، حيث تبدأ الفتاة فى الإنجاب فى سن مبكرة للغاية، حتى أن بعضهن يكن لديهن 3 و 4 أولاد قبل أن يصلن لسن العشرين عاما، مما يعرضهن للشيخوخة المبكرة، ويتسبب فى حدوث ولادات متكررة ومبكرة تضفى الشيخوخة على الفتيات، رغم أن سنهن صغير، ما يسبب وفيات كثيرة، بسبب هذا الزواج وكثرة الإنجاب.
الأكثر فقرا
أما الدكتور عمرو عثمان، مساعد وزيرة التضامن الاجتماعي والمشرف العام على مشروع “أتنين كفاية”، فأكد أن “تكافل وكرامة” من أهم البرامج التي يتم الاتصال المباشر مع السيدات من خلاله، وتوعيتهن بالقضية السكانية، حيث تم إدراج 10 محافظات ضمن برنامج تكافل، وهي من بين الأكثر فقرا مع خصوبة الإنجاب، وتوجد معلومات تفصيلية عن هؤلاء السيدات اللائي يستهدفهن البرنامج التكافلي
وأضاف أن المشروع يستهدف 1.148 مليون سيدة، وهناك مبادرة “طرق الأبواب” بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة وتجهيز العيادات بالجمعيات الأهلية، مشيرا إلى أن تقدم 250 مشروعا من 250 جمعية أهلية للوزارة للاختيار من بينهم، وبالفعل تم اختيار 100 مشروع من بينها، لتفعيل دور الاتصال المباشر مع الأهالي، وتجهيز 70 عيادة تنظيم الأسرة وتوفير كامل الخدمات بها.
ومن جانبها قالت غادة فاروق، رئيس جمعية المستقبل للإعلام والتنمية والنهوض بالمرأة، أن الجمعية تهدف لمحاربة الظواهر السلبية فى المجتمع المصري، بشكل يصل بنا فى النهاية إلى المجتمع المثالي، وذلك من خلال الإعلام، فهو التوعية والتثقيف، ونافذة كل بيت مصري إلى العالم، وهو الذي يشكل الرأي العام بكل فئاته وطبقاته.
وأضافت أن اجتياز أزمة الزيادة السكانية، طريق صعب، يعتمد على تغيير ثقافات وعادات وتقاليد مصرية موروثة منذ آلاف السنين، خاصة أن هناك مفاهيم كثيرة خاطئة يجب أن تصحح، فإنجاب الفتيات ليس عارا، وكثرة الإنجاب يجب ألا تكون لمجرد أن يعمل الأولاد ليساندوا رب الأسرة، فيجب ألا يكونوا عالة على المجتمع، ولكن نواة صالحة فيه، قادرة على قيادته إلى المستقبل، فنحن حماية الوطن، كما هو حماية لنا، آملين الوصول به إلى بر الأمان.
التحدي الكبير
كما أكدت الدكتورة إليزابيث شاكر، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، على التحدي الكبير فى القضية السكانية الذي يواجه الدولة والتنمية، ويواجهها البرلمان والمؤسسات الدينية مع الدولة، بينما لم تحقق الدولة تقدما ملموسا فى الملف، بسبب الاكتفاء بإدارة الملف من قبل وزارة الصحة والسكان، رغم أن القضية معني بها جميع مؤسسات، موضحة أن الرئيس عبد الفتاح السيسى أكد خلال حلف اليمين الدستورية فى البرلمان، أن الإنسان هو الكنز الحقيقي للدولة، وأن بناءه هو أساس خطة الرئاسة، حيث يتعذر خلق إنسان سوي فى ظل هذا التكدس والازدحام. وقالت إن السبب الرئيسي للزيادة السكانية هو الجهل وزواج القاصرات، ولذلك تم إعداد مشروع قانون لفرض عقوبات على زواج القاصرات، ومن يساعده، أو يزوج قاصرا، ويجب مواجهة ذلك بالتعليم والتوعية والتثقيف.
مخاطر
وقالت الدكتورة هناء حسين، عضو لجنة الصحة بالمجلس القومي للمرأة، وكيل وزارة الصحة للإعلام الصحي والسكاني سابقا، إن دور المرأة مهم ومؤثر فى قضية التنمية، والسياسات الإستراتيجية، وتحسين الخصائص السكانية، ومخاطر الزيادة السكانية ليست مرتبطة بالبعد الاقتصادي فقط، وإنما هناك ارتباط وثيق بينها وبين صحة الأم والأفراد، فرص العمل، التعليم، المسكن الملائم، نصيب الفرد من المياه، التلوث البيئي، وجودة الحياة.
وشددت على أهمية الإعلام ودوره التوعوي فى القضية السكانية، وضرورة استخدامه بفعالية، وإعداد رسائل جديدة متطورة قصيرة وواضحة ومناسبة، لتشمل الأنماط المختلفة من المواطنين، لتبنى مفهوم الأسرة الصغيرة، وتعبئة الرأي العام تجاه القضية السكانية، وتدريب الإعلاميين لرفع كفاءة الوعي السكاني لديهم، والقضاء على الأمية، وتشجيع استخدام على وسائل تنظيم الأسرة، والتوسع فى برامج الصحة الإنجابية، وإشراك الشباب والمراهقين فى القضية السكانية.
يذكر أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أعلن أن عدد سكان العالم بلغ 7.5 مليار نسمة يوم 15 يوليو عام 2017 “ وفقا لتقديرات المكتب المرجعي للسكان بواشنطن “، منهم 1.3 مليار يعيشون فى الدول الأكثر تقدما، و 6.3 مليار يعيشون فى الدول الأقل تقدما، حيث يعيش 54% من سكان العالم فى مناطق حضــرية، مشيرا إلى انه من المتوقع أن يبلغ عدد ســكان العالم 9.9 مليار نسمة بحلول عام 2050.
وأضاف أن معدل الزيادة الطبيعية، بلغ على مستوى العالم 1.2 % عام 2017، ويتجه المعدل فى معظم الدول الأكثر تقدما إلى الانخفاض، حيث لا تتجاوز هذه النسبة 0.1% فى بعض تلك الدول، بينما يرتفع فى أكثر دول العالم فقرا، ليصل إلى 0.52%، لذلك تزداد الفجوة بين الدول الأكثر تقدما والدول الفقيرة فى مجال الصحة وخصائص السكان.

التعليقات متوقفه