اليوبيل الفضى لمهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى.. عروض تناقش قضايا الحرية فى العصر الحديث

183

يسدل مساء بعد غد الجمعة الستار على فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، وقد شاركت نحو 35 دولة بأكثر من 160 عرضا مسرحيا، ووقع اختيار إدارة المهرجان على سويسرا لتكون ضيف شرف هذه الدورة بمناسبة مرور 30 سنة على إنشاء المركز الثقافى السويسري بمصر.
أعاد المهرجان فى إطار إحياء ذاكرته تقديم خمسة عروض مسرحية فازت بجوائز كبرى على مدار 25 سنة هى “الطوق والأسورة” و”خالتي صفية والدير” و”قهوة سادة” و”كلام فى سري” و”مخدة الكحل”.
الإيقاع الساحر
تنوعت عروض المهرجان، وناقشت العديد من القضايا الساخنة التى يشهدها العالم الْيَوْمَ من حروب وكوارث ولاجئين وتطرف وإرهاب، وأيضا الاكتئاب والوحدة وضياع الهوية، ولعب الجسد دورا محورا فى معظم العروض، حركة الجسد والرقص شكلا مزيجا من الإيقاع الساحر، مع أنغام الموسيقى فى ظل غياب اللغة، ليكون الخيال محورا أساسيا فى كتابة تلك الجمل التي يكونها الراقصون على خشبة المسرح، والتي اعتمدت على الدقة والإتقان.
الخيال والحب
العرض المكسيكى “بلا أقدام أو رأس” إخراج كوي لان لاشينو، للكاتب المكسيكي جيمي شوبود، وفيه يحث الجمهور من الشباب على أهمية الدفاع عن أفكارنا كأفراد، من خلال ثلاثة ممثلين ومنصة خشبية لا تتعدي مساحتها مترا مربعا، تخبرنا الفرقة بقصة عالم شبيه بعالمنا حيث ينفذ ثلاثة من المنشقين خطة ينهون بها أعمال القمع والظلم للورد هيد الذي قرر أن يأكل كل العقول الموجودة على الكوكب فى محاولة منه لمصادرة التفكير الحر و الخيال و الحب والحرية.
فيما قدمت جورجيا عرض “الروعه” يدور حول الرقصات الوطنية لكل دولة، وتستغرق كل رقصة من دقيقتين إلى أربع دقائق. ويستطيع المتفرج خلال هذه الفترة القصيرة من التعرف على عادات تلك الشعوب.
مشاركة عربية
كما شهد المهرجان حضورا عربيا لافتا، حيث قدمت المغرب عرض “صولو” للمخرج محمد الحر وفق طرح دراماتورجي مقتبس عن رواية “ليلة القدر” للطاهر بنجلون، تناول العرض قضايا تحرر الذات، وإثارة أسئلة وجودية تشغل الإنسان انطلاقا من موضوع معاناة المرأة من السلطة المجتمعية بمختلف تجلياتها، داخل العائلة وفى تعاملها مع الآخر. وتحكي مسرحية “صولو” شهادة حية لشخصية “زهراء أحمد” التي تروي رحلة تحررها فى طقس صوفي، وتقدم نفسها كصاحبة شرعية لحكايتها التي تم تحريفها، وتؤسس لقواعد جديدة ستمكنها من تقديم شهادتها حول قصة امرأة عاشت ذكرا!!.
السكان الأصليون
كما قدمت فلسطين عرض “مروح ع فلسطين” للمؤلف نبيل الراعى، وهوعمل فني من قصص حقيقية تم اقتباسها من السكان الأصليين فى فلسطين بأماكن متنوعة من الأغوار الى المناطق المحاذية للجدار، فالمخيمات وصولاً الى تجمعات البدو، تدور أحداث المسرحية حول شخصية جاد والمولود فى الولايات المتحدة الأمريكية، والذي قرر ولأول مرة فى حياته زيارة وطنه، رغبة منه فى معرفة المزيد عن شعبه وهويته، ليكتشف أن الواقع يختلف كثيراً عما تراه فى نشرات الأخبار.
ضياع الهوية
بينما قدمت العراق مسرحية “رائحة حرب” للمخرج عماد محمد، تناول مجموعة من المشاهد تربطها حكاية واحدة عن رجل حرب سابق تحول إلى متطرف ديني، كما أوضح العرض فكرة الالتباس ونتائجه الكارثية عبر التطرف والإرهاب مما يؤدى لضياع الهويةً والمواطنة عبر الحروب، التى تدفع الشباب للهجرة عن طريق البحر، وكذلك التهجير القسري والنزوح على أساس عرقي، وفكرة تقسيم المنطقة العربية والخرائط الجديدة للمنطقة والاسلام السياسي والربيع العربى.
الهروب والحلم
فيما قدمت تونس عرض “الشقف” إخراج سيرين قنون ومجدى أبو مطر، احداثه مستوحاة من قصص وصور اللاجئين التي تنقلها يومياً وسائل الإعلام، ويسلّط الضوء على رحلة المهاجرين الهاربين من الموت، وتروى الشخصيات المهاجرة أحلامها وخيباتها وتتصارع من أجل البقاء والوصول إلى الضفة الأخرى، لاجئون جمعهم مركب صغير ليقتسموا الهروب والحلم… الهروب من الفقر ومن التطرّف ومن قسوة المجتمع … الهروب من بلاد نخرتها الحرب والساسة، الهروب من جحيم الواقع نحو جنّة الحلم، يفرّقهم الحدّ الجغرافى وتجمعهم معاناة إنسانية عميقة، يتّحدون ويختلفون ويتصارعون من أجل البقاء…هم الإنسان فى تناقضاته الأبدية فى رحلته بين الحياة والموت.. تبدأ الرّحلة و تتلاصق الأجساد و تتعالى الأمواج و كأنّها ترفض تقدّم هذا القارب المليء برائحة الخوف و الأمل. هنا تتعرّى الشخصيات وتتجلّى صراعات الذات الإنسانية بين معاناتها وكفاحها وأنانيّتها وتشبثها بالحياة.
الخيالات الشعبية
على هامش المهرجان عرض ضمن برنامج ذاكرة المهرجان أول مسرحية مصرية تحصل على جائزة بالمهرجان (جائزة أفضل إخراج فى الدورة الثامنة عام 1996) وهى مسرحية “الطوق والأسورة” للمخرج ناصر عبدالمنعم من إنتاج فرقة مسرح الطليعة التابع للبيت الفنى للمسرح.
“الطوق والأسورة” تدور أحداثها فى صعيد مصر حيث يصورالعرض معاناة الأسرة الفقيرة التي تعاني من الحرمان والفقر وتصبح ضحية للخرافات والخيالات الشعبية.
“الطوق والأسورة” عن رواية يحيي الطاهر عبد الله، ومن إخراج ناصر عبدالمنعم وبطولة فاطمة محمد على.
جماليات المسرح
كرم المهرجان الكاتب المسرحي الأمريكى ديفيد هوانج وهو ومؤلف أوبرالي وكاتب سيناريو وأستاذ أكاديمي للمسرح، اهتمت أعماله المبكرة بمشاكل الأمريكيين من أصول صينية وأسيوية، وتناولت التناقضات والصراعات بين المهاجرين الآسيويين القدامى والمهاجرين الجدد. وقد وصفه الناقد هيلتون ألس: بأنه أنجح كاتب مسرحيات صيني أمريكي أنجبته أمريكا.
كما كرمت مصممة الرقصات العالمية السنغالية جيرمين أكوجنى، التى تميزت بموهبتها فى الرقص، ونجحت فى مزج الأساليب الغربية الحديثة فى الرقص بالحركات والتقنيات التقليدية الأفريقية، وألفت وباشرت طباعة كتاب الرقص الأفريقي الذي يُعد المرجع العلمي الأم فى الرقص السنغالي.
كذلك كرم العالم المسرحي الألمانى هانز ثييز ليمان صاحب كتاب مسرح ما بعد الدراما الذي يتم تدريسه فى جامعة كينت بالمملكة المتحدة، ويُعد من الكتب الرائدة فى فهم وتذوق أشكال وجماليات المسرح المعاصر.

التعليقات متوقفه