ضد التيار: مشاجرات البرلمان

157

لم يكن الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب فى حاجة للبحث فى لوائح وتقاليد برلمانات خارجية للتعرف على نوع العقوبات التى تتخذها للخارجين على لوائحها كما نقلت الصحف عنه،بعد المشادة التى جرت بينه وبين النائب هيثم الحريرى عضو تكتل 25-30 منذ أيام،أثناء جلسة مناقشة مشروع الهيئة الوطنية للانتخابات المقدم من الحكومة وبعض النواب، والتى انتهت بتصويت النواب بالموافقة على إحالة النائب إلى لجنة القيم، وتاريخ البرلمان المصرى حافل بالعبر والوقائع المماثلة التى يمكن الرجوع إليها والاقتداء بها إذا لزم الأمر.ولم تكن المشادة بين النائب الحريرى ورئيس مجلس النواب هى الأولى منذ بدأ البرلمان عمله قبل نحو ثلاث سنوات،ولعلها لن تكون الأخيرة إذا لم يحشد البرلمان قواه الخشنة لإسقاط العضوية عنه فى الدور البرلمانى القادم،لاسيما وأن المتطوعين لإحماء النار وشعللتها من النواب أنفسهم،بمد لجنة القيم بوقائع إدانة جديدة ضد الحريرى،كقبوله للحديث مع قناة فضائية إخوانية، أكثر من الهم على القلب. ووفقا لما نشرته الصحف، فقد غضب الدكتورعلى عبد العال لأن النائب الحريرى وصفه بأنه يخل باللائحة، وحين سأله ثلاث مرات «هل أنا أخل باللائحة» تمسك النائب برأيه، ومع أن التقاليد البرلمانية تمنح للنائب فى هذه الحالة الحق فى كلمة يوضح من خلالها موطن الخروج على اللائحة، فقد استفزت الكلمة رئيس مجلس النواب، وانتهى الأمر باحالة النائب للجنة القيم استنادا إلى عدد من التقارير السابقة من هيئة مكتب المجلس، تنطوى على أربع شكاوى من نواب دعم مصر، ومن وكيل مجلس النواب.
وبصرف النظر عن رأى النائب الحريري بأن إجراء إحالته للجنة القيم مخالف بدوره للائحة المجلس، نظرا لأن قرارا مثل هذا لا يأتى من هيئة المكتب مباشرة إلى لجنة القيم، بل يتعين أن يقر من المجلس وليس من هيئة مكتبه،فإن السؤال الذى لم أجد له إجابة فى تلك الأزمة هو لماذا اعتبر رئيس المجلس قول النائب له بالخروج على اللائحة عملا مستفزا ومخالفا للتقاليد البرلمانية، مع أنه من الأمور المعتادة فى أى مناقشات برلمانية،،وكان يمكن للدكتور عبد العال أن ينهى الأزمة بالسماح للنائب، بقراءة النص الذى يشير إلى خروج قيادة البرلمان عن اللائحة، فقد يكون –مثلا- مخطئا فى تفسير نصوصها.
ولأن رد فعل الدكتور على عبد العال الغاضب، كان مبالغا فيه،فقد يكون إعلان الدكتور صلاح حسب الله وكيل لجنة القيم،تأجيل اجتماع اللجنة الذى كان مقررا عقده الأسبوع الماضى للتحقيق مع هيثم الحريرى مناسبة للتهدئة، وغلق هذا الملف وإهماله، لأن الاستمرار فى فتحه، يمنح الرأى العام الانطباع السلبى، بأن صدر قيادة البرلمان بات يضيق بأصوات المعارضة المحدودة داخل مجلس النواب، وأن تعقبهم والتضييق عليهم من كلمة هنا،وموقف هناك،أصبح هدفا،وأن التلويح بالفصل قد أضحى من الاسلحة التى يتكرر إشهارها فى وجوههم. وما يعزز ذلك الانطباع أن لنواب دعم مصر أغلبية مريحة داخل المجلس، تسهل لهم تمرير السياسات والتشريعات التى تتقدم بها الحكومة،وأن بضعة أصوات معارضة لن تتمكن من عرقلة ذلك.
ولعل قرار تأجيل التحقيق مع النائب الحريرى، أن يكون خطوة لمحو ذلك الانطباع، وأن يكون منطويا على معنى، أن الأمر برمته لم يكن يستحق كل ما أحدثه من ضجيج فى الداخل والخارج.وأن الحكمة قد تغلبت فى النهاية، على لحظات غضب عابرة،ساعد المتطوعون فى تمديدها، ظنا منهم أنهم يدعمون رئيس المجلس،بينما هم يشوهون صورة العمل البرلمانى،ويضرون به أبلغ الضرر!.

التعليقات متوقفه