تراب الماس القاتل

257

هل من الممكن أن يأخذ الناس حقوقهم كلها بيديهم؟. وهل ممكن للحل الفردي،،ان يكون بديلا عن القانون! وماذا لو عجز القانون عن الوصول للمجرمين،،او الرؤوس الكبيرة،،التي تحركهم ؟ عن القانون والتاريخ وأحداثه التي فرعت ظواهر ومسارات مؤلمة للبشر منذ الخمسينات وما قبلها فى مصر وحتي اليوم يقدم المخرج مروان حامد فيلمه ( تراب الماس) الذي يتعاون فيه للمرة الثالثة مع الكاتب أحمد مراد بعد فيلمى(الفيل الأزرق)،ثم ( الأصليين) فى عامي ٢٠١4ـ2017 وهاهو الفيلم الثالث للكاتب الروائي الذي تحول إلى كاتب سينمائى،مع مخرج مغرم بالتجديد،،وطرح كل ما يمتلىئ به الواقع من مفارقات ومحاذير بداية من فيلمه الاول القصير ( لي لي) المأخوذ عن قصة جريئة ليوسف أدريس الي فيلمه الطويل الاول ( عمارة يعقوبيان ) الذي أمتلا بمفارقات،،ونجوم، فى صورة قريبة لوصف التحولات العنيفة فى مصر من خلا ل عمارة فى وسط البلد وسكانها الذين يعبرون عن كل أنواع البشر وطبقاتهم،،بعدها قدم (ابراهيم الابيض) و(الفيل الأزرق)ثم (الاصليين) فى ست سنوات ليصل الي (تراب الماس) الان،،وليعيد طرح أفكاره عن العدالة حين لا تتحقق لبشر يواجهون مالا يقدرون عليه فى مواجهة الشر والفساد،،وهو طرح موجود بأشكال وقصص مختلفة من الفيلم الاول وحتي الاخير،،وان اختلفت أساليب الحكي والسرد،،واختلفت الطبقات،، وهنا نحن فى اطار طبقي اكثر وضوحا من خلال بطل الفيلم الشاب الصيدلي طه الزهار( آسر ياسين)،وأبيه المدرس المغرم بالتاريخ( احمد كمال ) وعمته الطيبة فايقة ( صابرين) وحيث يبدأ الفيلم بمشهد صادم لقتل الاب وضرب ابنه،،الذي يفيق ليحكي لنا،هو وصوت آخر. لمعلق،،قصة الاب الذي شهد مرحلة الانفتاح الاجتماعي المصري ووجود اليهود وصداقته للتاجر ليبتو( بيومي فؤاد) قبل ان تبدأ مخابرات اسرائيل العمل لافساد السلام الاجتماعي فى مصر وقتها،،وتنجح من خلال مؤامرة ( لاڤون) فى أحداث الشقاق بين المصريين،،وتأتي ثورة ٢٣ يوليو لكي تكمل هذا بعزل من عينه ضباطها رئيسا،،وهو اللواء محمد نجيب،، ليحل محله جمال عبدالناصر. ولتصبح القوة،بمظاهرها المتعددة هي الفيصل الحاسم لأي صراع،،وهو ما يطرحه علينا الفيلم من خلال مظالم عديدة واجهها (طه الزهار ) بدأت بقتل أبيه،،لنعرف ان الاب هو من بدأ بمحاولة قتل رجل المال والأعمال المشبوه محروس برجاس (عزت العلايلي ) باستخدام تراب الماس،،المادة التي حصل عليها من التاجر اليهودي،،قبل ان يفكر فى استخدامها كحل وحيد للخلاص من الإحساس بالقهر،وهو ما يدركه الابن متأخرا عن طريق البلطجي. الذي ارسله برجاس لقتل الاب،وأسمه السيرڤيس( محمد ممدوح ) وأهمية السرد هنا لأحداث الفيلم تأتي من خلال اعتماد مؤلفه على روايات مختلفة،بعضها لا يضيف شيئا للدراما،بقدر ما يشعرك بالاطالة وبأنه توجد رغبة لدي كل من المؤلف والمخرج فى ربط قصص وأحداث لمجرد اعلان وجهة نظرهما،،فالفيلم لن ينقص اذا ذهبت مرحلة الخمسينات وحكاية نجيب وناصر لان المتغيرات بعدها،تحتاج لفيلم أخر،،بل،افلام لتصل الي الفكرة التي طبقها طه على النحو الذي قدمه الفيلم الذي يبدو الأقرب هنا للفيلم الاول للمخرج (عمارة يعقوبيان) مع تغييرات فى أشكال الفساد والفاسدين من برجاس الكبير الي أبنه هاني( الممثل اللبناني عادل كرم ) والي ضابط الشرطة العقيد وليد سلطان (ماجد كدواني)،،وأخيرا الي بطلة الفيلم سارة ( منة شلبي) والتي استخدمت تراب الماس لتنتقم ممن أحبته بعد ان ادركت أنه يستخدمها ليزداد شهرة كمقدم برامج،،(أياد نصار)،، وليضعنا الفيلم امام أختيار لابد منه بين الانتقام الفردي،،او الخلاص ممن يسودون علينا حيّاتنا كما حدث لطه من برجاس وصبيه سيرڤيس الذي وضحت صلاته ايضا بالضابط الفاسد،،أو يضعنا امام التفكير فى القضية كلها بعيدا عن التراب القاتل،،وفِي الحالتين،،نحن امام لغز لا لغز فيه،،فالحل الفردي هو أمل ملايين الباحثين عن عدالة لا تتحقق بسبب الفساد واستخدام النفوذ والقوة ممن يملكونها،،مهما كانت عوراتهم ولكن،،هل هذا هو الحل ؟وهل على السينما ان تقدم الحلول لمآسي الواقع. أم تنبهنا اليها من خلال وجهات نظر صناعها،وربما تأتي أهمية الفكرة هنا من طرحها بأسلوب فني يدفعك للتأمل حين تصبح المشاهدة ممتعة لقدرة المخرج على حشد اصحاب قدرات فنية عالية،مثل مدير التصوير المبدع احمد المرسي،ومبدع الموسيقي التي شاركت فى البطولة هشام نزيه،ومصمم الديكور محمد عطية،ومصممة الملابس ناهد نصر الله،و اخيراً المونتير احمد حافظ،،،كلهم أبدعوا فى صناعة التفاصيل وصناعة مناخ او جو عام للفيلم،،أكتمل مع جهد وأجتهاد فريق التمثيل المبدع أحمد كمال وعزت العلايلي وبيومي فؤاد،،الي آسر ياسين وماجد كدواني وأياد نصار ومحمد ممدوح،، ثم الممثلات،،من صابرين الي منة شلبي،،ودوران غير مميزين لشيرين رضا وتارا عماد.

التعليقات متوقفه