بعد اتفاقية بيع «الخردة».. غموض حول مصير شركة الحديد والصلب.. المركزى للمحاسبات: عدم توافر المخزون الاستراتيجى من خام فحم الكوك أحد أسباب الخسائر

470

تسبب قرار وزارة قطاع الأعمال العام والشركة القابضة للصناعات المعدنية بإبرام تعاقد مع شركة حديد المصريين، لشراء الأخيرة الخردة التى تمتلكها شركة الحديد والصلب الوطنية، فى جدل كبير بسبب احتواء العقد على عدد من البنود التى لن تعود بالنفع على شركة الحديد والصلب، ومن الممكن أن تكون النواة الأولى للمضى نحو تصفيتها، فبين رفض سعر بيع الخردة، أو تفريغ شركة الحديد والصلب من كامل الخردة التى تمتلكها لصالح منافس لها فى السوق، فذلك يثير العديد من التساؤلات وخاصة قبل عقد الشركة الجمعية العمومية غير العادية يوم 10 من أكتوبر الجارى، للنظر فى استمرارية الشركة ومد أجلها.
المركزى للمحاسبات
وفى آخر تقرير للجهاز المركزى للمحاسبات، حول شركة الحديد والصلب وهو التقرير الخاص عن ميزانية الشركة فى 30 / 6 / 2018، متضمنا رد الشركة على بعض الملاحظات، فقد ذكر التقرير عددا من الملاحظات الخطيرة، ولكن كانت توصية هذا التقرير هى “وجود شك جوهرى فى قدرة الشركة على الاستمرار”.
التقرير والذى حصلت “الأهالى” على نسخة منه، قال إنه يتعين على الشركة دعوة الجمعية العامة غير العادية للنظر فى حل الشركة أو استمرارها، بعدما وصلت خسائرها إلى 5.6 مليار جنيه، مشددًا على عدم مطابقة معظم الأفران العالية للمواصفات. وجاء بالتقرير، أن خسائر شركة الحديد والصلب بلغت حتى يونيو الماضي نحو 4.7 مليار جنيه، بخلاف 900 مليون جنيه خسائر العام، ما يعني إجمالي خسائر بقيمة 5.6 مليار جنيه، وكشف التقرير أيضًا، أن إجمالي الخسائر تمثل نسبة 284% من رأسمال الشركة المصدر والمدفوع والبالغ 1.95 مليار جنيه، مما يتعين معه دعوة الجمعية العامة غير العادية للنظر فى حل الشركة او استمرارها، تطبيقًا لنص المادة 38 من القانون رقم 302 لسنة 1991 وهو قانون قطاع الأعمال العام. وتابع التقرير، عدم قدرة الشركة على سداد المتطلبات والالتزامات المالية، وهو ما يظهر فى تراكم المديوينات (3 مليارات جنيه لشركة الغاز، و9.9 مليون جنيه لشركة الكهرباء و318 مليون جنيه لشركة الكوك، وسكة حديد مصر 231 مليون جنيه) مضيفًا، أن شركة الحديد والصلب حصلت على نحو 50 مليون جنيه من الشركة القابضة للصناعات المعدنية لسداد مرتبات شهر أغسطس الماضي.
صفقة غير مجدية
ومن جانبه، أكد، المهندس سامى عبد الرحمن، رئيس مجلس إلإدارة السابق لشركة الحديد والصلب، إن بيع الخردة الموجودة بالشركة بهذا الشكل لم يؤت بالغرض من البيع، فشركة الحديد والصلب لن تحصل على مبلغ مجمع كمقدم تعاقد يساعد فى حل مشاكلها، حيث إن عملية البيع ستكون مجزأة، وبواقع 20 ألف طن شهريًا، وأن تتحمل شركة الحديد والصلب تجهيز هذه الخردة وشحنها إلى شركة حديد المصريين، وهناك غرامة قدرها 1000 جنيه على كل شاحنة تتأخر على الميعاد المحدد لها، موضحًا أنه كان يجب أن يكون هناك مقدم تعاقد لشركة الحديد والصلب حتى ولو بواقع 25% من إجمالى قيمة التعاقد.
وحول بيع الخردة لشركة حديد منافسة فى السوق، فيما ترفض إدارة الشركة القابضة ووزير قطاع الأعمال أى حديث حول إنشاء مصنع لحديد التسليح داخل شركة الحديد والصلب، يرى عبدالرحمن، أن المعنى فى هذا وواضح وصريح، موضحًا أن تصفية الشركة تماما من الخردة والتى تعتبر فى الأساس مادة خام، لها دلالات واضحة لما تمر به شركات القطاع العام حاليًا وكان أولها الشركة القومية للأسمنت.
وفيما يخص الجمعية العمومية المرتبقة لشركة الحديد والصلب والمقرر عقدها فى 10 من أكتوبر، فإن الميزانية الأولى كانت اعتماد الخسائر فيها 726 مليون جنيه، والخسائر كانت قد انخفضت بنسبة 3%، ولكن تم تغيير الميزانية وتم رفع الخسائر فيها إلى 899 مليون جنيه، عن طريق بند يسمى “مخصص إهلاك”، كان نظيره فى الميزانية السابقة 3 ملايين جنيه، وتم رفعه فى الميزانية الجديدة بما يوازى 48 ضعفا، موضحًا أن ذلك سيؤدى إلى أن تكون الشركة قد حققت خسائر للسنة الثانية على التوالى، وطبقا للقانون فإن ذلك يتيح للمسئولين إغلاقها.
وحول الخطة الموضوعة لتشغيل الأفران بطاقتها القصوى الحالية للتعرف على أى الخطط يتم انتهاجها للتطوير، أكد عبد الرحمن، أن هذه التصريحات غير واقعية، لأن الشركة الآن تواجه أزمات فى توفير الفحم رغم استيراده من الخارج، وذلك لأن شركة النصر لصناعة الكوك، من يوم 4 سبتمبر الماضى وهى لم تورد “فحم” لشركة الحديد والصلب، متسائلا كيف لشركة متعثرة فى توفير الفحم اللازم للتشغيل تقوم بعمل تجربة للأفران؟.
مسارات التطوير
وعلى الجانب الآخر، قال د. مدحت نافع، رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية، والتابعة لها شركة الحديد والصلب، إنه مستمر فى مسارات التطوير الخاصة بشركة الحديد والصلب، والتى بدأها، ومنها تركيز الخام، وتشغيل الحد الأقصى للأفران التى تعمل الآن، فضلا عن التصرف فى الأصول غير المستغلة ومنها الخردة الموجودة بالشركة من أجل تعويم الشركة ماليًا وسداد التزامتها وعلى الأقل الجارية منها. وتابع رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية، أنه عندما تعثر توريد فحم الكوك من شركة النصر للصناعات الكوك، تم تمويل شحنة مستوردة من الخارج، وهى تقدر بحوالى 33 الف طن من فحم الكوك، موضحًا أننا سننتظر فترة التشغيل الأولى للشركة بكامل طاقتها الموجودة، وعلى هذا الأساس سوف تقيم مسار التطوير الذى سنتخذه.
ونفى نافع، جميع التصريحات حول النية لتصفية شركة الحديد والصلب، مؤكدًا أننا لكى تعمل الشركة بنسبة 100% من طاقتها المتاحة حاليًا، وهى أن تعمل الأفران بكفاءة نسبية أعلى، وكذلك خطوط الانتاج التى تعمل بشكل اقتصادى نسبيا، وهذه القطاعات التى سنسعى لتشغيلها بكامل طاقتها، وهذا يتطلب عمل المحولات الاكسجونية، فهناك محول سيبدأ فى العمل مطلع شهر نوفمبر، وسنسعى لتشغيل المحول الأخر، وكذلك فإننا ننتظر التقرير النهائى حول تركيز الخامات، ومن المقرر الانتهاء من نهاية شهر أكتوبر.
وحول صفقة بيع الخردة لشركة حديد المصريين، أكد رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية، أن هناك شفافية فى صفقة بيع خردة المصنع ووضوح تام، ولا يوجد ما يستدعى أن نخفى شيئًا لأن المصنع مملوك لقطاع الأعمال، وبه عدد كبير من المساهمين، وهناك إفصاح للبورصة وشفافية ووضوح كامل.
إقالة
ويرى د. رشاد عبده، أن هذا القرار يستوجب عزل وزير قطاع الأعمال رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية، ورئيس مجلس إدارة شركة الحديد والصلب، معللاً ذلك بأن مثل هذا القرار يمثل هدرًا لثروات الدولة، فالشركة خاسرة فى العام المالى الماضى 745 مليون جنيه وفى العام الحالى وصلت الخسائر 900 مليون جنيه، موضحًا أن ذلك استسهال لجنى الأموال للتغطية على خسائر الشركة دون النظر إلى مستقبلها.
وتابع عبده، أن المشكلة الرئيسية التى تواجه شركات قطاع الأعمال العام حاليًا هو معالجة المسئولين الخلل الموجود بالشركات عن طريق إحداث خلل آخر.
إجراءات تصحيحية
وكانت شركة الحديد والصلب، قد أعلنت مؤخرًا عن الإجراءات التصحيحية التي أقرها مجلس إدارة الشركة لتصويب المؤشرات المالية التي انخفضت حقوق مساهميها عن 90% من رأس المال، موضحة فى بيان للبورصة أنها تهدف الوصول بالطاقة الإنتاجية للشركة إلى 102 مليون طن سنويًا، حيث تم تحديد الاحتياجات الفعلية والضرورية المهمة لتأهيل وتحديث الشركة بتأهيل المعدات القديمة، مضيفة أنه يتم حالياً إعادة هيكلة العمالة، لسد العجز فى الأماكن التي تعاني من النقص الشديد فى العمالة. وقالت، إن تراجع حقوق المساهمين عن 90% من رأس المال نتيجة تكبد الشركة صافى خسائر لعامين ماليين متتاليين.
رجال  الأعمال
وقد نشرت “الأهالى” فى عدد سابق لها تقرير أعدته هيئة الرقابة الإدارية موجه إلى وزارة قطاع الأعمال العام، حول الشركة، قد جاء به، أنه بالرجوع لبعض رجال الأعمال والمستثمرين العاملين فى مجال صناعة الحديد والصلب، قد أفادوا بالآتى: أن شركة الحديد والصلب تم انشاؤها فى الأساس بهدف توفير منتج الحديد للسوق المحلى، مستغلة فى ذلك خام الحديد المحلى المستخرج من مناجم الواحات البحرية وفحم الكوك كخامات للانتاج، إلا أن الشركة لم تحقق أى مكاسب منذ إنشائها ولا يتعدى انتاجها 8% فقط من إجمالى حجم السوق المصرى. وانتدب التقرير نائب رئيس شركة السويس للصلب، والذى أفاد بعدم جدوى تطوير مصنع الحديد والصلب، موضحًا أنه فى حال رغبة المسئولين فى استمرار تشغيل مصنع الحديد والصلب، فإنه يجب إعادة دراسة الجدوى الاقتصادية من استخدام خام الحديد المستخرج من مناجم الواحات البحرية فنسبة الحديد به لا تتعدى 45 إلى 48 %، وهى نسبة متدنية، ومشيرًا إلى اتجاه معظم دول العالم إلى الاعتماد على نسب كبيرة من المكونات المحلية فى صناعة الصلب، وهو الأمر الذى يستلزم معه توافر خام مناسب ذي جدوى اقتصادية، وهو مالا يتوافر حاليا لدى شركة الحديد والصلب. وأفاد التقرير، أن الإجراءات المقترح دراستها لإصلاح منظومة العمل بشركة الحديد والصلب، هو أولا إعادة تقييم أصول الشركة والبالغة 7 مليارات جنيه، وتحويلها إلى أسهم وطرحها للتداول، وبيع الأصول الثابتة غير المستغلة، وذلك لتوفير مصادر للتمويل بالتزامن مع خطة الإصلاح الفنية المطروحة.وكذلك إيجاد آلية للعاملين لمن تجاوز الـ 50 عاما، ومن لديهم أمراض مزمنة وبحاجة إلى عمل مخفف، وذلك بهدف خفض عدد العاملين إلى 4 آلاف عامل فقط، وتعيين ألف شاب من المهندسين الفنيين وعقد دورات تدريبية لهم.وأيضًا عقد اتفاقيات بيع للبيلت مع شركات الدرفلة مقابل توريد الفحم، ودراسة مشاركة القطاع الخاص بإضافة منتجات جديدة للشركة مثل  قضبان السكك الحديدية.. وجاء بالتقرير أيضًا، أنه من الأفضل للشركة فى حالة توافر الغاز الطبيعى، أن يتم تحويلها إلى استخدام طريقة اختزال مكورات الحديد بالغاز الطبيعى، مؤكدًا أنه فى حال عدم توافر الغاز الطبيعى، فإنه يجب البحث عن خامات حديد محلية بدرجة تركيز مناسبة، وفى هذه الحالة يمكن متابعة أعمال التطوير المزعمة.

التعليقات متوقفه