بعد الإعلان عن تقديم مشروع لـ «إنشاء مجلس قومى للأسرة».. هل يفتح البرلمان قضيةالطلاق الشفوى؟.. رفع سن الزواج لـ 21 عامًا وتحمل المسئولية ومكافحة الإدمان.. أولى الخطوات للخروج من الأزمة

262

تسعي اللجنة الدينية بمجلس النواب، إلى إقرار مجلس جديد متخصص يعتني بشئون الأسرة وإيجاد الحلول المناسبة لكل المشكلات التي تواجهها فى الوقت الراهن، خاصة ما يتعلق بالطلاق، النفقة، الرؤيا، والاستضافة، بالإضافة إلى القضايا المجتمعية التي تعاني منها الأسرة،، تفعيلاً من قبل المجلس للمادة 214 من الدستور الخاصة بالمجلس المتخصصة، وتلبية لدعوة الرئيس للمؤسسة التشريعية العمل على إيجاد حلول مناسبة للتحديات الراهنة ومنها أزمة الطلاق،

تحتل مصر المركز الثالث عالمياً فى معدلات الطلاق، بعد الأردن والكويت، بحسب الدراسات والإحصائيات الرسمية، بينما أشارت دراسة للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن عدد المطلقين بلغ 710 آلاف و850 نسمة، أي ما يعادل حالتي طلاق لكل ألف شخص، وسجلت محافظة القاهرة أعلى عدد لحالات الطلاق خلال العام الماضي، وتزيد الإناث المطلقات بنسبة 64.9% والذكور بنسبة 35.1%، وبلغت حالات الطلاق فى الحضر 60.7%، وفى الريف 39.3%.
ووفقاً لمركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء، فإن حالة طلاق واحدة تحدث كل 3 أو 4 دقائق تقريباً، وتبلغ جملة حالات اليوم الواحد 250 حالة، بينها حالات كثيرة تحدث عقب الزواج بعدة ساعات، وأخري بعد 3 سنوات فأكثر، فيما وصلت حالات الخلع أو الطلاق للضرر خلال 2015 إلى أكثر من ربع مليون حالة، مسجلة زيادة تقدر بـ89 ألف حالة عن عام 2014، و أن المحاكم تداولت نحو 14 مليون قضية طلاق خلال عام 2015 يمثل أطرافها 28 مليون شخص.
بدورها كشفت الإحصاءات التي تجريها الأمم المتحدة أن نسب الطلاق ارتفعت فى مصر من 7 % إلى 40% خلال نصف القرن الماضي، مشيرة إلى وصول عدد المطلقات إلى 4 ملايين سيدة.
بيت للخبرة
قال الدكتور عمرو حمروش، أمين سر اللجنة الدينية بمجلس النواب، إن المجلس القومي للأسرة، أحد المشاريع المزمع تقديمها لمجلس النواب، هو أحد آليات مواجهة المشاكل والتحديات التي تواجه الأسرة المصرية سواء استضافة، رؤية، طلاق ونفقة، مشدداً المجلس مستمد من المادة ٢١٤ من الدستور التي تحدثت عن المجالس المتخصصة سواء المجلس القومي لحقوق الإنسان، المجلس القومي للمرأة، المجلس القومي للأمومة والطفولة، والمجلس القومي للإعاقة.
وتابع حمروش، أن المجلس الجديد بمثابة بيت خبرة يضم أكاديميين ومتخصصين فى العلوم المختلفة والمرتبطة بالأسرة ومشاكلها سواء الاجتماع، النفس، لافتا إلى أن هناك موضوعات عدة ومشاكل باتت بحاجة إلى هؤلاء المتخصصين، ومنها أزمة الطلاق الشفوي وسيتم تحليلها ودراستها وإيجاد الحلول المناسبة لها خاصة وأن القانون بمفرده ليس كافيا لحل تلك المشكلات.
وشدد أمين سر دينية النواب، على أن المجلس سيترأسه وزيرة التضامن الاجتماعي، ويضم فى عضويته ممثلين لوزارات الصحة، الداخلية، والأوقاف، إلى جانب الأزهر والكنيسة، و ١٢ شخصية عامة متخصصة فى مجال الأسرة، مشيرا إلى أن هناك توقيعات ستجمع الأسبوع المقبل على أن يتم رفعه إلى الدكتور على عبد العال رئيس البرلمان، من أجل إحالته إلى اللجنة المختصة.
تكامل مطلوب
ورحب الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، بطرح مجلس النواب، مشيراً إلى أن المجلس الذي يجمع كل الخبرات والعلماء والمتخصصين من شانه أن يساهم فى بناء الإنسان وتشكيل وعيه، وحماية الأسر من الأخطار التي تهددها بالانفصال.
وقال الجندي، إن التكامل بين المؤسسات ضرورة، خاصة أن مشكلات الأسر المصرية عديدة ومتنوعة وتكامل المتخصصين يساهم فى تحقيق رؤيا شاملة لمواجهة تلك المشكلات كل فى تخصصه، لافتاً إلى أن زيادة معدلات الجريمة خاصة الجرائم الأسرية التي شهدها المجتمع فى الآونة الأخيرة، تدق ناقوس خطرٍ نحو المتغير الجديد فى طبيعة الأسرة، وتكامل الرؤية الدينية والاجتماعية والنفسية يبحث عن الأسباب ويضع الحلول التي من شأنها أن تضع العلاج الجذري فى ظل ما نسمعه عن تخطي الأزهر لـ600 حالة صلح أسري، ما يجعل هناك ضرورة لبذل مزيد من الجهد.
وشدد الجندي، على ضرورة أن يتبني المجلس الإشراف على الدورات التي تقام للمقلبين على الزواج، للدفع فى طريق بناء أسرة قوية متماسكة، والتوعية بأهمية الإنجاب، والحض على حماية الأطفال فى إطار الصراعات التي تجري بينهما، كيفية التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي وتجنب الشائعات، واحترم الرجل للمرأة، واحترام المرأة للرجل، وبيان عظمة العلاقات الأسرية وتقديسها.
التصادم مع الشريعة
بينما قالت الدكتورة فتحية الحنفي، أستاذ الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر، إن المجلس خطوة جيدة من قبل البرلمان، لكنها تفتقد لكثير من المعايير والأسس الواضحة التي من شأنها أن يبني عليها التصور فيما يتعلق بما سيكون عليه المجلس ورؤيته ومدي إلزامية قراراته، وتصادمها أو اتفاقها مع الشريعة الإسلامية التي يقوم عليها الدستور والقانون المصري، خاصة فى ظل تباين الرؤى الحالية المتعلقة بتباين الأفكار والأيديولوجيات التي يحملها أعضاءه، وعدم وجود طلاق بالنسبة للكنيسة الممثلة فيه، فى حين أنها جزء من شريعة المسلمين، مشيرة إلى أن المجلس فى الوقت الراهن عليه أن ينتهي من قانون الأحوال الشخصية وانتظار ما سيسفر عنه من مواد قد تمثل مرجعية للمجلس الجديد.
وأوضحت الحنفي، أن هناك كثيرا من المصطلحات المطروحة الخاصة بالرؤيا، والاستضافة تتنافى مع العلاقة الأبوية والأمومة التي تجمع بين الآباء والأبناء، أو بين الأمهات والأبناء، وإن حدث انفصال بين الزوجين، فستظل العلاقة والترابط قائم لا يمكن البناء على أنها منتهاه، فيكون الحديث عن لقاء غرباء بالأطفال وفرض وصاية متنافية مع تلك القيم والمشاعر الإنسانية والدينية، مشددة نرحب بالقوانين والمجالس التي تنطلق من الشريعة الإسلامية ولا تسعي للصدام معها، كما لا تعطي لحرية المرأة أكثر مما وضعت لها، حتى لا يحدث تغليب لتلك الحريات على الحدود المعلومة لتلك الحرية. وشددت أستاذ الفقه المقارن، أن هناك مجالس متخصصة، قائمة كالمجلس القومي للمرأة، ومجلس الأمومة والطفولة، يجب أن تفعل أدوارها وأن تتخلي عن مركزية القاهرة، وتقوم بجولات فى المحافظات وتستغل مقراتها المنتشرة فى النزول إلى الشارع والقيام بزيارات ميدانية، وأن تقوم بحملات كتلك التي يقوم بها الأزهر كـ» لم الشمل»، «وعاشروهن بالمعروف»، مؤكدة أن هناك أسسا ومعايير للاختيار يجب أن يعرفها الشاب والفتاة، والزوجان لضمان استقرار حياتهما واستقرار المجتمع، وأن نسلط الضوء على قيمة القدوة الحسنة للآباء والأمهات فى تربية الأولاد.
وأكدت أستاذ الفقه المقارن بالأزهر، أن تفعيل تلك المجلس إلى جانب المجلس الجديد كمجالس توعوية هو أمر واجب للحفاظ على الأسرة، لكن فى ضوء أسس ومعايير للعمل، تجنباً للتصادم مع الشريعة الإسلامية خاصة فى ظل تباين الأفكار، والحديث عن المرأة المتحررة دون قيد أو شرط.
يفتقر للمعايير
وأكد الدكتور على الأزهري، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر، أن فكرة إنشاء المجلس من القضايا غير الملحة فى الوقت الراهن، خاصة لافتقاره لمعايير الواضحة فى تحديد مهامه، وفى ظل وجود عدد من المجالس القائمة والمؤسسات المعنية بقضايا الأسرة والتي تسعي لمواجهة تلك الأزمات وعلي رأسها الأزهر، الذي يحتاج إلى المسارعة فى إخراج قناته المتخصصة التي من شأنها تحقيق الاستقرار الكامل للمجتمع سواء من خلال سد الطريق أمام الفتاوي المنحرفة، أو الحديث عن الطلاق ومواجهته والذي أصبح ينتشر كالسرطان فى المجتمع.
ولفت الأزهري إلى أن الأزهر قام بدوره فى معالجة قضية الطلاق، من خلال برامج التوعية التي يقوم عليها دكاترة ومتخصصون، خلاف ما يقوم به مجمع البحوث من قوافل تجوب المحافظات المختلفة، مشدداً نريد قوافل وحملات نوعية تجوب القرى والنجوع وتخاطب الشرائح والطبقات المختلفة للقضاء على الأمية والتحذير من خطورة تلك القضايا التي تهدد استقرار المجتمع.
وأوضح عضو التدريس بالأزهر، أن أسباب الطلاق معروفة للجميع سواء الأمية، الفقر، عدم الالتزام الديني، والإدمان، الأمر الذي يجعل من ابتكار المجالس غير مفيد فى الوقت الراهن، لكن مع ضرورة تفعيل دور المجالس الراهنة وتحقيق الشراكة والتعاون والتكامل بينهم للقضاء على الظاهرة، مع ضرورة العمل على رفع سن الزواج إلى 21 سنة كحل مناسب لأزمة الزواج والطلاق المبكر.
وزارة بصلاحية واسعة
من جهته، قال وليد عبد المقصود، المستشار القانوني لحملة أريد حلاً، إن طرح مجلس النواب بشأن الأسرة، نتفق معه ولكن بمسمي وزارة وليس مجلس، مشيراً إلى أن فكرة إنشاء مجالس جديدة أمر لا يمكن القبول به، خاصة وأن تلك المجالس لا تملك قوة فاعلة فى تحقيق المنشود منها سواء التواصل المباشر مع رئاسة الجمهورية أو الوزراء، أو تحقيق شيء يذكر يتعلق بالمشكلات الأسرية أو سن قوانين أو تنفيذها بصورة أو بأخرى.
وأشار عبد المقصود إلى أن مشاكل الأسرة المصرية سواء الحديث عن النفقة، الاستضافة أو الطلاق وغيرها من الأمور التي تصعب التعاطي معها من خلال مجلس لا يملك صلاحية فى أن يواجه أو يقرر أو يلزم، مشدداً على ضرورة أن يكون هناك وزير مختص بذلك الملف يتعامل معه بقوة القانون. وشدد عبد المقصود على ضرورة وضع منهج جديد ومادة تدرس بمختلف المراحل التعليمية تحمل «التربية الأسرية»، يقوم بوضعها علماء ومتخصصون من الأزهر، الاجتماع، والنفس، وغيرهم من أجل ضمان التوجيه الجيد وتوفير الحماية والضمانات الكافية لتكوين أسرة وفق أسس علمية ودينية سليمة من شأنها الاستمرار، مؤكداً ضرورة وضع دورات للمقلبين على الزواج من خلال جهة رسمية تمنح شهادات معتمدة تفيد صلاحية كلا الزوجين لتكوين أسرة مستقرة تبني على التفاهم والتأقلم وغيرها من الأمور، مع توجيه الأبناء من خلال المادة الجديدة على كيفية التعامل مع الانترنت وغيرها من الأمور المستحدثة وتوجيه بما يكفل له الحماية من الوقوع فى الخطر أو الانحراف.
عمل مجتمعى
واعتبر الداعية الأزهري الشيخ خالد الجندي، خطوة مجلس للأسرة بمثابة عمل مجتمعي متكامل، وخطوة على الطريق الصحيح لاحتواء الأزمات والمشكلات التي تعاني منها الأسر فى الوقت الراهن، لافتاً إلى أن هناك حاجة ماسة لبحث ظواهر وأسباب انتشار الطلاق والعنف وغيرها من الأمور التي باتت تؤرق حياتنا وتهدد استقرار المجتمع، مشدداً على أن المجلس مطالب بأن يكون عنصراً فاعلاً فى مجال توثيق الطلاق الذي يواجه حالة من الجمود والرغبة فى إتباع الماضي والبقاء فيه دون النظر إلى العصر ومتطلباته.
وأوضح الجندي، أن هناك أمورا يجب أن توضع نصب أعين المجلس المزمع إنشاؤه وهي أنه جاء ليحقق التكامل والوحدة والألفة ويرسخ لثقافة الأسرة الناجحة التي من شأنها أن تساعد على تقدم المجتمع والرقي بمصر، وتقوم على تربية أجيال صاعدة من شأنها أن تساعد فى نهضة هذه الأمة وجعلها منتجة متعاونة وبناءة.
وتابع، مازلنا متمسكين بأن عصر الطلاق الشفوي انتهى منذ عام 1931، والتمسك به حالياً عدم إدراك للواقع، خاصة بعد بيان هيئة كبار العلماء الذي صدر بشأن الطلاق فى حينه وكان هو والعدم سواء، حيث لم يخرج عن صيغة وعظية ودرس أخلاقي ومحاولة لتكفير منكره وإخراجه عن الدين، ولم يصلح لهذا الزمان، لافتا أنه سبب لكثير من المشكلات الراهنة وعائق أمام حركة تجديد الخطاب الديني، فالمرأة أكرم واكبر من أن تخرج من بيتها بكلمة رجل غير عادل لا يعي ما يقول، فالطلاق الموثق يمنع غير المنتسبين للحديث الديني بغير حق من عدم التدخل فى أمور النساء الخاصة، ويرفع من قدر المرأة ويحميها، فضلاً عن كونه عقد تثبيت للمرأة داخل بيتها، ولم يجعلها مرهونة بكلمة.

التعليقات متوقفه