عقب تسوية النزاع بين «عمر أفندي» ومؤسسة التمويل الدولية: هل تنجح الحكومة فى تحقيق شعار «عمر أفندى راجع»؟

348

أكد خبراء الاقتصاد وعدد من العاملين بشركة “عمر أفندى”، أن قرار الحكومة ممثلة فى وزارة المالية، بضمان الشركة القابضة للتشييد والتعمير بالوفاء بالتزاماتها الناشئة عن تسوية النزاع القائم بين شركة عمر أفندي (التابعة لها) ومؤسسة التمويل الدولية (IFC)، فى المديونية التى تقدر بـ 35 مليون دولار، لن تحقق أهداف حملة “عمر أفندى راجع”، إلا بوضع استراتيجية واضحة وبجدول زمنى لتطوير جميع الفروع التابعة للشركة فى المحافظات المختلفة، وضمن خطة تشارك فيها جميع الجهات المعنية لتطوير شركات قطاع الأعمال ككل.

وقد وافق مجلس النواب، نهائيا على مشروع قانون مُقدم من الحكومة بهذا الشأن، حيث ينص مشروع القانون على أن يؤذن لوزير المالية نيابة عن الحكومة فى ضمان الشركة القابضة للتشييد والتعمير بالوفاء بالتزاماتها الناشئة عن تسوية النزاع القائم بين شركة عمر أفندي التابعة لها ومؤسسة التمويل الدولية (IFC).
وأوضحت الحكومة فى المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون بشأن الأزمة الناشئة بين شركة عمر أفندي ومؤسسة التمويل الدولية، أن الشركة سبق أن اقترضت مبلغ 35 مليون دولار أمريكي من مؤسسة التمويل الدولية وتعثرت فى السداد ولجأت (IFC) فى اتخاذ إجراءاتها القانونية والدخول فى مرحلة التحكيم الدولي، ما قد يضر بسمعة مصر دوليا.
إجراء روتينى
وفى هذا السياق، يرى د. رشاد عبده، الخبير الاقتصادى، ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والسياسية، أن هذا الإجراء والذى قامت به وزارة المالية، يُعد إجراء روتينيا، طالما أن الشركة أصبحت تابعة للدولة، موضحًا أن التسديد جاء نظرًا لتراكم هذه الديون، وكان يجب على الحكومة وضع حد لذلك، مشيرًا إلى أن الدولة مثلة فى وزارة المالية أصبحت هى صاحبة رأس المال، بعد عودة الشركة، وبالتالى تستطيع دعم هذه الشركات خلال الفترة القادمة لكى تتحول من شركات خاسرة إلى تحقيق الأرباح.
وشدد الخبير الاقتصادى، على ضرورة وجود نظرة مغايرة لشركات قطاع الأعمال لما كان يتم خلال الفترة الماضية، مؤكدًا على أن إعادة الشركة لسابق عهدها مرة أخرى يجب أن يكون جزءا من رؤية شاملة لتطوير شركات قطاع الأعمال ككل، ومع وجود إرادة حقيقية وكوادر قادرة على القيام بالخطط الموضوعة، مشيرًا إلى أن هذا القطاع يعتبر هو عصب الاقتصاد المصرى، ولذلك فإنه يجب أن تكون سياسات الدولة الكلية تشارك فى النهوض بهذا القطاع.
ولفت، إلى أن هذه الخطوة لن تكفى وحدها لإعادة شركة عمر أفندى إلى سابق عهدها، فمازال هناك ديون داخلية على الشركة أيضًا، مطالبًا بضرورة وجود قيادة للشركة لها رؤية واضحة حول كيفية النهوض بها، فضلا عن ضرورة وجود سياسة ثابتة مستقرة تجاه هذا القطاع ككل.
تسوية
وفى سياق متصل، أكد جمال أمين الديب، منسق ائتلاف منقذي عمر أفندي، أنه كان لزاما على الحكومة تسديد هذه المديونية، موضحًا أن هذا الإجراء لن يكون له تأثير مباشر على الشركة من ناحية إجراءات التطوير، مشيرًا إلى أنه فى نهاية الأمر سيكون تسديد هذا المبلغ، هو بمثابة دين على شركة “عمر أفندى” للحكومة والتى تقوم بأخد حقها عن طريق بيع الأراضى والأصول غير المستغلة التابعة للشركة وغيرها من الطرق المماثلة، مؤكدًا أن ضخ الأموال من قبل الشركة القابضة هو فى الأساس يعتبر بمثابة مديونية على شركة عمر أفندى، مشددًا على أن المراحل القادمة هى الأهم، وهى تسوية النزاعات بين الشركة وبين المستثمر جميل قنبيط، لأنه وحتى الان لم تتم هذه التسوية، مطالبًا بأن تندرج حقوق العمال خلال هذه الفترة فى التفاوض، حيث أنها تصل إلى 46 مليون جنيه، وهى عبارة عن بدل رصيد الإجازات للعاملين منذ عام 2006، علاوة 2008.
التطوير
وحول تطوير فروع الشركة، قال إن تغيير لوجو الشركة وحده لا يكفى، موضحًا أنه ما تم من تطوير، هو تطوير فرعين تابعين فقط، وتم أيضًا ضخ منتجات فى الفروع، ولكن لكى يعود عمر أفندى للمنافسة فى السوق مرة أخرى فى ظل شراسة القطاع الخاص، فالشركة بحاجة إلى العديد من الأمور، وأهمها إعادة تأهيل جميع الفروع والتى ستتطلب 80 مليون جنيه تقريبا، وتكون هناك استراتيجية واضحة بتطوير فرع تابع للشركة كل ثلاثة اشهر على سبيل المثال.
وكذلك فإنه لابد من وجود إدارة متخصصة، وضخ عمالة شابة فى جميع الفروع، وتطويرها طبقا لاستراتيجية واضحة، متابعًا أنه تم عمل “كول سنتر” للرد على العملاء، وكذلك حملة إعلانية فى محطات المترو ووسائل الإعلام، شعارها “عمر أفندى راجع”، موضحًا أن العملاء عند دخولهم الفروع سيكتشفون حقيقة مغايرة وهى أن الوضع مازال كما هو عليه،
وطالب من وزير قطاع الأعمال، بضرورة التركيز على تطوير الشركة وخاصة أنه كان أحد أهم أقطاب لجنة تطويرها، قيبل تعيينه وزيرًا لهذا القطاع، مطالبين الوزير بضرورة اختيار قيادات شابة تعود بشركة عمر أفندى إلى أن تكون قاطرة النهوض بالتجارة الخارجية.
العمالة
وفيما يخص أوضاع العمالة بالشركة، فقد تم رفع دعوى لتعديل الحد الأدنى للأجور ليتناسب مع الوضع الحالى، موضحين بأن جدول الأجور الموجود الان متدن جدًا ومطالبين بالتساوى مع زملائهم فى الشركات المماثلة، وقد قررت الدائرة الأولى مفوضين بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، حجز دعوى الحد الأدنى العادل للأجور المرفوعة من عمال شركة عمر أفندي لكتابة التقرير القانوني. وقدم الدعوى من العاملين محمد لبيب، جمال الديب، علاء عمران، هالة عبد العزيز، للمطالبة بانعقاد المجلس القومي للأجور، لوضع حد أدنى عادل للأجور يتناسب مع متطلبات الحياة المعيشية.
وقال محمد لبيب أحد مقدمي الدعوى، إن طلباتنا فى الدعوى رقم 54855 لسنة 71 قضاء إداري، طلبات مشروعة، وهي وسيلة لتحقيق هدف تحسين معيشة العاملين لمن هم من أصحاب الدخول المتدنية.
وأضاف لبيب أنه تم تقديم حافظة مستندات فى جلسة سابقة مشمولة بقرار رئيس الوزراء رقم 983 لسنة 2003، بشأن إنشاء مجلس قومي للأجور، الذي جاء فى مادته إجراء الدراسات اللازمة على المستوى القومي، لإعادة النظر فى الحد الأدنى للأجور مع مقترحات دورية لا تتجاوز ثلاث سنوات على الأكثر.
انتخابات النقابة
فلم تظهر نتيجتها حتى الان ومن المقرر إعادة الانتخابات مرة أخرى، وهناك اجتماع مرتقب مع عدد من العاملين ورئيس النقابة العامة للعاملين بالتجارة، محمد وهب الله، وذلك للمطالبة بتشكيل لجنة من العاملين بالشركة، لإدارة أعمال اللجنة النقابية لحين تحديد موعد لإعادة الانتخابات،
ومن المقرر أيضًا تقديم مذكرة إلى وزير قطاع الأعمال، هشام توفيق، تتضمن مطالب العاملين ومنها تنفيذ الأحكام الصادرة فى عام 2008 او عمل جدول زمنى لها، أن يتم وضع استراتيجية واضحة لتطوير الفروع، وأن يكون للعمال دور فى ذلك ولا يتم تهميشهم، وإلغاء استقدام المستشارين.
مديونيات
رئيس مجلس إدارة شركة عمر إفندى، اللواء أيمن سالم، كان قد أكد فى تصريحات سابقة له، أنه تم إسقاط 235 مليون جنيه من ديون الشركة، عبارة عن 120 مليون جنيه فوائد بنوك و115 مليون جنيه ضرائب.، مضيفًا أنه تم خفض الخسائر من 77 مليون جنيه العام المالى 2015-2016، إلى 55 مليون جنيه العام المالى الماضى، وأن إيرادات الشركة زادت من 66 مليون جنيه إلى 120 مليون جنيه. وأشار سالم أن إيرادات السبعة أشهر الأولى من العام الحالى بلغت 125 مليون جنيه، مؤكدًا أنه تم تسوية كل المديونيات مع الموردين ويتم سداد أكثر من مليون جنيه شهريا لهم بخلاف 15 مليون جنيه من التوريدات الجديدة.
هيمنة
وتأسست النواة الأولى لسلسلة فروع “عمر أفندى” فى عام 1856، بشارع عبد العزيز بوسط القاهرة على يد “أودلف أوروزدي”، لتلبية احتياجات العملاء من المصريين والأجانب فى هذا الوقت، وبدايةً من عام 1900 قامت الشركة بعمل توسعات جديدة حيث قامت بافتتاح ستين فرعًا بمختلف أنحاء مصر. وهيمنت “عمر أفندى”، لفترة طويلة على سوق البيع بالتجزئة، وتميزت بالجودة واعتدال الأسعار، وانتشرت فروعها على كل مدينة وبلدة كبرى فى مصر، حيث أصبحت فى عام 1920 تعرف بالاسم الحالى لها، و”عمر أفندى” تعتبر أحد أوائل العلامات التجارية فى مصر والشرق الأوسط كما أنها أول كيان للبيع بالتجزئة فى المنطقة كلها، وفى عام 1975، تم تأميمها لتصبح ملكًا للدولة، وشاهدًا على عظمة التاريخ المصرى فيما يخص الرواج التجارى، والذى لم يدم طويلًا.
جريمة لا تغتفر
وفى عام 2005 أعلنت الحكومة عن بيع عمر أفندي لشركة أنوال السعودية المملوكة لرجل الأعمال جميل القنبيط بقيمة 560 مليون جنيه، بعد توجه الحكومة فى هذه الفترة برئاسة أحمد نظيف، نحو تصفية القطاع العام وتعمد تخسير الشركات المنتجة حتى تكون هناك حجة لبيعها، لتدخل شركة عمر أفندى النفق المظلم، وتعتبر جريمة فى حق الوطن لا تغتفر. وبدأت الأزمات بحصول “القنبيط” على قرض من مؤسسة التمويل الدولية بقيمة 40 مليون دولار ثم توالت الدعاوى القضائية. وقبيل ثورة 25 يناير 2011، قضت محكمة القضاء الإداري بعودة الشركة مرة أخرى للدولة ممثلة فى الشركة القومية للتشييد والتعمير، وبالرغم من ترحيب الشركة القومية للتشييد والتعمير بعودة عمر أفندي إلا أنها أكدت فى وقتها على صعوبة تشغيلها نظراً لعدم توافر السيولة المالية اللازمة لإحياء فروعها مرة أخرى، حيث تحتاج الشركة لضخ استثمارات تتجاوز قيمتها الـ 500 مليون جنيه لكى تبدأ فى التعافى مرة أخرى. وبالتطرق للعنصر البشرى فبعد أن كانت الشركة يعمل بها أكثر من 6000 موظف، أصبحوا الآن لا يتعدوا 2500، وأوضاعهم سيئة جدًا.

التعليقات متوقفه