ضد التيار: التنظيم المسلح لحركة النهضة

185

قال لي يوما أحد كبار السياسيين العرب، إن مصر أهدت البشرية حضارة عظيمة، لكنها بلتنا بجماعة الإخوان، التي تمد يدها الآن فى كل ما يحدث من خراب فى دول المنطقة.
جاءت الأخبار الأخيرة من تونس، لتؤكد أن الحركة الأم تتناسل بأفكارها وأهدافها وخططها فى كل مكان لنشر الخراب وتدمير الدول.
وأخيراً وبعد ضغوط مجتمعية استمرت نحو خمسة أعوام، فتحت السلطات القضائية التونسية ملف اغتيال المناضلين اليساريين « شكري بلعيد « و» محمد البراهمي «.
وبجانب الضغط المجتمعي تمكنت أجهزة الأمن من الكشف عن تفاصيل خطيرة لجهاز سري يقوم بالتدريب البدني والقتالي على وسائل القتل والاغتيال، ليثبت للجميع داخل تونس وخارجها، أن حركة النهضة، الفرع التونسي للإخوان، لا تختلف فى شئ عن التنظيم المؤسس، برفض المسار السلمي الديمقراطي لتطور المجتمعات، ورفض فكرة دولة المواطنة الديمقراطية، واستخدام الوسائل الديمقراطية كالانتخابات والاغلبيات المصنوعة كسلم للصعود إلى السلطة، ثم العودة سرا إلى التنظيم العسكري التي تشكله بعيدا عن أعين الأحزاب والسلطات التنفيذية والأمنية التي تدير البلاد، لتثبيت هيمنتها.
تمكنت حركة النهضة بالتلاعب والكذب والإدعاء، على امتصاص غضب ظهورها فى المشهد السياسي بعد سقوط نظام « بن على « فى يناير 2011 وفتح الباب أمامها للمشاركة السياسية، فمرة تعقد مؤتمراً تعلن بعده كذبا أن المعركة داخل المؤتمر قد انتهت بهزيمة الصقور لصالح المعتدلين، وهو ما لم يبرز فى أي من ممارستها السياسية بأي نحو. ومرة يقول رئيسها « راشد الغنوشي « بعد أن خلع ما يسميه الزي الإسلامي، مرتديا بدلة وكرافتة على الطريقة الأوروبية، إن الحركة سوف تفصل بين جانبها الدعوي وجانبها السياسي، وتواصل الحركة التصدي للضغوط المجتمعية، فتقبل ما ترفضه فى قوانين المواريث، التي دأبت على القول أنها فى صلب قوانين الشريعة.
نجحت حركة النهضة بالأغلبية فى الانتخابات البرلمانية عام 2014 فقادت الائتلاف الثلاثي الحاكم، الذي تحتفظ لجان البرلمان ممن يسيطر عليها أعضاؤها، على تقارير موثقة عن الدور الذي لعبته فى تدريب وتهجير عشرات الآلاف من الشباب التونسي للالتحاق بداعش فى سوريا وسيناء بمصر وربما فى غيرهما.
وحين سقط التحالف الثلاثي، وفشل تحالف النهضة مع حزب الرئيس « السبسي « نداء تونس، مضت الحركة فى تشكيل تحالف جديد، مع رئيس الحكومة « يوسف الشاهد «المنشق عن « نداء تونس « وتحريضه على العمل ضد الرئاسة، والمفارقة هنا ان الغنوشى كان يسعى فى نفس اللحظة لحل مشاكله مع نداء تونس، ورئاسة الجمهورية !.
ولعل الغنوشى قد أدرك الآن فشله الظاهر للوصول إلى ذلك، حين أعلن الرئيس التونسي القائد « السبسي» أن التحالف بين حركته نداء تونس وحركة النهضة الإسلامية فى الحكم كان خطأ منذ بدايته، وأن نتائج الانتخابات حتمت عليه التحالف معها، ولكن ليس بشروطها كما ان الأحزاب المدنية لم تكن تملك وعياً كافياً بطبيعة ودقة المرحلة.
فى تونس تجري الآن المطالبة من قوى سياسية ونقابية بتعديل دستوري وتعديل لقانون الانتخابات، وتشتعل المظاهرات التى يقودها اتحاد الشاغل ضد سياسية الحكومة الاقتصادية فى الوقت الذى تؤكد فيه القوي السياسية المطالبة بالتغيير، أن النظام السياسي الذي أقره الدستور،نظام معقد، يفرغ الانتخابات من محتواها، ويقود إلى التضارب بين السلطات، إذ أن سلطات البرلمان به، أعلى من سلطات رئيس الجمهورية، وأنه يسمح للأحزاب بالخلط بين الديني والسياسي. وتدعو بعض المنظمات اليسارية، لحل حركة النهضة المعادية للقيم الديمقراطية، وللتغيير السلمي للسلطة.
بالعودة للسياسي العربي أقول :
إن مصر فى الثلاثين من يونيو 2013 أكدت للعالم أيضا رفضها لحزب ديني فاشي يسعى للسيطرة على المنطقة وهو ما يتصدى له التونسيون الآن، استنادا إلى تاريخ مجتمعهم الحداثى والتنويرى.

التعليقات متوقفه