جماعة الإخوان من العنف العشوائى إلى الإرهاب المنظم.. «الإخوانية الجهادية».. عودة إلى أحضان الإرهاب

573

تغيرات كبرى شهدتها مصر منذ 25 يناير2011 وحتى وقت قريب، أفضت إلى تقارب بين استراتيجيات العمل التي تتبناها التيارات السلفية الجهادية بشكل خاص، وقطاعات من جماعة الإخوان الإرهابية، من أجل الوصول إلى أهدافهم.
هكذا قدم الدكتور محمد جمعة، الباحث فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، دراسته التي عنونها بـ “الإخوانية الجهادية… الأبعاد الفكرية والعملياتية”، من خلال رصد التغييرات التي تعرضت لها جماعة الاخوان خلال الأعوام الأخيرة، وتلاشي الحدود التحليلية الفاصلة بينها وبين التيارات السلفية الجهادية، وتشكل هويات جديدة على حدود وتخوم وهوامش هذه الحركات، بشكل سهل كثيرا من التعاون والتنسيق بين قطاعات داخل الإخوان الإرهابية، وقطاعات أخرى داخل مختلف التيارات السلفية، أو تنظيمات “السلفية الجهادية” التي تمارس العنف والإرهاب المسلح.

رصد الدكتور محمد جمعة تحولين رئيسيين لتيارات الإسلام السياسي بعد ثورة 25 يناير 2011، تمثل الأول فى التشكيل المفاجئ -عقب الإطاحة بمبارك– لأربعة، على الأقل، من الأحزاب السياسية السلفية جردت الإخوان من احتكارهم دور “الفاعل الإسلامي” الوحيد على الساحة السياسية الرسمية. وقد أحدث هذا الحراك قدرا كبيرا من التطور والتنوع الأيديولوجي داخل التيار السلفي، حيث اختلفت هذه الأحزاب الأربعة، وتفاوتت فيما بينها فى مدى تلاقيها أو افتراقها عن الإخوان المسلمين. وأضحت هذه التباينات أوضح بين حزبي “النور” و”الراية” من جهة، وحزبي “الوطن” و”الفضيلة” من جهاة أخرى.
ثورة يونيه
بينما تمثل التحول الثاني حسب الدراسة فى تلك الصدمة الإرتدادية داخل صفوف الإخوان، التي أحدثتها الإطاحة بمرسي عقب الثورة الشعبية فى يونيو2013. تلك الصدمة أفضت فى النهاية إلى حدوث تحول، بدرجة ما، داخل الجماعة باتجاه تبني العنف، أو بالأحرى العودة إليه من جديد. ومع إعادة تشكيل الهيكل التنظيمي للجماعة، شهد التنظيم تمكينا لمجموعة من الشباب لم يؤكدوا معارضتهم – وبوضوح – لجدوى مبدأ “اللا-عنف” وفقط، ولكن كرسوا هذا التوجه “الجديد– القديم” داخل الإخوان.
التصالح مع منهجية العنف
ويشير الدكتور محمد جمعة إلى التحول الثاني الذي تعرضت له الجماعة، من خلال تحليل عمليات التأطير الفكري التي حدثت لما يمكن تسميته “الإخوانية الجهادية”، عبر رصد “الاجتهادات” الفقهية والسياسية التي حدثت داخل الفصيل الإخواني، وأفضت إلى التصالح من جديد مع منهجية العنف.
أجناد مصر.. “العنف العشوائي” :
مثلت الإطاحة بمحمد مرسي يوم الثالث من يوليو2013 عقب ثورة شعبية كبرى، اللحظة التأسيسية للعودة من جديد إلى العنف داخل الحركة الإسلامية فى مصر. فمنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم السابق مباشرة لفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، كانت استراتيجيات العمل المسلح تتبلور فى الذهنية أو الوجدان الجمعي لأبناء وجمهور هذه التيارات، بصورة متصاعدة. إلى أن تفجرت عمليا فى سياق أحداث رابعة والنهضة ثم رمسيس، حيث ظهرت بالفعل فى مظاهرات رمسيس – آنذاك – مجموعات، صغيرة، حاملة السلاح أمام قسم شرطة الأزبكية “وسط القاهرة”. وقد تكرر ذلك مع تكرار خروج المتظاهرين من أبناء هذا التيار إلى الشوارع.
وتؤكد الدراسة أن المرحلة من أغسطس 2013 وحتى نوفمبر 2014، التي يمكن تسميتها بـمرحلة “العنف العشوائي” نفذت الغالبية العظمى من الهجمات “84% منها” عن طريق مجموعات مجهولة، وبمسميات غير معروفة من قبل. استهدفت أغلبها قطاع الأمن بإطلاق نار أو متفجرات بدائية. هذا بالطبع إلى جانب أنشطة الجماعات الجهادية التكفيرية، التي نفذت عمليات أخرى فى تلك المرحلة، مثل محاولة اغتيال وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم عن طريق تنظيم “أنصار بيت المقدس”، فى سبتمبر2013.
ويقول “جمعة” : “فى هذا التوقيت بدأ التقارب الفكري بين حزب الفضيلة وجماعة الإخوان، وكان مقدمة للتقارب على الصعيد العملي على الأرض بين الجانبين. فقد تحرك الحزب بالفعل باتجاه التقارب مع الجماعة وتماهى معهم بعد الإطاحة بهم من الحكم، ولجأ إلى دمج عناصر من السلفيين الجهاديين بين صفوفه. بل إن مؤسس الحزب، محمود فتحي، كان أول من دعا من أسطنبول إلى تشكيل ما سماه مجموعات المجهولين التي تتشكل من 5- 6 أفراد تكون مهمتها الاشتباك المسلح”.
أجناد مصر
هذه المواقف والدعوات يبدو أن مجموعات شبابية سلفية وإخوانية استلهمتها، بالتزامن مع زيادة انخراط بعض الجهاديين ممن سبق لهم القتال فى الخارج، وتحديدا هنا المدعو همام محمد عطية. ومن ثم ظهر تنظيم ما يسمى “أجناد مصر” الذي كان يُعد طوال الفترة من يناير 2014 حتى أبريل 2015 أنشط جماعة إرهابية عاملة فى مصر، خارج شبه جزيرة سيناء. فقد نفذ هذا التنظيم، الذي عمل فى نطاق منطقة القاهرة الكبرى، 31 هجوما قبل أن يدخل فى مرحلة صمت بعد مقتل زعيمه هشام عطية فى تبادل لإطلاق النار أثناء محاولة القبض عليه فى أبريل 2015. ويرى الدكتور محمد جمعة، أن الخط العام لهذا التنظيم كان يشير بوضوح إلى أيديولوجية السلفية الجهادية، حيث تكرار الإشارة إلى فقهاء مثل ابن تيمية، وتوظيف السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي لتبرير العمل المسلح ضد الدولة المصرية، فقد ساد انطباع لدى البعض بأنه فرع لتنظيم “أنصار بيت المقدس” خارج سيناء، إلى أن تبين خطأ ذلك. إذ لم يبايع التنظيم أبو بكر البغدادي كما فعل “أنصار بيت المقدس” فى نوفمبر2014. وبدا أنه مختلف كثيرا عن آراء وأفكار “ولاية سيناء” وجماعات سلفية جهادية أخرى.
القصاص حياة
كما عنون التنظيم عملياته بعنوان “القصاص حياة”. ويشير هذا إلى سمة أخرى مهمة لـــ”أجناد مصر”؛ فرغم أن الخط العام للتنظيم كان يعبر بوضوح عن الأيديولوجية السلفية الجهادية، إلا أنه لم يمارس التكفير. بمعنى أنه خلافا لغيره من الجماعات السلفية الجهادية، ظل “أجناد مصر” يدعو إلى “القصاص والثأر”، فى إطار الخط العام نفسه الذي يسير عليه الإخوان.
ويقول “جمعة” أن تنظيم “أجناد مصر” عمل كمفصل أو رابطة أيديولوجية بين الإخوان والسلفية الجهادية. فرغم هويته السلفية، فتح خطابه الباب أمام غير السلفيين للانخراط فى نشاطه المسلح. وبالفعل، هناك تقارير تشير إلى أن بعضا من عناصر الإخوان قد انضموا بالفعل إلى صفوف هذا التنظيم، وأصبح فى التحليل الأخير”كيانا هجينا” فى بنيته التنظيمية التي ضمت السلفى إلى جانب الإخواني.
العنف المنظم.. “الإخوانية الجهادية”
ترصد الدراسة بعد الثورة الشعبية التي قامت ضد حكم جماعة الإخوان، وأطاحت بمحمد مرسي فى 2013، تغييرات فى الموقف الإخواني إزاء قضية العنف. حيث يرى “جمعة” أن جماعة الاخوان وجدت نفسها فى مأزق أيديولوجي وهوياتي، دفعها إلى إجراء سلسلة من التغييرات التنظيمية والهيكلية. وجلبت إعادة الهيكلة تلك تزايدا فى قوة ونفوذ شباب الجماعة، الذين أصروا على تصعيد الصراع مع النظام الجديد.
وكان البيان الأشهر والمعبر عن جيل الشباب الذي لم يعد يرفض العنف فى مواجهة مؤسسات الدولة، هو “بيان الاستعداد”، والذي نشره موقع الإخوان الرسمي على شبكة الإنترنت “إخوان أون لاين” فى يناير 2015. فقد انطوى هذا البيان على تحريض واضح على العمل المسلح. كما أن إشادة البيان بتأسيس حسن البنا لـــ”التنظيم الخاص” كانت إشارة واضحة إلى ضرورة استخدام العنف. وفى هذا الإطار، شدد شباب الإخوان على أن لديهم تفسيرهم الخاص لتراث البنا يختلف عن تفسير الجماعة فى فترات ماضية.
وتشير الدراسة هنا الى أنه منذ العام 2015، تظاهرت قيادة الجماعة بأنها قد انحازت إلى رؤية الشباب، وبدأت فى إصدار فتاوى وبيانات تحض، بل وتقدم التأصيل الشرعي للعنف. وأوكلت تلك القيادة، إلى مجموعة من الفقهاء، بشكل غير رسمي، مهمة إصدار “دليل شرعي” حول قضية ممارسة العنف. وصدر بالفعل كتاب فى 93 صفحة بعنوان “فقه المقاومة الشعبية للانقلاب”، فى محاولة واضحة لتقديم اجتهاد، أو تبرير فقهي، يتصالح ومنهجية العنف.
نداء الكنانة
كما صدر فى 27 مايو 2015 ما يسمى بـــ “نداء الكنانة”. وهو بيان وقّعه العشرات من الشخصيات الإخوانية – من جنسيات مختلفة- ذات الخلفية بالعلوم الشرعية. حيث أقر هؤلاء الموقعون على ذلك البيان بشرعية اللجوء إلى العنف فى مواجهة مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية والعسكرية. بل وزادوا على ذلك بأن ادعوا أن من واجب المسلمين الديني مقاومة النظام الحالي فى مصر، الذي وصفه البيان بأنه “عدوّ للإسلام”، والعمل على “القضاء عليه بكل الوسائل المشروعة”. كما تضمن البيان ما يُعد تحريضا على قتل القضاه وضباط الجيش والشرطة وبعض الإعلاميين والسياسيين.
ويرى الدكتور محمد جمعة، أن هذا البيان شكل اجمالا الحلقة الثالثة (بعد كل من “بيان الاستعداد”، وكتاب “فقه المقاومة”) فى سياق عمليات التأطير النظري لــــ” الإخوانية الجهادية” عبر الاجتهاد السياسي والفقهي داخل “المدرسة الإخوانية”.
التدشين العملياتي
بالتزامن مع عمليات التأطير النظري لـــ” الإخوانية الجهادية” -على النحو الذي سبقت الإشارة إليه- كانت عمليات التدشين العملياتي لــــ” الإخوانية الجهادية” تجري على قدم وسابق، بما يعكس رغبة تنظيم الإخوان فى مغادرة مرحلة “العنف العشوائي” إلى مرحلة امتلاك القدرة على تنفيذ هجمات على مؤسسات الدولة. ففى الرابع والعشرين من يناير 2015، أعلنت خمس جماعات تحالفها وتشكيلها ما عُرِف بــ “تحالف حركة المقاومة الشعبية”. ويضم: حركة المقاومة الشعبية، وحركة حسم، وحركة العقاب الثوري، وحركة ثوار بني سويف، وكتيبة الإعدام.
الشرطة الهدف
ومنذ البداية ركز هذا التحالف فى عملياته على هدفين رئيسيين: عناصر وضباط الشرطة، خاصة أشخاص محددين. وأهداف اقتصادية، فى محاولة لإضعاف الدولة. ونشرت الجماعة قائمة بأسماء ضباط الشرطة، مصحوبة بصورهم فى فبراير 2015. وانخرطت فى حملة محددة بشكل أوضح، متبنية شعار هاشتاج “الحصار الاقتصادي”. وجاءت عمليات إحراق المصانع، وتدمير أبراج الاتصالات، وتفجير أبراج الكهرباء، لتتناسب مع هذا الهدف. وظلت صفحة “تحت الرماد” على موقع فيسبوك، تواصل “حتى 7 أبريل 2016” نشر أخبار هجمات شبكات هذا التحالف “أي حركة المقاومة الشعبية” وشعارها صورة مرسي يرفع علامة رابعة.
ورغم قلة المعلومات المتعلقة بمستوى التنسيق بين تلك الحركات التي انخرطت فى هذا التحالف، إلا أن الملاحظ من خلال أدائها أنها كانت أقرب إلى شبكة فضفاضة. والشاهد هنا أن هذه الحركات استمرت فى نشر بيانات باسمها المنفرد وبشكل مستقل عن كيان “تحالف حركة المقاومة الشعبية”. وكان مسمى “حركة المقاومة الشعبية” و”العقاب الثوري” ضمن ذاك التحالف هما الأكثر نشاطا بالمقارنة بالتنظيمات الأخرى داخل التحالف، حيث نفذا 43 من بين 93 هجوما إرهابيا منسوبا للتحالف، خلال الفترة من ديسمبر 2014 وحتى أغسطس 2015.
كما ترصد الدراسة العديد من المؤشرات على وصول جماعات إرهابية متعددة الأهداف والتوجهات إلى نقاط تقارب يمكن أن نُطلِق عليه “وحدة شبكية”، حيث تقاربت تلك الجماعات على اختلاف توجهاتها وأهدافها، وأصبحت أكثر تلاحما وتنسيقا. بل وحاولت أن تستلهم تجارب بعضها البعض، وأحيانا تبادلت الأدوار معا بشكل مثير، حتى ولو لم تتلق تدريبا مشتركا.
وأكد “جمعة” انه فى ذات الوقت الذي بدا فيه أنه لا فارق كبيرا –من الناحية العملية- بين من يقول بأن النظام كافر أو مرتد “كما هو طرح السلفية الجهادية” وبين من يقول بأنه نظام باغٍ “كما هو طرح الإخوانية الجهادية”.. هذا المعطى تبدت خطورته –آنذاك – بالنظر إلى الظهور المتزامن لتنظيم “الدولة الإسلامية – مصر” فى الوادي والدلتا، والذي كان قد أعلن مسئوليته عن هجمات فى ذات المنطقة التي تعمل فيها الخلايا النوعية للإخوان المسلمين، مثل الاعتداء على مبنى القنصلية الإيطالية وتفجير مبنى الأمن الوطني فى شبرا فى صيف عام 2015…إلخ.
خلايا داعش
وأكدت الدراسة أن ظهور تلك الخلايا التابعة لتنظيم داعش فى داخل منطقة القاهرة الكبرى كانت تعكس رغبة هذا التنظيم -آنذاك- فى أن يوطئ لنفسه موضعا أقوى فى مصر. ومن ثم، كانت احتمالات انضمام العشرات من شباب الإخوان إلى ذلك التنظيم كبيرة للغاية، خاصة من بين هؤلاء الأكثر غضبا وتطرفا، ولا يرضيه ما يسمى بـــ “الجهاد التدرجي” –وفقا لمفهوم دفع الفصائل– الذي يمارسه الإخوان. ولا تسعفه كذلك الإمكانيات المتاحة للإخوان فى مجال العمل المسلح، فى إشباع رغبته فى “الانتقام من النظام”.
اللجان النوعية
كما ترصد الدراسة التحول الواضح على أداء “اللجان النوعية” للإخوان فى تلك الفترة، سواء لجهة استهداف المدنيين، أو لجهة محاولة استلهام أسلوب ودعاية داعش فى سيناء. ويؤكد الدكتور محمد جمعة، إنه متى توافرت تلك السياقات التي يُتاح فيها التواصل والاحتكاك بين جماعات العنف الإخوانية، وعناصر السلفية الجهادية تكون الغلبة دائما للفريق الثاني. بمعنى أن تقارب الإخوان والسلفيين الجهاديين كان فى اتجاه واحد فقط، أي تبني الإخوان لــ”النهج الجهادي”. بما يؤكد المقولة الدارجة التي لطالما رددها الكثيرون بأن الإخوان كانوا دائما بمثابة “المفرخة” للجماعات الأكثر راديكالية.
تنظيم “حسم”…
يرى الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن انزياح وتفلت العشرات من عناصر “الإخوانية الجهادية” نحو خلايا وتنظيمات “السلفية الجهادية”، وكذلك نجاحات أكيدة حققتها أجهزة الأمن فى ملاحقة تلك المجموعات، يبدو أنه دفع القائمين على قيادة العمل الإرهابي المسلح داخل الإخوان، إلى اللجوء لمرحلة الكمون الحركي والعملياتي، منذ الثلث الأخير من العام 2015 وحتى منتصف عام 2016، بهدف محاولة “تجويد” مراحل الإعداد الحركي التنظيمي، وبناء هياكل سرية تنظيمية أكثر تقدما، مع تطوير مستوى الأهداف والتنفيذ، والظهور بصورة جديدة ومسميات مختلفة. وبالفعل فقد أعقبت مرحلة الكمون تلك، جملة من الهجمات الإرهابية العنيفة التي دللت على تطور نوعي وتكتيكي لهذه المجموعات. وبالتالي يمكن اعتبار حركتي “حسم” و”لواء الثورة” هما الامتداد المطور لسابقاتها، أو “الطبعة الثالثة” من “الإخوانية الجهادية”.
لواءالثورة
أما “لواءالثورة” فقد حاولت فى الرابع والعشرين من مارس 2018 استهداف مدير أمن محافظة الأسكندرية. وخلال العام 2017 نفذت الحركة حادث تفجير واحد، فى الأول من أبريل 2017، استهدف مركز تدريب تابع للشرطة فى محافظة الغربية، وأسفر عن إصابة 12، من بينهم ثلاثة مدنيين. وبلغ إجمالي ما قامت به “لواء الثورة” منذ ظهورها فى أغسطس 2016 وحتى أبريل 2018 (6) هجمات فقط.
مستقبل “الإخوانية الجهادية”
تشير الدراسة إلى أن “حسم” و”لواء الثورة” تمثلان نمطا جديدا من جماعات العنف والإرهاب متمايزا عن الحركة السلفية الجهادية فى الأيديولوجية، وفى الجمهور المستهدف، وفى الاستراتيجية المتبعة أيضا. وتؤكد أن هذه الأوجه الثلاثة من التباين ستحد فى النهاية من نفوذ هذه “الطبعة الثالثة” من “الإخوانية الجهادية”.
فعلى مستوى الأيديولوجيا تقدم هاتان الجماعتان تبريرا دينيا لاستخدام العنف عبر التشديد على مفهوم “صد المعتدي” أو “دفع الصائل”. ووفقا لهذا المفهوم، ذي الطابع الديني، “تجب مقاومة المعتدي” على نحو متدرج، بداية من أقل درجات العنف، مثل التهديد باستخدامه. إلا أنه وفى حالة ما إذا كان القتل فقط هو ما يوقف ذلك الاعتداء المفترض، فإن هذا المفهوم يمنح رخصة بقتل الشخص. هذا الإطار الأيديولوجي الجديد مختلف عن الأيديولوجية السلفية الجهادية، والتي تتكئ على مبدأ التكفير، كأساس للعمل المسلح ضد مؤسسات الدولة. والحاصل أن منهج هاتين الجماعتين لا يقوم على تكفير عناصر قوات الأمن، وتصر على ضرورة مواجهة مؤسسات الدولة ليس فقط بسبب عقيدتها بل بسبب ممارساتها.
أما من حيث الجمهور المستهدف، فتشير الدراسة الي سعي هاتين الجماعتين الإرهابيتين لعرض نفسها على جمهور يشمل كافة ما يطلق عليه بـــ”القوى الثورية” التي تعارض النظام السياسي الحالي، بصرف النظر عن موقعهما ضمن هذا الطيف السياسي المتنوع، والذي يشمل بعض الأقباط أيضا. بل إن “حسم” قدمت نفسها أيضا للأجانب، كما سبقت الإشارة.
كما أشار الدكتور محمد جمعة، الي المنافسة الشرسة التي تدور الآن بين الجماعتين “الجهاديتين” الرئيسيتين فى مصر، داعش والقاعدة، لجذب شباب الإخوان إلى صفوفهما. وبسبب اعتمادها على: تفسير أيديولوجي خلافى بدرجة كبيرة، وجمهور منقسم لا يقاسمها وجهات نظرها أو تكتيكاتها، وأيضا خطة عمل غير واقعية. فمن غير المرجح – حسب قوله- أن جماعات مثل “حسم” و”لواء الثورة” ستكتسب نفوذا أوسع داخل بيئاتها؛ ذلك أن طرح “السلفية الجهادية” يبدو قاطعا، وحديا مباشرا، لا ينطوى على حلول وسط. وأضاف أن خريطة الأعداء وترسانة الأهداف بالنسبة لداعش والقاعدة، تبدو واضحة ومحددة، والرأى بشأنها نهائيا لا لبس فيه، ولا مجال معه للمخاتلة. فى حين أن الأداء العام للإخوان المسلمين يغلب عليه دائما المراوحة على مستوى الفكر والممارسة، ويغلب عليه الخطاب المزدوج ومحاولات الجمع بين “مزايا” خيارات تبدو متناقضة أحيانا، ولا تنتهى. وكل هذا يمنح خطاب” السلفية الجهادية” جاذبية خاصة لدى شباب الإخوان الأكثر تهورا وتطرفا. ولهذا كله يبدو منطقيا القول بأنه لا مستقبل لــــ “حسم” أو “لواء الثورة” داخل “سوق الإرهاب”.
جماعات متشابهة
ومن ناحية أخرى يرى ماهر فرغلي، الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية ؛ أن الجماعات الإسلامية كلها بلا استثناء تشبه بعضها، موضحا أن القواعد الأساسية التي ترتكز عليها الجماعات الإسلامية سواء السياسية أو الإرهابية واحدة، لكن الاختلاف فى التطبيق فقط، وهو مايدفع بعض العناصر الإخوانية للانضمام للجماعات الإرهابية دون أي مشكلة، وكذلك “الجماعة” نفسها التي تدعي الوسطية تشجع بصورة غير مباشرة عناصرها للانضمام للدواعش ومختلف التنظيمات الإرهابية، وفى حالة ارتكاب هذه العناصر لجرائم إرهاب تخرج الجماعة وتتبرأ من هذه الأفعال.
وفى نفس السياق، أكد نبيل نعيم، القيادي السابق بتنظيم الجهاد، أن التعاون بين تنظيم داعش وجماعة الإخوان بات واضحا للجميع، مشيرا الى الكشف عن مشاركة أكثر من عنصر إخواني بين صفوف التنظيم، وكذلك وحدة الأهداف التي أعلنتها الجماعة من خلال منصاتها فى رابعة العدوية والنهضة وأيضا منابرها الإعلامية، وهو ما يتفق مع ما تعلنه داعش طوال الوقت، مؤكدا أن هناك اتصالات تجري بين الجماعة والتنظيمات الإرهابية وهناك تنسيق بينهم على أعلى مستوى.

التعليقات متوقفه